بسم الله الرحمن الرحيم
أطلعني أحد الإخوة وفقه الله تعالى للخير , لكلام سرقهُ أهل البدع من ملتقى أهل الحديث , وحول حول كتاب " علل الحديث في صحيح مسلم " للهروي وإتخذ الرافضة ما صنفهُ اهل الحديث شبهةً للطعن في صحيح مسلم , والقول أن هناك تلاعب في نسخ صحيح مسلم رحمه الله تعالى , فكم خابت الرافضة وخسأت في حديثها وكلامها نسأل الله تعالى العافية وبإذن الله سنفندُ هذا الكلام ونبينُ الصواب , رغم أنهُ لا إشكال في العلل للهروي , ولا إشكال في الكلام ولا أرى في ذلك تلاعب في النسخ .
الحديث الأول : ( وَوجدت فِيهِ عَن أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن سعد بن هِشَام عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بالأجراس أَن تقطع من أَعْنَاق الْإِبِل يَوْم بدر .قَالَ أَبُو الْفضل : وَهَذَا حَدِيث لَا أصل لَهُ عندنَا من حَدِيث شُعْبَة وَإِنَّمَا يعرف من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة ) ثم سرقت الرافضة المخطوطة من كتاب العلل لصحيح مسلم وهذه الوثيقة , وهي من الاحاديث التي نسبت إلي صحيح مسلم وليست في صحيح مسلم وليس في ذلك شيئاً من الكلام حول النسخ وهذا من إختلاف نسخ صحيح مسلم رحمه الله تعالى وليس فيه تلاعب .
http://tinypic.com/view.php?pic=2lwvigw&s=7#.VBQFMEC_9kgقال الشيخ عبد الرحمن الفقيه : " ما قاله ابن رجب في فتح الباري(5/103) ( وقد خرجه مسلم من طريق الإمام أحمد بدون هذه الزيادة ، وظن جماعة أنها في سياق حديث مسلم فعزوها إليه ، ومنهم الحميدي وأبو مسعود الدمشقي حتى أنه عزاها بانفراد إلى مسلم ولعلهم وجدوها في بعض نسخ ((الصحيح)) والله أعلم .
وقال ابن رجب (7/251) ( وروى عامر بن سعد عن العباس بن عبدالمطلب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب : وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه) وقد عزاه غير واحد من الحفاظ إلى صحيح مسلم ولم نجده فيه ) .
قال في الحاشية( ونحو هذا ما قاله ابن العراقي أبو زرعة(لم أقف عليه في الصلاة من صحيح مسلم ) وانظر النكت لظراف على الأطراف فبي هامش التحفة (4/265).
والحديث في صحيح مسلم برقم (491) ط عبدالباقي وفيه سبة أطراف بدل من آراب والذي في تحفة الأشراف (4/265) آراب ، وهذا الحديث ليس موجودا في الطبعة السلطانية) انتهى " ثم الحديث على شرط البخاري ومسلم ولا يمكن القول بأن هذا تلاعب في نسخ صحيح مسلم رحمه الله تعالى , بل إن الإختلاف في الأحاديث التي وردت في صحيح مسلم لا يمكن أن يكون مطعناً في الأخبار وإنما بيانٌ صريح لما إختلف فيه من الأخبار في نسخ صحيح مسلم رحمه الله تعالى , وكلُ ما في الصحيح متفق عليه إلا بعض الأحاديث التي إختلف في نسخها وليس تلاعباً بها .
ثم تعليقهُ في العلل يثبتُ ان الحديث لا أصل لهُ عندنا في صحيح مسلم , وإنما عزى اهل العلم بعض الأحاديث إلي صحيح مسلم وليست في الصحيح بل إختلاف النسخ وارد إلا أن الإختلاف لا يقدح في صحة الأحاديث ولا صحيح مسلم , بل إن هناك أحاديث رواها مسلم عزاها أهل العلم لهُ ولم يخرجها في صحيحهِ " قال أبو الفضل وهذا حديث لاأصل له عندنا من حديث شعبة وإنما يعرف من حديث سعيد بن أبي عروبة " , ولا يمكن الكلام على هذه الأحاديث بمجرد إختلاف النسخ , كما أن الإمام الألباني صحح الحديث وقال أبي الفضل أنهُ لا أصل بهِ عندنا , والراجح من كلامهُ في نسخة صحيح مسلم رحمه الله .
الحديث الثاني : (وَوجدت فِيهِ عَن عبد بن حميد عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اجْتهد فِي الدُّعَاء قَالَ :جعل الله عَلَيْكُم صَلَاة قوم أبرار يقومُونَ اللَّيْل وَيَصُومُونَ النَّهَار وَلَيْسوا بأثمة وَلَا فجار ) قال أبو الفضل ورفع هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم خطأ ، وأحسبه من عبد بن حميد والصحيح ما حدثنا محمد بن أيوب قال حدثنا موسى حدثنا حماد أخبرنا ثابت قال قال أنس ( كان إذا اجتهد لأخيه في الدعا) فذكر الحديث مثله) انتهى وذكر في الحاشية عن الضياء أنه قال (وذكر بعض المحدثين أن مسلما رواه عن عبد بن حميد ولم أره في صحيح مسلم والله أعلم) انتهى وأصلهُ في مسند عبد الحميد (1/402) : " ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا اجتهد لأحد في الدعاء قال جعل الله عليكم صلاة قوم أبرار يقومون الليل ويصومون النهار ليسوا بأثمة ولا فجار " .
