موقع الفرقان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دعاء من أصابته مصيبة ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2) دعاء الهم والحزن ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء دعاء الغضب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4 دعاء الكرب لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3 دعاء الفزع لا إله إلا الله متفق عليه ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5 من استصعب عليه أمر اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106 ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1) مايقول عند التعجب والأمر السار سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8 في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3 دعاء صلاة الاستخارة قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8 كفارة المجلس من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3 دعاء القنوت اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428 مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1 الدعاء قبل الجماع لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه الدعاء للمولود عند تحنيكه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي) ما يعوذ به الأولاد أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6 من أحس وجعاً في جسده ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4 مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10 تذكرة في فضل عيادة المريض قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1 مايقول من يئس من حياته اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4 كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه من رأى مببتلى من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3 تلقين المحتضر قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2 الدعاء عند إغماض الميت اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2 مايقول من مات له ميت مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2 الدعاء للميت في الصلاة عليه اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159 وإن كان الميت صبياً اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً عند ادخال الميت القبر بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1 مايقال بعد الدفن كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل دعاء زيارة القبور السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2 دعاء التعزية .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

شاطر
 

 سقيفة بني ساعدة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

سقيفة بني ساعدة Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

سقيفة بني ساعدة Empty
مُساهمةموضوع: سقيفة بني ساعدة   سقيفة بني ساعدة Emptyالأحد 14 سبتمبر 2014 - 19:08

لماذا سارع الصحابة إلى السقيفة وانشغلوا بذلك عن دفن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟

كان هناك منافقون يتربصون بالمسلمين الدوائر (النساء141) شرقوا بالإسلام وقالوا للذين كفروا سنطيعكم في بعض الأمر (محمد26) وقالوا لهم: ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين (النساء141).
فكيف لا يسارع الصحابة إلى ملأ الفراغ الذي تركه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فرحمهم الله على هذه المسارعة لتجنيب الأمة الفتنة التي تترتب على إهمال هذا الأمر.
قصة سقيفة بني ساعدة
... جاء في سيرة ابن هشام: [قال ابن اسحق: قال الزهري: وحدثني "عبد الله بن كعب بن مالك" عن "عبد الله بن عباس" قال: خرج يومئذ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - على الناس من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له الناس: يا أبا حسن، كيف أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أصبح بحمد الله بارئا، قال: فأخذ العباس بيده ثم قال: يا علي، أنت والله عبد العصا بعد ثلاث، أحلف بالله لقد عرفت الموت في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما كنتُ أعرفه في وجوه بني عبد المطلب، فانطلق بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن كان هذا الأمر فينا عرفناه، وإن كان في غيرنا، أمرناه فأوصى بنا الناس. قال: فقال له علي: إني والله لا أفعل، والله لئن مُنِعْناه، لا يؤتيناه أحدٌ بعده] (1) هذه الرواية ذكرتها أيضا عدة مصادر تاريخية أخرى (2).
__________
(1) سيرة ابن هشام: ج 4 / ص 332 (من طبعة محمد محيي الدين عبد الحميد) أوالصفحة 654 من الطبعة التي حققها مصطفى السقا والأبياري والشلبي، وهي التي سأوثق منها دائما فيما بعد. (مت)
(2) أنظر مثلا كتاب: الطبقات الكبير (الكبرى) للمؤرخ الشهير ابن سعد (توفي سنة 23. هـ.) حيث روى بسنده نفس هذه الرواية ثم روى عدة روايات تؤدي نفس معناها بألفاظ مختلفة ومن وجوه أخرى عن الشعبي وعن زيد بن أسلم وعن فاطمة بنت الحسين: ج 2 / القسم الثاني، ص 38، من طبعة ليدن (هولاندا). وكذلك انظر تاريخ الأمم والملوك للطبري: ج 2 / أحداث سنة إحدى عشرة. (مت)
... ما اتفق عليه جميع المؤرخين وكتَّاب السيرة هوأنه لما ارتحل رسول الله صلىالله عليه وآله، شُغِل أهل بيته بأمر تجهيزه وتكفينه وكان في مقدمتهم حضرة علي بن أبي طالب والعباس عم الرسول صلىالله عليه وآله وأولاد العباس، كما كان حاضرا معهم في بيت رسول الله (صلىالله عليه وآله وسلم) الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله، وقد أغلق باب البيت أمام الآخرين. أما بقية المهاجرين وبعض الأنصار مثل أُسَيْد بن حُضَيْر فقد اجتمعوا حول أبي بكر في مسجد رسول الله (صلىالله عليه وآله وسلم)، إذ جاءهم رجل، على غير انتظار، يخبرهم أن طائفة من الأنصار على رأسهم "سعد بن عبادة" قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، وأنهم في صدد تعيين خليفة لإمامة وحكومة المسلمين فإن كان لكم بأمر الناس (أي بأمر الرئاسة والحكم) حاجة فأدرِكوا الناس قبل أن يتفاقم أمر الأنصار (1)، عند ذاك ترك عمر وأبو? بكر (رضي الله عنهما) حضور مراسم الدفن وأوكلوه لمن له الكفاية لذلك من أهل بيته صلىالله عليه وآله ـ إذ لم يكن بعد قد فُرِغَ من تجهيزه ودفنه صلىالله عليه وآله وكان أهل بيته قد أغلقوا باب بيته صلىالله عليه وآله دون الناس ـ وهرعا مسرعين إلى سقيفة بني ساعدة إثر وقوفهما على خبر اجتماع جماعة الأنصار فيها، وسرعان ما وصلا إلى السقيفة ليجدوا الأنصار قد عصَّبوا "سعد بن عبادة " - رضي الله عنه - بعصابة وأجلسوه في وسط السقيفة، وكان يخطب فيهم، إلا أن صوته كان ضعيفا لشدة مرضه، فكان ابنه قيس بن سعد، ينقل كلامه جملة جملة بصوت مرتفع للمجتمعين (2).
__________
(1) أنظر سيرة ابن هشام ج 4 / ص 656 (القاهرة، بتحقيق السقا والأبياري والشلبي) (مت).
(2) أنظر "الإمامة والسياسة " لابن قتيبة، ج 1 / الصفحة 12 (القاهرة، بتحقيق الد. طه محمد الزيني) (مت)
... وقبل أن ننقل خطبة سعد بن عبادة، لا بد أن نشير إلى أن بعض الروايات تذكر أن أبا بكر كان ـ غداة ارتحال رسول الله (صلىالله عليه وآله وسلم) ـ في قرية من القرى المجاورة للمدينة تدعى "السنح" ولم يكن قد اطلع بعد على خبر وفاة النبي صلىالله عليه وآله، وأن عمر وأبوعبيدة (رضي الله عنهما) ذهبا أولا لوحدهما للسقيفة لإدراك ما يجري فيها ولكنهما لما وجدا نفسيهما وحيدين أمام جماعة الأنصار واحتجاجهم، وتحيرا ما يكون ردهما المناسب للحيلولة دون تمام البيعة بالخلافة لسعد بن عبادة - رضي الله عنه -، سأل عمر - رضي الله عنه -: ما الخطب؟ وبمجرد أن أجابوه بأن رسول الله (صلىالله عليه وآله وسلم) قد قُبِضَ وأن الأنصار في صدد تعيين خليفة له أمتشق سيفه وصاح: بل إن رسول الله لم يمت وكل من زعم ذلك أدبته بسيفي هذا بل قد ذهب إلى ربه كما ذهب موسى وليرجعن ثانية ليكمل دينه!، ثم أرسل إلى أبي بكر - رضي الله عنه - من يطلعه على ما وقع فخرج أبوبكر - رضي الله عنه - فورا من "السنح" إلى المدينة قاصدا بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فلما رأى جسده وتأكد من وفاته، لحق بالسقيفة وسأل عمر - رضي الله عنه - لماذا هذا الاجتماع؟ فما أن أجابه عمر - رضي الله عنه - بأن السبب إرادة الأنصار نصب خليفة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لشيوع نبأ وفاته وأنه أنكر ذلك النبأ الإنكار، إلا وصاح أبوبكر قائلا: [أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت] ثم أخذ زمام الكلام في هذا الاجتماع وبدأ بكلمته. ولكن هذه الرواية لا تخلومن الإشكال (1)
__________
(1) علاوة على تعارض هذه الرواية مع أخبار أخرى عديدة، فإن الإشكال الرئيس في هذه الرواية هوأن تحققها العملي بعيد جدا، ذلك أن عمر لم يكن يمتلك لاسلكي حتى يخبر أبوبكر بهذه السرعة بالخبر، كما لم يكن لدى أبي بكر طائرة مروحية (هليكوبتر) ولا سيارة سريعة لينطلق بها بسرعة من السنح إلى بيت رسول الله ليتأكد من رحلته، ثم من بيت الرسول إلى السقيفة!! بل من الطبيعي أن الوقت الذي يأخذه إرسال عمر لرجل إلى السنح ثم ذهاب أبي بكر ـ الرجل المسن ـ بعد سماعه الخبر، من السنح إلى المدينة ثم من المدينة إلى السقيفة، وقت طويل يتجاوز عدد من الساعات، لا سيما أنه لم يكن هناك طريق أوتوستراد بين السنح والمدينة!! ولا شك أنه لا يمكن للأنصار أن يكونوا قد جلسوا منتظرين في السقيفة واضعين يدا على يد كل هذه المدة بل لا بد أن يكونوا قد أجابوا على إنكار عمر وفاة رسول الله واستمروا في كلامهم ولكانت حادثة السقيفة اتخذت مجرى آخر تماما. ( x)
والرواية الأصح والتي نقلتها أكثر التواريخ هي ما ذكرناه أولا، من خروج أبي بكر وعمر مجتمعين من البداية من مسجد رسول الله إلى السقيفة، ويؤكد أرجحية هذه الرواية أن إمامة الصلاة في فترة مرضه (صلىالله عليه وآله وسلم) كانت موكولة لأبي بكر - رضي الله عنه -، وهذا ينفي كونه في "السنح".
