سأبيّن تهافت استدلالات الشيعة بشكل عام ولكنني سأستخدم هذا المثال في هجومهم على أم المؤمنين عائشة كمثال للحالة العامة من تهافت استدلالات الشيعة ويمكن القياس عليها بالنسبة لباقي الأمور . ومما يقوى هذا المثال هو أن أحد الشيعة بيّن بنفسه تهافت استدلالاته وهو يصر على رأيه وتأخذه العزة بالإثم .
فالشيعة يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون بالبعض الآخر حتى لو كان هذا الأمر أمرا عظيما مثل اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يخالف القرآن الكريم ولو بطريقة غير مباشرة . هناك منهم من يقوم بذلك متعمدا ضاربا بعرض الحائط الثوابت الإسلامية وقد يكون بعضهم يفعل هذا جهلا جريا خلف المضللين الذين يسيّرونهم ، ولكن هؤلاء من يفعلون ذلك جهلا تأخذهم العزة بالإثم فلا يرتدعون بعد أن يتم توضيح الحق لهم .
أدعو كل شيعي منصف أن يتابع الموضوع التالي وبذلك فهو بنفسه يحكم على ما أحاول أنا أن أبيّنه ، فهذا الموضوع هو عينة ومثال من تهافت استدلالات الشيعة .
البداية كانت عن النقاش بيني وبين بعض الزملاء الشيعة حول صحيح البخاري ، فأرسلت أنا رسالة أشرح بعض أسباب هجوم الشيعة على أم المؤمنين عائشة وبينت أن من أسباب ذلك هو أن الشيعة يحورون الروايات والأحاديث لتناسب مقصدهم في إيذاء أم المؤمنين عائشة ، فإذا بالزميل " جابر الأنصاري " يورد هذا الحديث من صحيح البخاري :
[ صحيح البخاري، في الخمس، باب ماجاء في بيوت النبي(ص):
حدثنا موسى بن اسماعيل حدثنا جويرية عن نافع عن عبدالله قال: قام الرسول (ص) خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال: ها هنا الفتنه من حيث يخرج قرن الشيطان. ]
طيعا واضح أن الزميل " جابر الأنصاري " أورد حديث للنيل من أم المؤمنين عائشة ولتأييد بقية بني ملته " ذو الشهادتين " و " مالك الأشتر " و " ذو الفقار " و " رحمة العاملي " وغيرهم من الذين يقودون حملة شعواء للنيل من أم المؤمنين عائشة إلى حد تكفيرها .
طلبت أنا من الزميل " جابر الأنصاري " أن يجيب على بعض الأسئلة حتى يبين لنا أن استشهاده بهذا الحديث لتبرير هجومه على أم المؤمنين عائشة هو على بينة لأن الأمر يتعلق يتكفير مؤمنة وليس أي مؤمنة بل أم المؤمنين ( هذه الرسائل موجودة في نفس الصفحة المشار إليها ) . فسألته بعض الأسئلة أوردها هنا مع أجوبتها :
س1 : ماذا تستدل من هذا الحديث : هل عائشة هي قرن الشيطان ؟
جابر الأنصاري : " الحديث صريح ولا يحتاج إلى توضيح :ان عائشة هي المقصودة بقرن الشيطان، وإلا لما أشار الرسول (ص) إلى مسكنها ".
س2 : أليس معنى كلامك أن الرسول صلى الله عليه وسلم متزوج من امرأة هي قرن ((الشيطان)) ؟
جابر الإنصاري : " ما المانع من زواج الرسول من قرن الشيطان . فهذا نبينا نوح ونبينا لوط عليهما السلام قد تزوجا من كافرتان " .
س3 : هل قرن الشيطان تكون مؤمنة أم كافرة ؟
جابر الأنصاري : " نعم ان الرسول (ص) تزوج من قرن الشيطان(عائشة)، وهي كافرة " .
س4 : هل يمكن حسب عقيدتك أن يخالف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم القرآن الكريم ؟
جابر الأنصاري : " لا وألف لا ، فالرسول (ص) تستحيل مخالفته للقرآن " .
س5 : هل طلق النبي صلى الله عليه وسلم عائشة ؟
جابر الأنصاري : " لا " .
إذا خلاصة ما يعتقد به الزميل " جابر الأنصاري " حسب ما صرح بنفسه هو التالي :
" الرسول صلى الله عليه وسلم متزوج من كافرة هي قرن شيطان ولم يطلقها حتى وفاته عليه الصلاة والسلام ، وكذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يستحيل أن يخالف القرآن الكريم " .