وقال : " قَالَ أَبُو الْفضل :وَرفع هَذَا الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطأ وَأَحْسبهُ من عبد بن حميد وَالصَّحِيح مَا حَدثنَا مُحَمَّد بن أَيُّوب قَالَ حَدثنَا مُوسَى حَدثنَا حَمَّاد أخبرنَا ثَابت قَالَ قَالَ أنس كَانَ أحدهم إِذا اجْتهد لِأَخِيهِ فِي الدُّعَاء " فإن الكلام يثبتُ ان الحديث إنما أصله عند عبد الحميد وعُزي إلي صحيح مسلم وليس في الصحيح .
قال في الحاشية (وقال الحافظ ابن حجر في النكت الظراف (10/301) بعد أن أورده ( قال البيهقي في الشعب عن بعض الحفاظ إن مسلما أخرجه عن القواريري عن أبي بكر الحنفي عن عاصم قال ونظرت في صحيح مسلم فلم أجده فيه ولم يذكره أبو مسعود في تعليقه قلت أراد بعض الحفاظ أباالفضل بن عمار المعروف بالشهيد ، فإنه ذكره في الجزء الذي تتبع فيه أوهام مسلم )وكذا في أطراف العشرة كما في اللآلىء(2/297) وعقب السيوطي على ماسبق بقوله (فإنه في صحيح مسلم في غير الرواية المشهورة ، فإنه روايات متعددة) انتهى من حاشية العلل , فكيف بالله عليكم يطعنُ مثل هؤلاء في صحيح مسلم , وإن نسخ صحيح مسلم وإن إختلف في نسخهِ لا يدري المرءُ كيف يعتبرُ هذا تلاعباً في النسخ نسأل الله العافية ولا أدري من أين يتكلمون بمثل هذا , يسرقون النصوص من ملتقى أهل الحديث وينسبونها لأنفسهم .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 425 :
رواه عبد الحميد في " المنتخب من المسند " ( 147 / 2 ) : حدثنا مسلم بن إبراهيم
حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت عن أنس مرفوعا .
قلت : و هذا سند صحيح على شرط مسلم و قد أخرجه الضياء في " المختارة " ( ق 34 /
1 ) من طريق عبد بن حميد و قال : " و ذكر بعض المحدثين أن مسلما رواه عن عبد بن
حميد بهذا الإسناد و لم أره في " صحيح مسلم " و الله أعلم " .
الحديث الثالث : ( وَوجدت فِيهِ عَن القواريري عَن أبي بكر الْحَنَفِيّ عَن عَاصِم ابْن مُحَمَّد الْعمريّ عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَقَالَ الله عز وَجل أَبْتَلِي عَبدِي الْمُؤمن فَإِن لم يشكني إِلَى عواده أطلقته من أسار علته ثمَّ أبدلته لَحْمًا خيرا من لَحْمه ودما خيرا من دَمه ثمَّ ليأتنف الْعَمَل .قَالَ أَبُو الْفضل : وَهَذَا حَدِيث مُنكر وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَاصِم بن مُحَمَّد عَن عبد الله بن سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه وَعبد الله بن سعيد شَدِيد الضعْف .قَالَ يحيى بن سعيد الْقطَّان : مَا رَأَيْت أحدا أَضْعَف من عبد الله بن سعيد المَقْبُريوَرَوَاهُ معَاذ بن معَاذ عَن عَاصِم بن مُحَمَّد عَن عبد الله بن سعيد عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَةوَهُوَ حَدِيث يشبه أَحَادِيث عبد الله بن سعيد ) وقد أفاد الشيخ عبد الرحمن الفقيه الكلام حول الروايات التي كانت في الصحيح , والراجحُ من الكلام أنها نسبت إلي صحيح مسلم وليست في نسخ صحيح مسلم فشتان بين النسخ ونسب الأحاديث فإن الإختلاف في النسخ كما قال الشيخ عبد الرحمن الفقيه وراد إلا أن هذه الأحاديث نسبت إلي صحيح مسلم , وليست في نسخ صحيح مسلم .
وقال الشيخ العلامة عبد الله آل سعد : " ثبتت نسبة هذه الأحاديث إلي صحيح مسلم وليست في صحيح مسلم " كما نقلها أحد الإخوة في ملتقى أهل الحديث بالإشارة إلي سؤال الشيخ العلامة عبد الله آل سعد حول الروايات والأخبار التي نسبت إلي صحيح مسلم قال هي نسبت ولكنها ليست في النسخ فأين التلاعب في نسخ صحيح مسلم فتعس الرافضة أينما حلوا والله ما رأينا مثل هذا جهلاً .
قال الشيخ عبد الرحمن الفقيه : " ولكن عدم وجود عدد من الأحاديث في النسخ المشهورة من صحيح مسلم كهذه التي ذكرها الفضل بن عمار قد لايصح نسبتها لمسلم إما لكونه قد حذفها من صحيحه أو غير ذلك , قال البغا في حاشيته على صحيح الإمام البخاري(1/204)في تعليقه على الحديث (532) (ذكر العيني أنه أخرجه مسلم ، ولم أعثر عليه عنده) انتهى كلام البغا.لم يذكره المزي في تحفة الأشراف(5/365) " .
وقال الشيخ : " قال ابن كثير في جامع المسانيد(21/5911) (قال الضياء رواه أحمد بن منيع عن أبي نصر التمار عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال كان أحدهم إذا اجتهد لأخيه في الدعاء فذكره من قول أنس ورواه سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس مرفوعا .وقال الضياء وذكر بعض المحدثين أن مسلما رواه عن عبد بن حميد ولم أره في صحيح مسلم والله أعلم) انتهى كلام ابن كثير " . وقد أسهب الشيخ أبي عمر الفقيه حفظه الله تعالى في الكلام حول الأحاديث التي نسبت في صحيح مسلم ولم توجد في النسخ , وليس في ذلك ما قد يتحامل بهِ على أهل السنة , ولكم الرابط .