... والآن نعود إلى السقيفة لننقل نص خطبة سعد بن عبادة كما أوردها ابن قتيبة في كتابه "الإمامة والسياسة"، قال: ((فكان مما قاله - رضي الله عنه -، بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه: يا معشر الأنصار إن لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبث في قومه بضع عشرة سنة، يدعوهم إلى عبادة الرحمن، وخلع الأوثان، فما آمن به من قومه إلا قليل، والله ما كانوا يقدرون أن يمنعوا (1) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، ولا يعرفوا دينه، ولا يدفعوا عن أنفسهم، حتى أراد الله تعالى لكم الفضيلة، وساق إليكم الكرام، وخصَّكم بالنعمة، ورزقكم الإيمان به وبرسوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمنع له ولأصحابه والإعزاز لدينه، والجهاد لأعدائه، فكنتم أشد الناس على من تخلف عنه منكم، وأثقله على عدوكم من غيركم، حتى استقاموا لأمر الله تعالى طوعا وكرها، وأعطى البعيد المقادة (2) صاغرا داحرا، حتى أثخن الله تعالى لنبيه بكم الأرض، ودانت بأسيافكم له العرب، وتوفَّاه الله تعالى وهوراض عنكم قرير العين، فشدوا أيديكم بهذا الأمر، فإنكم أحق الناس وأولاكم به. قال: فأجابوه جميعا: أن قد وُفِّقْتَ في الرأي، وأصبت في القول، ولن نعدو، ما رأيت، توليَتَكَ هذا الأمر، فأنت مَقْنَع ولِصَالِح المؤمنين رضا)) (3).
__________
(1) المنع هنا القصود به الدفاع عن رسول الله (ص) وكف أذى الأعداء عنه. (مت)
(2) أعطى المقادة: خضع لحكم المسلمين وقيادتهم له. (مت)
(3) المرجع السابق، صفحة 12 ـ 13. (مت)
... وبعد أن أكمل سعد كلمته وسكت، أراد عمر - رضي الله عنه - أن يتكلم، كما يروى ذلك عنه ابن هشام في سيرته، فقال عمر - رضي الله عنه -: (( ... فلما سكت (أي سعد) أردتُ أن أتكلم وقد زَوَّرْتُ في نفسي مقالة قد أعجبتني، أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر - رضي الله عنه - وكنت أداري منه بعض الحد (1)، فقال أبوبكر: على رسلك يا عمر، فكرهت أن أغضبه، فتكلَّمَ، وكان أعلم مني وأوقر، فوالله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها في بديهته، أومثلها أوأفضل، حتى سكتَ. قال: أما ما ذكرتم فيكم من خير، فأنتم له أهل، ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحيّ من قريش، هوأوسط العرب نسبا (2) ودارا (3) قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين، فبايعوا أيهما شئتم، وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة الجراح، قال (عمر): وهوجالس بيننا، ولم أكره شيئا مما قاله (أي أبوبكر) غيرها، كان والله أن أُقَدَّمَ فتُضْرَبَ عنقي، لا يُقَرِّبني ذلك إلى إثم، أحب إليَّ من أن أتأمَّرَ على قوم فيهم أبوبكر)) (4).
... وقد أورد اليعقوبي في تاريخه نص ما قاله أبوبكر في ثنائه وتزكيته لعمر ولأبي عبيدة - رضي الله عنهم - فقال: [ ... وهذا عمر بن الخطاب الذي قال رسول الله: اللهم أعز الدين به! وهذا أبوعبيدة الجراح الذي قال رسول الله: أمين هذه الأمة، فبايعوا أيهما شئتم. فأبيا (أي عمر وأبوعبيدة) عليه وقالا: والله ما كنا لنتقدمك، وأنت صاحب رسول الله وثاني اثنين. فضرب أبوعبيدة على يدي أبي بكر، وثنَّى عمر، ثم بايع من كان معهم من قريش] (5).
__________
(1) الحد: أي كان في خلق عمر - رضي الله عنه - حدَّة، كان يسترها عن أبي بكر - رضي الله عنه -. (مت)
(2) أوسط العرب نسبا: أشرفهم. (مت)
(3) ودارا: بلدا، وهي مكة لأنها أشرف البقاع. (مت)
(4) سيرة ابن هشام، ج 4 / ص 659. (مت)
(5) تاريخ اليعقوبي: ج 2/ ص 82 (من طبعة عام 1375 هـ.)
... أما ابن قتيبة فقد أورد ـ في الإمامة والسياسة" ـ خطبة أبي بكر - رضي الله عنه - بشكل أكثر تفصيلا على النحوالتالي [ ... فتشهد أبوبكر - رضي الله عنه - وانتصب له الناس، فقال: إن الله جل ثناؤه بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالهدى ودين الحق، فدعا إلى الإسلام، فأخذ الله تعالى بنواصينا وقلوبنا إلى ما دعا إليه، فكنا معشر المهاجرين أول الناس إسلاما والناس لنا فيه تبع. ونحن عشيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونحن مع ذلك أوسط العرب أنسابا، ليست قبيلة من قبائل العرب إلا ولقريش فيها ولادة. وأنتم أيضا والله، الذين آوَوْا ونصروا. وأنتم وزراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنتم أيضا إخواننا في كتاب الله تعالى وشركاؤنا في دين الله - عز وجل - وفيما كنا فيه من سرّاء وضرّاء، والله ما كنا في خير قط إلا كنتم معنا فيه، فأنتم أحب الناس إلينا وأكرمهم علينا، وأحق الناس بالرِّضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمر الله - عز وجل - ولما ساق لكم ولإخوانكم المهاجرين رضي الله عنهم، وهم أحق الناس فلا تحسدوهم وأنتم المؤثرون على أنفسهم حين الخصاصة، والله ما زلتم مؤثرين إخوانكم من المهاجرين وأنتم أحق الناس أن لا يكون هذا الأمر واختلافه على أيديكم وأبعد ألا تحسدوا إخوانكم على خير ساقه الله تعالى إليهم وإنما أدعوكم إلى أبي عبيدة أوعمر وكلاهما قد رضيت لكم ولهذا الأمر وكلاهما له أهل. فقال عمر وأبوعبيدة رضي الله عنهما: ما ينبغي لأحد الناس أن يكون فوقك يا أبا بكر - رضي الله عنه -، أنت صاحب الغار وثاني اثنين وأمَرَكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة فأنت أحق الناس بهذا الأمر] (1).
__________
(1) الإمامة والسياسة: ج 1 / ص 13. (مت)
... والآن لنر ماذا كان موقف الأنصار تجاه أبي بكر - رضي الله عنه -؟ ذكرت جميع كتب التواريخ والسير أن جواب الأنصار كان ـ كما يروي ابن قتيبة ـ: [فقال الأنصار: والله ما نحسدكم على خير ساقه إليكم وإنا لكَمَا وصفتَ يا أبا بكر والحمد لله، ولا أحد من خلق الله تعالى أحبَّ إلينا منكم، ولا أرضى عندنا ولا أيمن ولكنا نشفق مما بعد اليوم، ونحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا ولا منكم، فلوجعلتم اليوم رجلا منا ورجلا منكم بايعنا ورضينا على أنه إذا هلك اخترنا آخر من الأنصار فإذا هلك اخترنا آخر من المهاجرين أبدا ما بقيت هذه الأمة، كان ذلك أجدر أن يُعْدَل في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن يكون بعضنا يتبع بعضا فيشفق القرشي أن يزيغ فيقبض عليه الأنصاري ويشفق الأنصاري أن يزيغ فيقبض عليه القرشي. عندئذ قام أبوبكر فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن الله تعالى بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - رسولا إلى خلقه وشهيدا على أمته ليعبدوا الله ويوحدوه وهم إذ ذاك يعبدون آلهة شتى يزعمون أنها شافعة لهم وعليهم بالغة نافعة، وإنما كانت حجارة منحوتة، وخُشُبَاً منجورة، فاقرؤوا إن شئتم "إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون "، "ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله "، وقالوا: " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى"، فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم، فخص الله تعالى المهاجرين الأولين - رضي الله عنهم - بتصديقه، والإيمان به، والمواساة له، والصبر معه على الشدة من قومهم، وإذلالهم وتكذيبهم إياهم، وكل الناس مخالف عليهم، زارٍ (1) عليهم، فهم أول من عبد الله في الأرض، وأول من آمن بالله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهم أولياؤه وعشيرته، وأحق الناس بالأمر من بعده، لا ينازعهم فيها إلا ظالم،
__________
(1) زارٍ لهم: أي عائب عليهم ومحقر لهم. (مت)
وأنتم يا معشر الأنصار، من لا ينكر فضلهم ولا النعمة العظيمة لهم في الإسلام، رضيكم الله تعالى أنصاراً لِدِينه ولرسوله وجعل إليكم مهاجرته، فليس بعد المهاجرين الأولين أحد عندنا بمنزلتكم، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء، لا نفتات (1) دونكم بمشورة ولا تنقضي دونكم الأمور.
... فقام الحباب بن المنذر بن زيد بن حرام - رضي الله عنه - فقال: يا معشر الأنصار املكوا عليكم أيديكم، فإنما الناس في فيئكم وظلالكم، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم، أنتم أهل العز والثروة، وأولوالعدد والنجدة، وإنما ينظر الناس ما تصنعون، فلا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم، وتقطع أموركم، أنتم أهل الإيواء والنصرة وإليكم كانت الهجرة ولكم في السابقين الأولين مثل ما لهم، وأنتم أصحاب الدار والإيمان من قبلهم، واللهِ ما عبدوا الله علانيةَ إلا في بلادكم ولا جُمِعَت الصلاة إلا في مساجدكم ولا دانت العرب للإسلام إلا بأسيافكم، فأنتم أعظم الناس نصيبا في هذا الأمر، وإن أبى القوم فمنا أمير ومنهم أمير.
... فقام عمر - رضي الله عنه - فقال: هيهات لا يجتمع سيفان في غمد واحد، إنه والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا ينبغي لها أن تولي هذا الأمر إلا من كانت النبوة فيهم وأولوالأمر منهم، لنا بذلك على من خالفنا من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين، من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مُدْلٍ بباطل أومتجانف لإثم أومتورط في هلكة.