المفاجأة الكبرى لجابر الأنصاري ولكل من يحذو حذوه :
أنت حكمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد خالف القرآن الكريم بأن أبقى في عصمته كافرة ولم يطلقها رغم أن الله سبحانه وتعالى أمر المسلمين بعدم إبقاء الكافرات في عصمتهم .
إنكم في محاولتكم النيل من أم المؤمنين حكمتم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد خالف كلام الله عز وجل ولم يصحح مخالفته حتى وفاته عليه الصلاة والسلام ، بالرغم من أن اعتقادك أن الرسول صلى الله عليه وسلم يستحيل أن يفعل ذلك ولكن بغضك لعائشة دفعك لأن تدفع الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك .
وإليكم الدليل على ما أقول من كتب الشيعة أنفسهم :-
يقول الله تعالى في كتابه الكريم :
{ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ } (البقرة 221) .
ويقول في آية أخرى :
{ ولا تمسكوا بعصم الكوافر } (الممتحنة 10) .
وآية { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } نورد هنا بعض التفاسير الشيعية عنها :
تفسير الميزان (الشيعي) :
[ العصم هو العصمة وهو النكاح الدائم يحصن المرأة ويحصنها ، وإمساك العصمة إبقاء الرجل بعدما أسلم زوجته الكافرة على زوجيّتها ، فعليه بعدما أسلم أن يخلي عن سبيل زوجته الكافرة سواء كانت مشركة أو كتابيّة ] .
وفي موضع آخر : [ قال الزهري : ولما نزلت هذه الآية وفيها قوله { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } ؛ طلق عمر بن الخطاب امرأتين كانتا له بمكة مشركتين : قرنية بنت أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما في مكة ، والأخرى أم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية أم عبد الله بن عمر فتزوجها أبو جهم بن حذاقة بن غانم رجل من قومها وهما على شركهما وكانت عند طلحة بن عبيد الله أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ففرق بينهما الإسلام حين نهى القرآن عن التمسك بعصم الكوافر ... ]
تفسير مجمع البيان (الشيعي) :
[ " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " أي لا تمسكوا بنكاح الكافرات ] .
تفسير القمي (الشيعي) :
[ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } يقول : " من كانت عنده امرأة كافرة يعني على غير ملة الإسلام وهو على ملة الإسلام فليعرض عليها الإسلام ؛ فإن قبلت فهي امرأته ، وإلا فهي بريئة منه فنهى الله أن يمسك بعصمتها ] .
حسب معتقد الشيعة بتكفير أم المؤمنين عائشة فإنهم لم ينالوا من عائشة فقط بل نالوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا ، وإلا فلماذا يأتون باستشهادات ويوضحون للناس أن هذه تدل على كفر زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم .
قولكم بأن عائشة هي المقصودة بقرن الشيطان وبالتالي هي كافرة هو تهجم غير مباشر على الرسول صلى الله عليه وسلم .
لماذا لا يسقط أهل السنة والجماعة في نفس الحُفر التي يسقط فيها الشيعة بالرغم من أنهم يقرأون نفس الأحاديث ؟
لأن فهم أهل السنة والجماعة للإسلام هو فهم شمولي للإسلام نصا وروحا وعقيدة وتاريخا لا تشوبه شوائب التحريف والتضليل وأهواء العلماء المضللين ولا الدخلاء على الدين كما هو حاصل عند الشيعة .
أرأيتم كيف هو تهافت استدلالات الشيعة ؟
هذا الموضوع هو مثال لجميع استدلالات الشيعة للنيل من رموز الإسلام التي يحترمها جميع المسلمين (ما عدا الشيعة) لأن في النيل من هؤلاء فيه نيل من الرسول صلى الله عليه وسلم والنيل من الإسلام دين الله عز وجل .
إنني أدعو كل شيعي منصف أن يتمعن في هذا الموضوع جيدا ويراجع نفسه كثيرا فيما يعرضه البعض عليه ، فالمسألة مسألة حساب عسير يوم القيامة عندما يقف بين يديّ الله عز وجل .
وأحذركم من أن تأخذكم العزة بالإثم .
تأملوا جميعا هذه الآية الكريمة التي سوف أوردها فيما يلي .
---------------------------------
{ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا }
(الأحزاب 58) .
محمد إبراهيم