__________
(1) افتات عليه: طغى على حقه واستأثر به. (مت)
... فقام الحباب بن المنذر - رضي الله عنه - فقال: يا معشر الأنصار املكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر فإن أبوا عليكم ما سألتم فأجْلوهم عن بلادكم وتولوا هذا الأمر عليهم فأنتم والله أولى بهذا الأمر منهم دان لهذا الأمر من لم يكن يدين له بأسيافنا أما والله إن شئتم لنعيدنها جزعة (1)، والله لا يرد علي أحد ما أقول إلا حطَّمتُ أنفه بالسيف. قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: فلما كان الحباب هوالذي يجيبني لم يكن لي معه كلام لأنه كان بيني وبينه منازعة في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فنهاني عنه، فحلفت أن لا أكلمه كلمة تسوءه أبداً. ثم قام أبوعبيدة (الجراح) فقال: يا معشر الأنصار أنتم أول من نصر فلا تكونوا أول من يبدل ويغير. قال (أي الراوي الذي يروي عنه ابن قتيبة هذا الحديث): وإن بشيرا (وهوبشير بن سعد من أقرباء سعد بن عبادة) لما رأى ما اتفق عليه قومه من تأمير سعد بن عبادة قام حسدا لسعد، وكان بشير من سادات الخزرج، فقال: يا معشر الأنصار أما والله لئن كنا أولي الفضيلة في جهاد المشركين والسابقة في الدين، ما أردنا إن شاء الله غير رضا ربنا وطاعة نبينا والكرم لأنفسنا، وما ينبغي أن نستطيل بذلك على الناس، ولا نبتغي به عوضا من الدنيا، فإن الله تعالى ولي النعمة والمنة علينا بذلك، ثم إن محمدا - صلى الله عليه وسلم - رجل من قريش، وقومه أحق بميراثه وتولي سلطانه وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر أبدا فاتقوا الله ولا تنازعوهم ولا تخالفوهم.
__________
(1) لنعيدنها جزعة: أي نعيد الحرب بيننا وبينكم قوية. (مت)
... قال (الراوي): ثم إن أبا بكر - رضي الله عنه - قام على الأنصار فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم دعاهم إلى الجماعة ونهاهم عن الفرقة وقال: إني ناصح لكم في أحد هذين الرجلين أبي عُبيدة الجرَّاح وعُمر فبايعوا من شئتم منهما. فقال عُمر: معاذ الله أن يكون ذلك وأنت بين أظهرنا، أنت أفضل المهاجرين وثاني اثنين وخليفته على الصلاة، والصلاة أفضل أركان دين الإسلام، فمن ذا ينبغي أن يتقدمك ويتولى هذا الأمر عليك؟ أبسط يدك أبايعك، فلما ذهبا (أي عُمر وأبوعُبيدة) يبايعانه، سبقهما إليه بشير بن سعد الأنصاري فبايعه، فناداه الحباب بن المنذر: يا بشير بن سعد عقُّك عِقاقٌ (1) ما اضطرك إلى ما صنعت؟ حسدت ابن عمك على الإمارة؟ قال: لا والله، لكني كرهت أن أنازع قوما حقا لهم، فما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد، وهومن سادات الخزرج، وما دعوا إليه المهاجرين من قريش، وما تطلب الخزرجمن ـامير سعد بن عبادة، قال بعضهم لبعض وفيهم أسيد بن حضير - رضي الله عنه -:لئن وليتموها سعدا عليكم مرة واحدة لا زالت لهم بذلك عليكم الفضيلة ولا جعلوا لكم فيها نصيبا أبدا، فقوموا فبايعوا أبا بكر - رضي الله عنه -، فقاموا إليه فبايعوه! فقام الحباب بن المنذر إلى سيفه فأخذه، فبادروا إليه فأخذوا سيفه منه، فجعل يضرب بثوبه وجوههم، حتى فرغوا من البيعة، فقال: فعلتموها يا معشر الأنصار، أما والله لكأني بأبنائكم على أبواب أبنائهم قد وقفوا يسألونهم بأكفهم ولا يسقون الماء، قال أبوبكر: أمِنَّا تخاف يا حباب؟ قال: ليس منك أخاف ولكن ممن يجيء بعدك، قال أبوبكر: فإذا كان ذلك كذلك فالأمر إليك وإلى أصحابك ليس لنا عليكم طاعة، قال الحباب: هيهات يا أبا بكر إذا ذهبت أنا وأنت جاءنا بعدك من يسومنا الضيم. فقال (عندئذ) سعد بن عبادة: أما والله لوأن لي ما أقدر به على النهوض
__________
(1) عقُّك: مخالفتك لنا، عِقاقٌ: مرٌّ لأن العقاق هوالمر. (مت)
لسمعتم مني في أقطارها زئيرا يخرجك أنت وأصحابك، ولألحقتك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع، خاملا غير عزيز، فبايعه الناس جميعا حتى كادوا يطؤن سعدا. فقال سعد (بن عبادة) قتلتموني، فقيل: اقتلوه قتله الله، فقال سعد: احملوني من هذا المكان، فحملوه وأدخلوه داره وتُرِكَ أياما، ثم بعث إليه أبوبكر - رضي الله عنه - أن أقبل فبايع فقد بايع الناس وبايع قومك، فقال: أما والله حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي من نبل وأخضب (1) منكم سناني ورمحي وأضربكم بسيفي ما مَلَكَتْهُ يدي وأقاتلكم بمن معي من أهلي وعشيرتي، ولا والله لوأن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي وأعلم حسابي، فلما أتى بذلك أبوبكر من قوله، قال عمر: لا تدعه حتى يبايعك، فقال لهم بشير بن سعد: إنه قد أبى ولجَّ وليس يبايعك حتى يُقتل، وليس بمقتول حتى يُقتل ولده معه وأهل بيته وعشيرته، ولن تقتلوهم حتى تُقْتَلَ الخزرج، ولن تُقْتَل الخزرج حتى تُقْتَلَ الأوس، فلا تفسدوا على أنفسكم أمرا قد استقام لكم، فاتركوه فليس تركه بضاركم وإنما هورجل واحد. فتركوه وقبلوا مشورة بشير بن سعد واستنصحوه (2) لما بدا لهم منه، فكان سعد بن عبادة لا يصلي بصلاتهم ولا يجتمع بجماعتهم (3) ولا يفيض بإفاضتهم ولويجد عليهم أعوانا لصال بهم، ولويبايعه أحد على قتالهم لقاتلهم، فلم يزل كذلك حتى تُوُفِّيَ أبوبكر رحمه الله ووَلِيَ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فخرج (أي سعد) إلى الشام فمات بها ولم يبايع لأحد رحمه الله)) (4).
موقف بقية أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)
__________
(1) أخضب: الخضاب هوالحناء، والمراد حتى أسيل دمكم على سناني ورمحي.
(2) أي: وجدوه ناصحا لهم عاملا لخيرهم. (مت)
(3) أي: لا يصلي الجمعة معهم. (مت)
(4) الإمامة والسياسة: ج 1/ ص 14.
... من المسلَّم به أن أمير المؤمنين علي - عليه السلام - كان في ذلك الحين مشغولا بتجهيز جثمان رسول الله صلىالله عليه وآله وقد أغلق أهل بيته باب البيت وجلسوا في عزائهم، قائمين بأمر غسله وكفنه ودفنه صلوات الله وسلامه عليه وآله، في الوقت الذي كانت تدور فيه حوادث السقيفة التي انتهت كما رأينا بمبايعة الأنصار لأبي بكر - رضي الله عنه -.
... ويواصل ابن قتيبة عرضه لما جرى فيقول: ((وإن بني هاشم اجتمعت عند بيعة الأنصار، إلى علي بن أبي طالب، ومعهم الزبير بن العوام - رضي الله عنه - ـ وكانت أمه صفية بنت عبد المطلب فكان يعد نفسه من بني هاشم وكان علي كرم الله وجهه يقول: ما زال الزبير منا حتى نشأ بنوه فصرفوه عنا ـ واجتمعت بنوأمية إلى عثمان، واجتمعت بنوزهرة إلى سعد (بن أبي وقاص) وعبد الرحمن بن عوف، فكانوا في المسجد الشريف مجتمعين، فلما أقبل عليهم أبوبكر وأبوعبيدة وقد بايع الناس أبا بكر، قال لهم عمر: ما لي أراكم مجتمعين حلقا شتى (1)، قوموا فبايعوا أبابكر، فقد بايعتُهُ وبايعه الأنصار، فقام عثمان بن عفان ومن معه من بني أمية فبايعوه، وقام سعد (بن أبي وقاص) وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما من بني زهرة فبايعوا. وأما علي والعباس بن عبد المطلب ومن معهما من بني هاشم فانصرفوا إلى رحالهم ومعهم الزبير بن العوام، فذهب إليهم عمر في عصابة فيها أُسَيْد بن حُضَيْر، وسلمة بن أسلم، فقالوا: انطلقوا فبايعوا أبا بكر، فأبوا، فخرج الزبير بن العوام - رضي الله عنه - بالسيف فقال عمر: عليكم بالرجل فخذوه فوثب عليه سلمة بن أسلم فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار، وانطلقوا به فبايع، وذهب بنوهاشم أيضا فبايعوا)) (2).
__________
(1) حِلَق: جمع حلقة وتقال للقوم المجتمعين المستديرين في اجتماعهم كالحلقة، وشتى معناها متفرقين. (مت)
(2) الإمامة والسياسة: ج 1/ ص 17 و18. (مت)
(كيفية مبايعة أمير المؤمنين علي لأبي بكر
(بيعة أمير المؤمنين علي لأبي بكر
(ما جاء في هذا الباب في كتب الشيعة
(نظرة إلى روايات ارتداد جل أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم)
كيفية مبايعة أمير المؤمنين علي - عليه السلام - لأبي بكر - رضي الله عنه -
... لقد اختلفت الروايات التاريخية في كيفية وزمن مبايعة علي - عليه السلام - لأبي بكر - رضي الله عنه -. فبعض الروايات تحكي أن عليا بايع أبا بكر فورا ودون توقف، كما أخرج ذلك الطبري في تاريخه حيث قال: ((حدثنا عبد الله بن سعيد قال أخبرني عمي قال أخبرني سيف عن عبد العزيز بن سياه عن حبيب بن أبي ثابت: قال: كان علي في بيته إذ أُتِيَ فقيل له قد جلس أبوبكر للبيعة، فخرج في قميص ما عليه إزار ولا رداء عجِلا كراهية أن يبطئ عنها حتى بايعه ثم جلس إليه، وبعث إلى ثوبه فأتاه، فتجلله ولزم مجلسه)) (1).
__________
(1) تاريخ الأمم والملوك: ج 2/ ص 447،حوادث 11 هـ (القاهرة، مطبعة الاستقامة 1357 هـ /1939م). (مت)
... ولكن هذه الرواية منفردة لا يوجد ما يؤيدها، بل المسَلَّم به الذي اتفقت عليه أكثر التواريخ أن عليا كره البيعة وتوقف في مبايعة أبي بكر - رضي الله عنه - ردحا من الزمن إلى أن بايعه في النهاية، حسبما سيأتي شرحه، وذلك ـ على ما يظهر ـ بعد وفاة فاطمة عليها السلام. روى ذلك الطبري نفسه في تاريخه المذكور حيث قال: ((وكان لعلي وجه من الناس حياة فاطمة، فلما توفيت فاطمة، انصرفت وجوه الناس. فمكثت فاطمة ستة أشهر بعد رسول الله (ص) ثم توفيت. قال معمَّر: فقال رجل للزُّهري: أفلم يبايعه علي ستة أشهر؟ قال: لا، ولا أحد من بني هاشم حتى بايعه علي، فلما رأى علي انصراف وجوه الناس عنه، ضرع إلى مصالحة أبي بكر - رضي الله عنه - فأرسل إلى أبي بكر - رضي الله عنه - أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد، وكره أن يأتيه عمر لما علم من شدة عمر، فقال عمر: لا تأتهم وحدك، قال أبوبكر: والله لآتينهم وحدي، وما عسى أن يصنعوا بي؟ قال: فانطلق أبوبكر فدخل على علي وقد جمع بني هاشم عنده، فقام علي فحمد الله وأثنى عليه بما هوأهله ثم قال: أما بعد فإنه لم يمنعنا من أن نبايعك يا أبا بكر إنكار لفضيلتك ولا نفاسة عليك بخير ساقه الله إليك ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا، فاستبددتم به علينا، ثم ذكر قرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وحقهم، فلم يزل علي يقول ذلك حتى بكى أبوبكر، فلما صمت عليٌّ، تشهد أبوبكر فحمد الله وأثنى عليه بما هوأهله ثم قال: أما بعد فوالله لَقَرَابة رسول الله أحب إلي أن أصل من قرابتي، وإني والله ما آلوت في هذه الأموال التي كانت بيني وبينكم غير الخير، ولكني سمعت رسول الله يقول " لا نُورَثُ، ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد في هذا المال " وإني أعوذ بالله، لا أذكر أمرا صنعه محمد رسول الله إلا صنعته فيه إن شاء الله، ثم قال (علي): موعدك العشيّ للبيعة. فلما صلى أبوبكر الظهر أقبل على
الناس ثم عذر عليا ببعض ما اعتذر، ثم قام علي فعظَّم مِن حق أبي بكر - رضي الله عنه - وذكر فضيلته وسابقته ثم مضى إلى أبي بكر - رضي الله عنه - فبايعه. قالت (أي عائشة، وهي التي أخرج الطبري عنها هذه الرواية): فأقبل الناس إلى علي فقالوا: أصبت وأحسنت، قالت: فكان الناس قريبا إلى علي حين قارب الحق والمعروف)) (1). عند ذاك ذكر الطبري الرواية التي تبين مجيء أبي سفيان لحضرة علي - عليه السلام - يحرضه على أبي بكر - رضي الله عنه - ويقول له: [ما بال هذا الأمر في أقل حي من قريش؟ وأيم الله لئن شئت لأملأنها عليه خيلا ورجالا، قال: فقال عليٌّ: يا أبا سفيان طالما عاديت الإسلام وأهله فلم تضرّه بذاك شيئا، إنا وجدنا أبا بكر لها أهلاً]. وجاء في كتاب "الأخبار الموفقيات" (ص 585) أن عليا - عليه السلام - قال في رفضه لعرض أبي سفيان هذا،"لي عهد مع رسول الله ونحن جميعا ملزمون به".
__________
(1) المصدر السابق: ج 2 / ص 447 (مت).
... وروى المسعودي الشيعي في تاريخه "مروج الذهب" قصة سقيفة بني ساعدة (في الجزء الأول، صفحة 412 من طبعة عام 1316 هـ)، كما أورد القصة مختصرا في تاريخه "التنبيه والإشراف" في الصفحة 247 حيث قال: ((وبويع أبوبكر في اليوم الذي تُوُفِّيَ فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهويوم الإثنين لاثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة 11 من الهجرة وقد كانت الأنصار نصبت للبيعة سعد بن عبادة بن دُلَيْم الأنصاري ثم الخزرجي، فكانت بينه وبين من حضر من المهاجرين في السقيفة منازعة طويلة وخطوب عظيمة، وعلي والعباس وغيرهم من المهاجرين مشتغلون بتجهيز النبي (ص) ودفنه، وكان ذلك أول خلاف حدث في الإسلام بعد مضي النبي (ص)، وارتدَّ أكثر العرب بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فمن كافر، ومانع للزكاة والصدقة، وكان أعظمهم شوكة وأخوفهم أمرا مسيلمة الكذَّاب الحنفي باليمامة وطليحة بن خويلد الأسدي في أسد بني خزيمة، وقد عاضده عُيَيْنة بن حصن الفزاري في غطفان فوجَّه أبوبكر إليهم وإلى جميع من ارتد من ضاحية مضر، خالدَ بن الوليد ..... (إلى أن قال في آخر ذلك الفصل) ولم يبايع علي - عليه السلام - أبا بكر - رضي الله عنه - إلى أن توفيت (يعني فاطمة) وتُنُوزِع في كيفية بيعته إيَّاه] (1).
__________
(1) التنبيه والإشراف: الصفحات 247 إلى 25.. (مت)
... وبهذا النحوأورد "اليعقوبي"، المؤرخ الشيعي، في تاريخه، تفاصيل قصة سقيفة بني ساعدة، فقال تحت عنوان: خبر سقيفة بني ساعدة وبيعة أبي بكر: ((واجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة، يوم توفي رسول الله ........ (1) يُغْسلُ، فأجلست سعد بن عبادة الخزرجي، وعصَّبَتْه بعصابة، وثنت له وسادة. وبلغ أبا بكر وعمر بن الخطاب وأبا عبيدة الجراح فقالوا: يا معشر الأنصار! منا رسول الله، فنحن أحق بمقامه. وقالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير! فقال أبوبكر: منا الأمراء وأنتم الوزراء. فقام ثابت بن قيس ابن شمَّاس، وهوخطيب الأنصار، فتكلم وذكر فضلهم. فقال أبوبكر: ما ندفعهم عن الفضل، وما ذكرتم من الفضل فأنتم له أهل، ولكن قريشا أولى بمحمد منكم وهذا عمر بن الخطَّاب الذي قال رسول الله: اللهم أعز الدين به! وهذا أبوعبيدة الجراح الذي قال رسول الله: أمير هذه الأمة، فبايعوا أيهما شئتم! فأبيا عليه وقالا: والله ما كنا لنتقدمك، وأنت صاحب رسول الله وثاني اثنين. فضرب أبوعبيدة على يدي أبي بكر، وثنى عمر، ثم بايع من كان معه من قريش.
... ثم نادى أبوعبيدة: يا معشر الأنصار إنكم كنتم أول من نصر فلا تكونوا أول من غير وبدَّل. وقام عبد الرحمن بن عوف فتكلم فقال: يا معشر الأنصار، إنكم وإن كنتم على فضل، فليس فيكم مثل أبي بكر وعمر وعلي، وإن فيهم رجلا لوطلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد، يعني، علي بن أبي طالب. فوثب بشير بن سعد من الخزرج، فكان أول من بايعه من الأنصار، وأُسَيْد بن حُضَيْر الخزرجي، وبايع الناس حتى جعل الرجل يطفر وسادة سعد بن عبادة، وحتى وطئوا سعدا. وقال عمر: اقتلوا سعدا، قتل الله سعداً!
__________
(1) بياض في الأصل.
... وجاء البراء بن عازب، فضرب الباب على بني هاشم وقال: يا معشر بني هاشم، بويع أبوبكر. فقال بعضهم: ما كان المسلمون يحدثون حدثا نغيب عنه، ونحن أولى بمحمد. فقال العباس: فعلوها ورب الكعبة.
... وكان المهاجرون والأنصار لا يشُكُّون في عليٍّ، فلما خرجوا من الدار قام الفضل بن العباس، وكان لسان قريش، فقال: يا معشر قريش، إنه ما حقت لكم الخلافة بالتمويه، ونحن أهلها دونكم، وصاحبنا أولى بها منكم.
... وقام عتبة بن أبي لهب فقال (1):
ما كنت أحسب أن الأمر منصرفٌ عن هاشم ثم منها عن أبي الحسنِ
عن أوَّلِ الناس إيمانا وسابقةً (2) وأعلم الناس بالقرآن والسننِ
وآخر الناس عهدا بالنبي، ومَنْ جبريل عون له في الغَسْل والكفنِ
مَنْ فيه ما فيهمُ لا يمترون به، وليس في القوم ما فيه من الحَسَنِ
ما ذا الذي ردهم عنه فتعلمه ها إن ذا غبننا من أعظم الغبن (3)
__________
(1) البعض ينسب هذه الأشعار للفضل بن العباس وبعضهم ينسبها أيضا لعبد الله بن سفيان.
(2) هذا المصراع ذكر في كتاب الأخبار الموفقيات على النحوالتالي: أليس أول من صلى لقبلتكم؟
(3) هذا البيت الأخير لم يُذكَر في كتاب الأخبار الموفقيات.
... فبعث إليه علي فنهاه (1). وتخلف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين والأنصار، ومالوا مع علي بن أبي طالب، منهم: العباس بن عبد المطلب، والفضل بن العباس، والزبير بن العوام بن العاص، وخالد بن سعيد، والمقداد بن عمرو، وسلمان الفارسي، وأبوذر الغفاري، وعمار بن ياسر، والبراء بن عازب، وأبي بن كعب، فأرسل أبوبكر إلى عمر بن الخطَّاب وأبي عبيدة الجراح والمغيرة بن شعبة، فقال: ما الرأي؟ قالوا: الرأي أن تلقى العباس بن عبد المطلب، فتجعل له في هذا الأمر نصيبا يكون له ولعقبه من بعده، فتقطعون به ناحية علي بن أبي طالب حجة لكم على علي، إذا مال معكم، فانطلق أبوبكر وعمر وأبوعبيدة بن الجراح والمغيرة حتى دخلوا على العباس ليلا، فحمد أبوبكر اللهَ وأثنى عليه، ثم قال: إن الله بعث محمداً نبياُ وللمؤمنين ولياً، فمنَّ عليهم بكونه بين أظهرهم، حتى اختار له ما عنده، فخلى على الناس أموراً ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم مشفقين، فاختاروني عليهم والياً ولأمورهم راعياً، فوليت ذلك وما أخاف بعون الله وتشديده وهناً، ولا حيرة ولا جبنا، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، وما انفكَّ يبلغني عن طاعن يقول الخلاف على عامَّة المسلمين، يتخذكم لجأً فتكون حصنه المنيع وخطبه البديع. فإما دخلتم مع الناس فيما اجتمعوا عليه، وإما صرفتموهم عما مالوا إليه، وقد جئناك ونحن نريد أن لك في هذا الأمر نصيبا يكون لك، ويكون لمن بعدك من عقبك إذ كنت عم رسول الله، وإن كان الناس قد رأوا مكانك ومكان صاحبك - ........ (2) عنكم وعلى رسلكم بني هاشم فإن رسول الله منا ومنكم.
__________
(1) جاء في "الأخبار الموفقيات" (ص 583) عند روايته لهذه الحادثة: ((فبعث إليه علي فنهاه وأمره أن لا يعود وقال: سلامة الدين أحب إلينا من غيره)).
(2) بياض في الأصل
... فقال عمر بن الخطَّاب: إي والله وأخرى، إنا لم نأتكم لحاجة إليكم، ولكن كرها أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون منكم، فيتفاقم الخطب بكم وبهم، فانظروا لأنفسكم.
... فحمد الله العباسُ وأثنى عليه وقال: إن الله بعث محمدا كما وصفت نبيا وللمؤمنين وليا، فمن على أمته به، حتى قبضه الله إليه واختار له ما عنده، فخلَّى على المسلمين أمورهم ليختاروا لأنفسهم مضيبين الحق، لا مائلين بزيغ الهوى، فإن كنت برسول الله فحقا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين فنحن منهم، فما تقدمنا في أمرك فرضا ولا حللنا وسطا ولا برحنا سخطا، وإن كان هذا الأمر أنما وجب لك بالمؤمنين، فما وجب إذ كنا كارهين. ما أبعد قولك من أنهم طعنوا عليك من قولك إنهم اختاروك ومالوا إليك، وما أبعد تسميتك بخليفة رسول الله من قولك خلَّى على الناس أمورهم ليختاروا فاختاروك، فأما قلت إنك تجعله لي، فإن كان حقا للمؤمنين فليس لك أن تحكم فيه، وإن كان لنا فلم نرض ببعضه دون بعض، وعلى رِسْلِكَ، فإن رسول الله من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها. فخرجوا من عنده.
... وكان فيمن تخلَّف عن بيعة أبي بكر أبوسفيان بن حرب، وقال: أرضيتم يا بني عبد مناف أن يلي هذا الأمر عليكم غيركم؟ وقال لعلي بن أبي طالب: امدد يدك أبايعك، وعلي معه قَصيّ، وقال:
بني هاشم لا تُطْمِعوا الناس فيكُمُ ... ولا سيما تَيْمَ بن مرَّةَ أوعديّ
ما الأمر إلا فيكم وإليكُمُ ... وليس لها إلا أبوحسنٍ عليّ
أبا حسن، فاشدد بها كف حازمٍ ... فإنك بالأمر الذي يُرْتَجى مَلِيّ
وإنَّ أمرأً يرمي قصيٌّ وراءه ... عزيز الحمى، والناس من غالب قصي
... وكان خالد بن سعيد غائبا، فقدم فأتى عليَّاً فقال: هلمَّ أبايعك، فوالله ما في الناس أحد أولى بمقام محمد منك. واجتمع جماعة إلى علي بن أبي طالب يدعونه إلى البيعة له، فقال لهم اغدوا على هذا مُحَلِّقين الرؤوس. فلم يغد عليه إلا ثلا ثة نفر.
... وبلغ أبا بكر وعمر أن جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله، فأتوا في جماعة حتى هموا على الدار، وخرج علي ومعه السيف، فلقيه عمر، فصارعه عمر فصرعه وكسر سيفه، ودخلوا الدار فخرجت فاطمة فقالت: والله لتخرجنَّ أولأكشفنَّ شعري ولأعجنَّ إلى الله! فخرجوا وخرج من كان في الدار وأقام القوم أياما. ثم جعل الواحد بعد الواحد يبايع، ولم يبايع علي إلا بعد ستة أشهر وقيل أربعين يوماً)) (1).
... ثم يذكر "اليعقوبي" بعد ذلك فصلا في خلافة أبي بكر يشير فيه إلى أن الأنصار اعتزلوه أول الأمر، فغضبت لذلك قريش فتكلم خطباؤها، وقدِم عمروبن العاص فقالت له قريش: قم فتكلم بكلام تنال فيه من الأنصار! ففعل ذلك، فقام الفضل بن العباس فرد عليهم، ثم صار إلى علي، فأخبره وأنشده شعرا قاله، فخرج عليٌّ مغضبا حتى دخل المسجد، فذكر الأنصار بخير، وردَّ على عمروبن العاص قوله (2)، فلما علمت الأنصار ذلك سرها وقالت: ما نبالي بقول من قال مع حُسْنِ قول عليٍّ. ثم اجتمعت الأنصار إلى حسان بن ثابت فقالوا: أجب قريشا وسألوه أن يذكر ويمدح في شعره عليا ففعل (3).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

سقيفة بني ساعدة Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

سقيفة بني ساعدة Empty
مُساهمةموضوع: رد: سقيفة بني ساعدة   سقيفة بني ساعدة Emptyالأحد 14 سبتمبر 2014 - 19:08


(1) تاريخ اليعقوبي: ج 2 / ص 82 (من طبعة عام 1375 هـ.)
(2) كما نلاحظ، كان علي - عليه السلام - محبا للأنصار محاميا عنهم، ولهذا مغزاه الكبير الذي سنشير إليه فيما بعد.
(3) المرجع السابق، الجزء الثاني، فصل أيام أبي بكر. (مت)
... أما الزبير بن بكار فيروي، في كتابه "الأخبار الموفقيات" (الصفحة 58)، ندَمَ كثيرٍ من الأنصار على بيعتهم لأبي بكر على النحوالتالي: ((حدثنا محمد بن موسى الأنصاري المعروف بابن مخرمة قال: حدثني إبراهيم بن سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري قال: لما بويع أبوبكر واستقر أمره ندم قوم كثيرٌ من الأنصار على بيعته ولامَ بعضهم بعضا وذكروا علي بن أبي طالب وهتفوا باسمه وإنه في داره، فلم يخرج إليهم. (أي لم يؤيدهم في ذلك واستمر على بيعته لأبي بكر)) (1).
بيعة أمير المؤمنين علي - عليه السلام - لأبي بكر - رضي الله عنه - كما يرويها ابن قتيبة
__________
(1) نلاحظ أن حتى هؤلاء الأنصار النادمين على بيعتهم لأبي بكر والراغبين بخلافة علي لم يشيروا أي إشارة إلى واقعة غدير خم، وهوما سنبين مغزاه الكبير عن قريب.
... ينقل ابن قتيبة في " الإمامة والسياسة" مبايعة الإمام علي لأبي بكر - رضي الله عنه - على النحوالتالي: يقول: (( ... ثم إن عليا كرَّم الله وجهه أتي به إلى أبي بكر - رضي الله عنه - وهويقول: أنا عبد الله وأخورسوله، فقيل له: بايع أبا بكر، فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتأخذونه منا أهل البيت غصبا؟ ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم فأعطوكم المقادة وسلموا إليكم الأمارة، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار، نحن أولى برسول الله حيا وميتا، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون. فقال له عمر: إنك لس متروكا حتى تبايع، فقال له علي: احلب حلبا لك شطره (1) واشدد له اليوم أمره يردده عليك غدا. ثم قال: والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه (2)
__________
(1) أي افعل فعلا يكون لك منه نصيب فأنت تبايعه اليوم ليبايعك غدا. (مت)
(2) أرى أن هذا القسم المنسوب لعلي ـ في هذه الرواية التي يرويها ابن قتيبة ـ لا يصح ولعله من سهوالرواة أوتخليطاتهم. أولا: لأنه لم يروأحد أن عليا لما بايع أبا بكر في النهاية، كفر عن يمينه، وثانيا وهوالأهم: أن هناك روايات موثوقة متعددة تؤكد أنه كان هناك عهد من علي) ع) للرسول (ص) على أنه في حال حصول نزاع حول إمارة المسلمين أن يرضى علي ويبايع من رضيه أكثرية المسلمين وبايعوه. من ذلك ما ورد عن علي (ع) أن قال متحدثا عن بيعته لأبي بكر: (( .. فنظرت في أمري فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي وإذا الميثاق في عنقي لغيري)) الخطبة رقم 37 من نهج البلاغة. وفي شرحه لكلام الإمام علي (ع) هذا ـ في كتابه "كشف المحجة"، طبع النجف ـ يروي السيد ابن طاووس (من مشاهير علماء الإمامية) عن علي (ع) حديثا يقول فيه: ((لقد أتاني رهط منهم ابنا سعيد والمقداد بن الأسود وأبوذر الغفاري وعمار بن ياسر وسلمان الفارسي والزبير بن العوام والبراء بن الغازب (العازب) يعرضون النصر عليَّ، فقلت لهم إن عندي من نبي الله (ص) عهدا وله إليَّ وصيَّة ولست أخالف ما أمرني به.
... وفي نفس هذا الكتاب وكذلك في مستدرك نهج البلاغة (الباب الثاني، ص 3.) جاء عن علي (ع) أنه قال: ((وقد كان رسول الله (ص) عهد إلي عهدا فقال: يا ابن أبي طالب، لك ولاء أمتي، فإن ولوك في عافية وأجمعوا عليك بالرضا فقم في أمرهم وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه، فإن الله يجعل لك مخرجا)).
... وكذلك يروي ابن بكار في "الأخبار الموفقيات" إشارة الفضل بن العباس لهذا العهد، خلال حديث يعرب فيه عن استيائه وعدم رضائه عن إعراض الناس عن بيعة علي، فيقول: ((لكانت كراهة الناس لنا أعظم من كراهتهم لغيرنا، حسدا منهم لنا وحقدا علينا، وإنا لنعلم أن عند صاحبنا عهد هوينتهي إليه)).
... وبناء عليه فلا يمكن أن يقسم الإمام على أمر يخالف عهده للنبي (ص)! أما سبب تأخر الإمام عن البيعة لأبي بكر فسببه أن الصحابة استعجلوا في رأيه في هذا الأمر ولم يؤدوه على نحوالمطلوب ـ ولعل الظروف العصيبة التي تلت انتقال النبي (ص) وخشية شر المرتدين كالأسود العنسي ومسيلمة والدهشة لوفاته (ص) وخشية وقوع فرقة بين الأنصار والمهاجرين، هي التي أدت لهذا الاستعجال حتى كانت البيعة السريعة لأبي بكر "فلتة" كما وصفها عمر ـ إذ كان من الواجب أن يشارك في هذا الأمر الخطير جميع كبار الصحابة وأصحاب السابقة في الإسلام لا سيما آل النبي (ص) الذين في صدرهم الإمام علي (ع) نفسه، وأن لا تتم البيعة إلا بمشورتهم ورأيهم حتى تكون مشروعيته كاملة وتمنع القيل والقال، ولهذا فإن امتناع الإمام عن البيعة في البداية كان اعتراضا على الطريقة التي تمت فيها وتنبيها على عيبها وتوجيها لضرورة اتباع المشورة الكاملة والإجماع للبيعة الصحيحة، ثم إن الإمام بايع بعد ذلك فرأب الصدع وببيعته أتم النقص الذي حصل وأكمل مشروعية خلافة أبي بكر على نحوتام.
... والحقيقة أن أمير المؤمنين علي (ع) كان شديد الإصرار على رعاية مبدأ الرضا والشورى الكاملة كمبدأ أساسي لمشروعية الحكم، لذلك لما قتل عثمان وانهال الناس عليه ليبايعوه، فإنه ـ عوضا عن أن يذكر لهم أي شيء عن كونه منصوص عليه من الله ـ قال لهم: (( .. فإن بيعتي لا تكون خفيا ولا تكون إلا عن رضا المسلمين .. )) (انظر تاريخ الطبري، طبعة دار التراث، تحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم، ج4/ص 427، وتاريخ ابن أعثم الكوفي: ص 161)، ثم قال لهم قبل أن يبايعوه: (( .. فأمهلوا تجتمع الناس ويشاورون .. )) (تاريخ الطبري: 4/ 433)، وعوضا عن أن يشير إلى أن الإمامة السياسية مقام إلهي غير مفوض لانتخاب العامة قال: ((إنما الخيار للناس قبل أن يبايعوا)) (انظر بحار الأنوار للمجلسي: ج8 / ص 272، طبع تبريز، والإرشاد للشيخ المفيد: ص 115، طبع 132.، وكتاب مستدرك نهج البلاغة، ص 88). وقال كذلك: ((أيها الناس عن ملأٍ وأُذُنٍ أمركم هذا، ليس لأحد حق إلا من أمَّرتم)) (تاريخ الطبري: 4/ 435، الكامل لابن الأثير: 4/ 127، وبحار الأنوار للمجلسي: ج8/ص367) ( x).
. فقال له أبوبكر: فإن لم تبايع فلا أكرهك، فقال أبوعبيدة الجراح لعلي كرم الله وجهه: يابن عم إنك حديث السن وهؤلاء مشيخة قومك ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور ولا أرى أبا بكر إلا أقدر على هذا الأمر منك، وأشد احتمالا واضطلاعا به، فسلِّم لأبي بكر - رضي الله عنه - هذا الأمر فإنك إن تعش ويطُلْ بك بقاء، فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق، في فضلك ودينك وعلمك وفهمك، وسابقتك ونسبك وصهرك. فقال علي كرم الله وجهه: الله الله يا معشر المهاجرين، لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره، وقعر بيته، إلى دوركم وقعور بيوتكم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه، فوالله يا معشر المهاجرين، لنحن أحق الناس به، لأنا أهل البيت ونحن أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بسنن رسول الله، المضطلع بأمر الرعية، المدافع عنهم الأمور السيئة، القاسم بينهم بالسوية، والله إنه لَفِينا فلا تتبعوا الهوى فيضلكم عن سبيل الله فتزدادوا من الحق بعدا. فقال بشير بن سعد الأنصاري: لوكان هذا الكلام سمعَتْهُ الأنصار منك قبل بيعتها لأبي بكر - رضي الله عنه -، ما اختلف عليك اثنان (1). وخرج علي كرم الله وجهه يحمل فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على دابة ليلا في مجالس الأنصار، تسألهم النصرة،
__________
(1) علاوة على عدم احتجاج حضرة أمير المؤمنين (ع) بحديث غدير خم، فإن نفس كلام الأنصار هذا لدليل واضح أن لا أحد منهم كان يرى في خطبة غدير خم نصبا ونصَّا إلهيا على خلافة علي (ع)، وإلا فمن الواضح من كلامهم أنه لم تكن عنهم عداوة خاصة ضد علي يجعلهم يكتموا ذلك النص الإلهي المزعوم ويتعمدوا تجاهله، بل من الواضح من كلامهم وموقفهم هذا أنهم مالوا بعد تمام البيعة لأن يكونوا قد بايعوا عليا عوضا عن أبي بكر، مما يوضح أنهم لم يكونوا يأبون إمارة علي ولا كان عندهم إصرار على عدم انتخابه.
فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولوأن زوجكِ وابن عمكِ سبق إلينا قبل أبي بكر - رضي الله عنه - ما عدلنا عنه، فيقول علي كرم الله وجهه: أفكنت أدع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته لم أدفنه، وأخرج أنازع الناس سلطانه؟ فقالت فاطمة: ما صنع أبوالحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم)) (1).
... هذه هي قصة سقيفة بني ساعدة كما روتها كتب السيرة والتواريخ الإسلامية القديمة المعتمدة، ولا خلاف لها فيما روته كتب الشيعة القديمة اللهم إلا النذر اليسير، وليس في أي منها أي ذكر لغدير خم ولا لاحتجاج الإمام علي به!، إلى أن ظهر ذلك في كتاب شيعي (متأخر) هوكتاب "الاحتجاج على أهل اللجاج" للطبرسي (2) ضمن رواية، خاطئة تاريخيا، حيث يقول: [ ... فقال بشير بن سعد الأنصاري الذي وطَّأ الأرض لأبي بكر - رضي الله عنه - وقالت جماعة الأنصار: يا أبا الحسن لوكان هذا الأمر سمِعَتْهُ منك الأنصار قبل بيعتها لأبي بكر - رضي الله عنه - ما اختلف فيك اثنان، فقال علي - عليه السلام -: يا هؤلاء! أكنت أدع رسول الله مسجى لا أواريه، وأخرج أنازع في سلطانه؟ والله ما خفت أحدا يسموله، وينازعنا أهل البيت فيه، ويستحل ما استحللتموه، ولا علمتُ أن رسول الله (ص) ترك يوم غدير خُم لأحد حجة، ولا لقائل مقالا، فأُنشِدُ اللهَ رجلا سمع النبيَّ يوم غدير خم يقول " من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله " أن يشهد الآن بما سمع. قال زيد بن أرقم: فشهد اثنا عشر رجلا بدريا (3)
__________
(1) الإمامة والسياسة، ج 1/ ص 18. (مت)
(2) الطبرسي هذا هو: الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي المتوفى سنة 62. هـ (غير الطبرسي صاحب تفسير مجمع البيان الشهير) (مت)
(3) سنرى عما قريب أن عددا من هؤلاء الشهود، ومن جملتهم خزيمة بن ثابت وأبوالهيثم بن التيهان و... لم يكونوا يعتقدوت بالنص والتعيين الإلهي لعلي (ع) ولا كانوا يعتبرون هذا الحديث دالا على ذلك. أنظر الصفحة ... ... من هذا الكتاب.
بذلك وكنت ممن سمع القول من رسول الله (ص) فكتمتُ الشهادة يومئذ فدعا علِيٌّ علَيَّ فذهب بصري] (1).
... قلتُ: نسبة احتجاج أمير المؤمنين (ع) بقضية غدير خم، الذي رواه زيد بن أرقم، إلى عهد أبي بكر، أمر يخالف التواريخ المسلمة التي يبدوأن واضع هذه الرواية كان عديم الاطلاع عليها، فقد ذكرت المصادر التاريخية الموثقة ـ (كما جاء ذلك مفصلا في بحار الأنوار: ج22/ص32، والجزء الأول من كتاب الغدير) ـ أن استشهاد علي بواقعة الغدير وكتمان أوعدم كتمان زيد بن أرقم (2)، إنما حدث في رحبة الكوفة بعد ثلاثين عاما (من قصة السقيفة) في زمن خلافة أمير المؤمنين أثناء نزاعه مع معاوية، بهدف إثبات أن الحق معه وليس مع معاوية (لا بهدف إثبات النص الإلهي على خلافته!) وبهدف تشجيع المؤمنين على النهوض في قتال ابن أبي سفيان الذي نصب الحرب لعلي بغير حق، فذكَّرهم بواقعة الغدير كدليل وشاهد نبوي قاطع على أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بنصرته وموالاته ومعاداة من عاداه وحاربه: ((اللهم وال من والاه وعاد من عاداه و... )). وليس لهذا أي علاقة بموضوع النص على علي بالخلافة من قِبَلِ الله تعالى.
__________
(1) الاحتجاج على أهل اللجاج، ج 1 / ص 96 (طبعة النجف، عام 1386هـ/ 1966م) (مت)
(2) جمع الأميني في الجزء الأول من كتابه الغدير، روايات استشهاد أمير المؤمنين بواقعة الغدير: والرواية الثالثة والحادية عشرة منها لا تتضمن كتمان زيد بن أرقم في حين تتضمن باقي الروايات ذلك. هذا ومن الجدير بالذكر أن بعض رواة هذه الأخبار لم يكونوا من المعتقدين بالنص على علي، وذلك مثل "ابن عقدة" الذي كان زيدي المذهب ولم يذكر هذه الرواية إلا كشاهد من الشواهد على أفضليته (ع) فقط.
... هذا بالإضافة إلى أن كتاب الاحتجاج الذي ذكر في تلك الرواية الضعيفة (1) أن اثني عشر بدريا قاموا وشهدوا بما استشهدهم عليه أمير المؤمنين، ذكر رواية أخرى تخالفها حيث تبين احتجاج أولئك الاثني عشر (على أبي بكر) دون أن يأت في كلام أي واحد منهم أي ذكر أواحتجاج بغدير خم بل كل ما جاء في كلامهم أنهم بعد استئذانهم من أمير المؤمنين بالكلام قالوله: " يا أمير المؤمنين! تركت حقا أنت أحق به وأولى منه لأنا سمعنا رسول الله يقول: علي مع الحق والحق مع علي" وهذه الجملة بحد ذاتها لا تؤدي الغرض ولا تثبت النص على علي بالإمامة، بل أكثر ما يفيده ظاهرها أنه (ع) أكثر استحقاقا ولياقة بذلك المنصب من أي أحد آخر.
ما جاء في هذا الباب في كتب الشيعة
... 1 ـ كما ذكرنا، يتفق ما رواه الطبرسي في كتابه الاحتجاج ـ وهومن كتب الشيعة ـ عن قصة السقيفة وبيعة المهاجرين والأنصار لأبي بكر - رضي الله عنه -، مع ما جاء في كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة المقبول عند أهل السنة أيضا.
__________
(1) أنظر صفحة ... ... من هذا الكتاب حيث بينا دلائل ضعف هذه الرواية.
... 2 ـ كما رُوِيَت قصة السقيفة والبيعة لأبي بكر - رضي الله عنه - في كتاب " إثبات الوصية " المنسوب للمسعودي، والذي يعتبرونه من كتب الشيعة المعتمدة، كما نقل عنه ذلك العلامة المجلسي (1) (محمد باقر بن محمد تقي) في "بحار الأنوار" (2) فقال: ((واتصل الخبر بأمير المؤمنين بعد فراغه من غسل رسول الله ووتحنيطه وتكفينه وتجهيزه ودفنه بعد الصلوة عليه مع من حضر من بني هاشم وقوم من صحابته مثل سلمان وأبوذر ومقداد وعمار وحذيفة وأُبيّ بن كعب وجماعة نحوأربعين رجلا. فقام (أي علي) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن كانت الإمامة في قريش فأنا أحق بها من قريش وإن لم تكن في قريش فالأنصار على دعويهم، ثم اعتزلهم ودخل بيته)) (3).
... وإذا لاحظنا بدقة ما جاء في هذا الكتاب الذي عنونه صاحبه بِ" إثبات الوصية " أي الوصية بالخلافة لعلي، لا نجد فيه أي ادعاء من علي بأنه قد نصب لمقام الخلافة من قبل الله والرسول، بل كان الاستناد في الدعوى لموضوع قبلي فحسب حيث قال: إن كانت الخلافة في قريش فأنا أحق بها من أي أحد من قريش، في حين يجب القول أن عليا أولى بها من جميع الناس على الإطلاق لا لكونه منصوبا من جانب الله والرسول بل لكونه أليق وأعلم وأتقى وأسخى وأشجع من سائر الصحابة، وهي الصفات المطلوبة في كل خلفاء المسلمين.
__________
(1) هوالشيخ محمد باقر المجلسي،. من مشاهير علماء ومحدثي الشيعة الإمامية توفي سنة1111هـ (مت)
(2) أشهر كتب العلامة المجلسي سابق الذكر، يعد كتابه هذا دائرة معارف أحاديث الشيعة حيث جمع فيه مؤلفه كل الروايات والكتب والمصنفات الحديثية التي خلفها من سبقه من علماء الشيعة في كتاب ضخم يقع في أكثر من خمسين مجلد من القطع الكبير، وأكثر من مائة وعشرة مجلدات في الطبعة الحديثة (مت)
(3) بحار الأنوار: ج 8 / ص 58 (الطبعة الحجرية القديمة في تبريز)
... 3 ـ ويروي الشيخ الطوسي (1) في الصفحة 394 من كتابه "تلخيص الشافي" (2) ـ كما نقل ذلك عنه المجلسي في الصفحة 63 من المجلد الثامن من "بحار الأنوار" (3) ـ قصة السقيفة والبيعة لأبي بكر - رضي الله عنه - فيقول: (( ... عن أبي مخنف عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمر الأنصاري قال: أن النبي صلىالله عليه وآله لما قُبِضَ اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة فقالوا: نُوَلِّي هذا الأمر من بعد محمد - عليه السلام -: سعدَ بن عبادة، وأخرجوا سعدا إليهم وهومريض فلما اجتمعوا قال لابنه أولبعض بني عمه: إني لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلامي ولكن تلقَّ مني قولي فأَسْمِعْهم، فكان يتكلم، ويحفظ الرجلُ قولَه فيرفع به صوته ويسمِع أصحابه، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه، يا معشر الأنصار إن لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب .... (إلى آخر كلامه)))، ثم لما شعر الأنصار باحتمال عدم قبول قريش لذلك قالوا: ((منا أمير ومنكم أمير ولن نرضى بدون هذا أبداً، فقال سعد بن عبادة لما سمعها: " هذا أول الوهن " وأتى عمرَ الخبرُ فأقبل إلى منزل النبي (ص) فأرسل إلى أبي بكر وأبوبكر في الدار وعلي - عليه السلام - في جهاز النبي صلىالله عليه وآله ... إلخ.))
__________
(1) هوأبوجعفر محمد بن الحسن الطوسي الملقَّب بشيخ الطائفة، يُعْتَبر من رؤوس علماء ومحدثي الإمامية وأعظم فقهائهم المتقدمين، طرد من بغداد فهاجر للنجف وتوفي فيها سنة 445 هـ. (مت)
(2) كتاب لخص فيه كتاب " الشافي في الإمامة وإبطال حجج العامة " للشريف المرتضى الملقَّب بعلم الهدى المتوفى سنة 436 هـ. (مت)
(3) من طبعة تبريز الحجرية القديمة وهي الطبعة التي كانت بحوزة المؤلف حيث لم تكن قد صدرت الطبعة الجديدة المحققة بعد. (مت)
... ويروي نفس قصة السقيفة التي انتهت بالبيعة لأبي بكر - رضي الله عنه -، دون أن نجد في القصة أي كلام عن نصب الإمام علي خليفة من قبل الله ورسوله أوعن قصة الغدير.
... ولقد جاءت في بعض كتب الشيعة الأخرى قصص وروايات مختلفة أخرى أيضا عن قضية السقيفة وموضوع الخلافة والبيعة لأبي بكر - رضي الله عنه - ومعارضة حضرة علي - عليه السلام - ورد فعل مؤيدي أبي بكر - رضي الله عنه - تجاه معارضة علي وسنتعرض لهذه الروايات في حينها إن شاء الله. أما ما يلزم التذكير به هنا، أنه خلال حادثة السقيفة والمحاججات التي جرت فيها وبعدها (طبقا لما روته كتب الشيعة والسنة)، لم يأت أي ذكر لقضية غدير خم أولكون علي منصوب من قبل الله ورسوله للإمامة وخلافة الرسول، لا من قِبَل أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) ولا من قِبَل المتحزِّبين لعليٍّ، مع أن المدة بين حادثة غدير خم ووفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لم تزد عن 7. يومٍ فقط! حيث أن قضية الغدير ـ طبقا لكل التواريخ ولإجماع الشيعة ـ وقعت في 18 من ذي الحجة سنة 1. للهجرة أثناء عودة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) من حجة الوداع، مع اتفاقهم على أن وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وقعت في 28 من صفر سنة 11 للهجرة (1).
__________
(1) ولواعتبرنا أن وفاة النبي (ص) وقعت في 12 ربيع الأول (كما يذكر ابن كثير في كتابه الفصول في سيرة الرسول، طبع 14.2هـ، ص 22.) فإنه يكون قد مضى على واقعة الغدير ثلاثة وثمانون يوما فقط أيضا.
... فلوأن حادثة الغدير كانت حقا على النحوالذي يدعيه المدعون من أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قام خطيبا في غدير خم، فيما يزيد على مائة ألف من أصحابه الذي جاؤوا معه لحجة الوداع، فخطب بهم خطبة طويلة مفصلة نصب فيها عليا خليفة له وإماما للمسلمين وأخذ له البيعة من الحاضرين جميعا، بل حتى في بعض الروايات أنه توقف في ذلك المكان ثلاثة أيام، ليأخذ البيعة له من جميع أفراد الأمة حتى من النساء، وأن حسان بن ثابت أنشد أبيات من الشعر في هذه المناسبة (1)
__________
(1) يذكر العلامة الأميني في الجزء الثاني من كتابه الغدير (الطبعة الثالثة، ص 34) القصيدة التي قيل أن حسان أنشدها ذلك اليوم أمام الرسول (ص) وقال فيها:
... يناديهم يوم الغدير نبيهم ... بخم وأسمِع بالرسول مناديا
... فقال: فمن مولاكم ونبيكم ... فقالوا، ولم يبدوا هناك التعاميا
... : إلهك مولانا وأنت نبينا ... ولم تلق منا في الولاية عاصيا
... فقال له: قم يا علي، فإنني ... رضيتك من بعدي إماما وهاديا
... فمن كنت مولاه فهذا وليه ... فكونوا له أتباع صدق مواليا
... هناك دعا: اللهم وال وليه ... وكن للذي عادى عليا معاديا
فينبغي أن نعلم أن لا أثر لهذه القصيدة في الديوان المعروف والمطبوع لحسان بن ثابت، وأن هذه الأبيات وضعت وصيغت في القرن الهجري الرابع فما بعد، ذلك أن أول من روى هذه الأبيات ـ كما صرح بذلك العلامة الأميني ـ هوالحافظ: "أبوعبد الله المرزباني محمد بن عمران الخراساني" المتوفى سنة 378 هجرية، أي بعد حوالي ثلاثمائة عام من رحلة النبي (ص)!! وعليه فهناك ـ في اصطلاح علم الرواية ـ انقطاع واضح وكبير في سند هذا النقل، أي رغم توفر الدواعي لنقله واشتهاره، مضت قرابة ثلاثة قرون دون أن يكون لأحد من المسلمين خبر عنه!، ومن البديهي أنه لوقيلت مثل هذه الأبيات في يوم الغدير، لا سيما في ذلك العصر، لتناقلتها الألسن بسرعة ولحفظت وانتشرت، في حين أنه حتى في آثار أهل البيت ـ عليهم السلام ـ وفي أقدم كتب الشيعة الروائية والكلامية، لا يوجد أدنى إشارة أوأثر لهذه الأبيات مع أنه من المفترض أن يستشهد بها نفس أمير المؤمنين وأولاده وشيعته ويحتجون بها مرارا وتكرارا على مخالفيهم ورقبائهم.
... هذا علاوة على أن سند هذا الخبر، من ناحية رجاله، متهاوساقط من الاعتبار لأن أحد رواته "يحيى بن عبد الحميد"، قال فيه أحمد بن حنبل: ((كان يكذب جهارا!)) (أنظر ميزان الاعتدال في نقد الرجال للحافظ الذهبي، دار المعرفة، بيروت ج 4، ص 392). وراوآخر من رواته: "قيس بن الربيع" قيل فيه: ((لا يكاد يعرف عداده في التابعين، له حديث أنكر عليه .. )) (ميزان الاعتدال، 3/ 393). والراوي الثالث من رواته: "أبوهارون العبدي" واسمه الأصلي " عمارة بن جوين" قال عنه أحمد بن حنبل: ((ليس بشيء)) وقال ابن معين: ((ضعيف لا يصدق في حديثه!)) وكذلك وصفه النسائي بأنه: ((متروك الحديث!)) وقال عنه الجوزجاني: ((أبوهارون كذاب مفتر)) وقال شعبة: ((لإن أُقَدَّم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أحدث عن أبي هارون)) (ميزان الاعتدال، ج3 / ص 173).
... أما بالنسبة لكتاب "سليم بن قيس الهلالي" فقد روى عن حسان بن ثابت أبياتا مختلفة مطلعها:
... ... ألم تعلموا أن النبي محمدا ... لدى دوح خمٍّ حين قام مناديا
... (كتاب سليم بن قيس، منشورات دار الفنون، مكتبة الإيمان، بيروت، ص 229)
ومن العجيب أن العلامة الأميني لم يشر إلى أن الأبيات التي نسبها "سليم بن قيس" في كتابه لحسان بن ثابت غير الأبيات التي أوردها هوفي الجزء الثاني من كتابه "الغدير"!
... وكتاب "سليم بن قيس" قال عنه العلامة الحلي: ((والوجه عندي الحكم بتعديل المشار إليه والتوقف في الفاسد من كتابه)) ونقل عن ابن عقيل قوله: ((والكتاب موضوع لا مرية فيه)) (انظر خلاصة الأقوال في معرفة الرجال للعلامة الحلي، منشورات رضي، قم، ص 83). وكذلك قال ابن داووالحلي: ((سليم بن قيس الهلالي ينسب إليه الكتاب المشهور وهوموضوع بدليل أنه قال إن محمد بن أبي بكر وعط أباه عند موته وقال فيه إن الأئمة ثلاثة عشر مع زيد وأسانيده مختلفة. لم يروعنه إلا أبان بن أبي عياش وفي الكتاب مناكير مشهورة وما أظنه إلا موضوعا.)) (الرجال، لابن داوود الحلي، المطبعة الحيدرية، النجف، ص 249).
... وقال المرجع الكبير السيد أبوالقاسم الخوئي زعيم الحوزة العلمية في النجف عن هذا الكتاب: ((والكتاب موضوع لا مرية فيه، وعلى ذلك علامات فيه تدل على ما ذكرناه، منها ما ذكر أن محمد بن أبي بكر وعظ أباه عند الموت، ومنها أن الأئمة ثلاثة عشر، وغير ذلك. قال المفيد: هذا الكتاب غير موثوق به، وقد حصل فيه تخليط وتدليس .. )). (انظر معجم رجال الحديث، طبع قم، الجزء الثامن/ ص 219) ( x).
، بالإضافة لقولهم أن رسول الله ذكَّرَ أكثر من مرَّةٍ بنصبه للإمام علي ـ بأمر الله تعالى ـ أميرا وخليفة له عليهم، وأكد ذلك الأمر حين وفاته (صلى الله عليه وآله وسلّم)، ليزيده استحكاما، ورغم كل ذلك وبمجرد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلّم) لم يأْبَهْ أصحابه ـ باستثناء قلة نادرة لا يزيد تعدادها على أحسن الأقوال عن أربعين رجل ـ لكل هذه التأكيدات والأوامر الإلهية ولم يُعِيْروها أي اهتمام ولا أشاروا إليها أدنى إشارة، بل سارعوا للعمل على اختيار خليفة من بينهم، ففي البداية رشّح الأنصار وأهل المدينة سعد بن عبادة - رضي الله عنه - لخلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وتحركوا لنصبه فتقدَّم المهاجرون بدورهم وقَلَبوا الأمر على الأنصار معتبرين أنفسهم أليق وأحق بمقام الخلافة منهم وحازوا فعلا منصب الخلافة بعد احتجاجاتهم التي تقدم ذكرها، ولم يأتوا في كل ذلك بأي ذكر على الإطلاق للإمام علي وخلافته المنصوص عليها ولا لقضية غدير خم وأخذ الرسول البيعة منهم لعليّ؟؟! إنها قصة عجيبة حقا تفوق السحر والمعجزة لأنها من عالم المستحيلات التي يستحيل حدوثها في عالم البشر، ولم يقع لها نظير في تاريخ الدنيا! ولا يمكن لأي مجنون فضلا عن ذي العقل السليم أن يصدق مثل هذا الأمر.
... كيف، ولواجتمع مسافران في طريق سفرٍ، فتناولا مع بعض قدحا من الشاي وتبادلا شيئا من الحديث، لاستحال أن ينسيا تماما ما حصل بينهما بعد 7. يوم ولا يذكرا هذا الاجتماع في أي مناسبة طوال حياتهم!!
... فكيف أمكن لمائة ألف أويزيدون جمعهم في مكان واحد أمر على هذه الدرجة من الأهمية كالبيعة التي لها عند المسلمين والعرب بشكل خاص أهمية لا يضاهيها في أهميتها شيء، أن يتناسوها تماما أويجحدوها بعد سبعين يوم فقط لدرجة أن أحدا منهم لا يذكر شيئا منها طوال عمره؟ إن مثل هذا الاتفاق لم يحدث في أي ملة من الملل.
... والأعجب من ذلك أنه حتى أولئك الأربعين شخصا مورد الادعاء الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر - رضي الله عنه -، لم يتكلموا أبدا عن شيء اسمه نص على علي - عليه السلام - أوتعيين له من قبل الله ورسوله ولا احتجوا أصلا بشيء من هذا القبيل، بل لم تكن حجتهم إلا أنهم اعتبروا عليا أحق وأولى بهذا المقام، وحتى أولئك البدريين الاثني عشر الذين احتجوا على أبي بكر - رضي الله عنه - ـ طبقا لما ذكره الطبرسي في كتابه الاحتجاج ـ واعترضوا على خلافته، لم يحتجُّوا بغدير خم. وكذلك لم ينقل عن أحد من الذي انفصلوا عن القافلة المتجهة للمدينة ـ بعد سماعهم خطبة الغدير ـ وانطلق كل منهم في طريقه إلى موطنه، ولم يكن لهم دوافع المهاجرين المقيمين في المدينة، لم يسمع عن أحد منهم اعتراضا عندما وصل إليهم نبأ اختيار أبي بكر للخلافة أوتعجبا من أنه كيف صار خليفة مع أن علياً هوالذي نصبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - للخلافة؟ لماذا لا نرى في كتب التاريخ أي أثر لمثل هذا الاعتراض أورد الفعل؟؟!
... مثل هذا الاتفاق على الكتمان والتوحد على النسيان الذي ادُّعي حصوله في أمة الإسلام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليس له حقا نظير في أي أمة في التاريخ!! والأعجب من ذلك أن عليا - عليه السلام - نفسه أيضا لم يُشِر إلى شيء من هذا الباب ولا احتج به! إذن هذا يدل على أنه في الغدير لم يكن هناك نص على الخلافة. وللأسف لُفِّقَتْ في كتب الشيعة مطالب حول هذه القضية وخُلِطت أمور بعيدة عن العقل والمنطق ينكرها الوجدان ويأباها الإنصاف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سقيفة بني ساعدة
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بيعة ثقيفة بني ساعدة في كتابات المحدثين



صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع الفرقان :: Known to the islam :: الحـوار الشيعــي :: شبهات الشيعه وردها :: شبهات حول الصحابه-
انتقل الى: