نصب المجانيق على قصة الغرانيق ..
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين , محمد بن عبد الله وعلى ألهِ وصحبه أجمعين .
إن من النصوص التي سعى الرافضة لأثباتها هي " حادثة الغرانيق " متغاضين عن النصوص العلمية والتحقيقات الحديثية لأهل العلم والدراية , وهي قصة هالكة لا تثبت وكما قال فضيلة الشيخ عثمان الخميس في تحقيقها وأنها ضعيفة في موقعهِ المنهج , كان الكلامُ تأييداً لهُ ممن سبقهُ من المحققين في أخبار " الغرانيق " ولعلنا نوردُ الصحيح في قصة الغرانيق , عسى الله ينفع بها وما سنكتبهُ بإذن الله تعالى .
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَرَأَ النَّجْمَ فَلَمَّا بَلَغَ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى { 19 } وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى { 20 } سورة النجم آية 19-20 , أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى وَشَفَاعَتُهُنَّ لَتُرْتَجَى , فَلَمَّا سَجَدَ سَجَدَ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْلِهِ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ سورة الحج آية 52ـ55 يَوْمُ بَدْرٍ " . وهي ضعيفة .
أسنى المطالب في إختلاف المراتب (1/193) : " فهذه القصة كذب مفترى كما ذكر هذا غير واحد ولا عبرة بمن قواها وأولها إذ لا حاجة لذلك وصح من هذه القصة في الصحيح قراءة سورة النجم وسجوده وسجود المسلمين والكافرين وليس فيه ذكر قصة الغرانيق أصلا وما هو مذكور في السورة المذكورة من ذم آلهتهم في قوله -تعالى- إن هي إلا الأسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان الآية يكذب هذه المقالة المضللة إذا لو وقعت منه لردوا عليه قوله حيث اجتمع فيه الذم والمدح ولا يدل سجود المشركين على صحتها لأنهم ربما سجدوا لآلهتهم تعظيما لها كما سجد رسول الله تعظيما لسيده وخالقه -سبحانه وتعالى- وأما نزول قوله -تعالى- وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى الآية فلم يعلم هل نزلت قبل هذا أو بعده أو في حينه وقول ابن عباس -رضي الله عنه- في تفسيره إن تمنى معناه تلا وقرأ كما يشهد له قول القائلتمنى كتاب الله أول تمني داود كتاب على رشد " .
جاءت هذه القصة بأسانيد خلاف إسناد سعيد بن جبير وقد جاءت بهذا اللفظ : " يروى هذا من طريق الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس أ.هـ. و الكلبى متروك و لا يعتمد عليه ، و كذا أخرجه النحاس بسند آخر فيه الواقدى و ذكره ابن إسحق فى السيرة مطولا ، و أسندها عن محمد بن كعب و كذلك موسى بن عقبة فى المغازى عن ابن شهاب الزهرى ، و كذا ذكره أبو معشر فى السيرة له عن محمد بن كعب القرظى و محمد بن قيس و أورده من طريقه الطبرى و أورده ابن أبى حاتم من طريق أسباط عن السدى ، و رواه ابن مردويه من طريق عباد بن صهيب عن يحيى بن كثير عن الكلبى عن أبى صالح ، و عن أبى بكر الهذلى و أيوب عن عكرمة و سليمان التيمى عمن حدثه ثلاثتهم عن ابن عباس ، و أوردها الطبرى أيضا من طريق العوفى عن ابن عباس و معناهم كلهم فى ذلك واحد ، و كلها إما ضعيف و إلا منقطع " والكلبي " هالك " عن أبي صالح , والواقدي " حاطب ليل ضعيف " والسدي " فيهِ ضعف " وعباد بن صهيب " ضعيف " والكلبي قد تقدم وهو ضعيف كذلك وفيها " عطية العوفي " وهو ضعيف ويبقى طريق سعيد بن جبير .
وفي تذكرة الموضوعات (1/594) : " وضعه أبو عصمة قال المؤلف ذكره الثعلبي في تفسيره عند كل سورة وتبعه الواحدي ولا يعجب منهما لأنهما ليسا من أهل الحديث وإنما العجب ممن يعلم بوضعه من المحدثين ثم يورده وفي العدة وقد أخطأ من ذكره من المفسرين بسند كالثعلبي والواحدي وبغير سند كالزمخشري البيضاوي ولا ينافي ذلك ما ورد في فضائل كثيرة من السور مما هو صحيح أو حسن أو ضعيف انتهى " .
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في نصب المنجنيق (1/10) : " وقد روي موصولا عن سعيد ولا يصح : رواه البزار ( 1 ) في " مسنده " عن يوسف بن حماد عن أمية بن خالد عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أحسبه الشك في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بمكة سورة ( النجم ) حتى انتهى إلى قوله : ( أفرءيتم اللات والعزى ) ( النجم : 19 ) وذكر بقيته ثم قال البزار : " لا نعلمه يروى متصلا إلا بهذا الإسناد تفرد بوصله أمية ابن خالد وهوثقة مشهور وإنما يروى هذا من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس " كذا في " تفسير ابن كثير " ( 3 / 129 )
وعزا الحافظ في " تخريج الكشاف " ( 4 / 144 ) هذه الرواية " للبزار والطبري وابن مردويه " وعزوه للطبري سهو فإنها ليست في تفسيره فيما علمت إلا إن كان يعني غير التفسير من كتبه وما أظن يريد ذلك ويؤيدني أن السيوطي في " الدر " عزاها لجميع هؤلاء إلا الطبري إلا أن السيوطي أوهم أيضا حيث قال عطفا على ما ذكر : والضياء في " المختارة " بسند رجاله ثقات من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ فذكر الحديث مثل الرواية المرسلة التي نقلناها آنفا عن الدر نفسه ومحل الإيهام هوقوله : " بسند رجاله ثقات " بالإضافة إلى أنه أخرجه الضياء في " المختارة " فإن ذلك يوهم أنه ليس بمعلول وهذا خلاف الواقع فإنه معلول بتردد الراوي في وصله كما نقلناه آنفا عن " تفسير ابن كثير " وكذلك هوفي " تخريج الكشاف " وغيره وهذا ما لم يرد ذكره في سياق السيوطي ولا أدري أذلك اختصار منه أم من بعض مخرجي الحديث ؟ ( 1 ) وأيا ما كان فما كان يليق بالسيوطي أن يغفل هذه العلة لا سيما وقد صرح بما يشعر أن الإسناد صحيح وفيه من التغرير ما لا يخفى فإن الشك لا يوثق به ولا حقيقة فيه كما قال القاضي عياض في " الشفاء " ( 2 / 118 ) وأقره الحافظ في " التخريج " لكنه قال عقب ذلك :
ورواه الطبري من طريق سعيد بن جبير مرسلا وأخرجه ابن مردويه من طريق أبي عاصم النبيل عن عثمان بن الأسود عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه ولم يشك في وصله وهذا أصح طرق الحديث . قال البزار
قلت : وقد نقلنا كلام البزار آنفا ثم ذكر الحافظ المراسيل الآتية ثم قال :
فهذه مراسيل يقوي بعضها بعضا
قلت : وفي عبارة الحافظ شيء من التشويش ولا أدري أذلك منه أم من النساخ ؟ وهوأغلب الظن وذلك لأن قوله : " وهذا أصح طرق هذا الحديث " إن حملناه على أقرب مذكور وهوطريق ابن مردويه الموصول كما هوالمتبادر منعنا من ذلك أمور :
الأول : قول الحافظ عقب ذلك : " فهذه مراسيل يقوي بعضها بعضا " فإن فيه إشارة إلى أن ليس هناك إسناد صحيح موصول يعتمد عليه وإلا لعرج عليه وجعله أصلا
وجعل الطريق المرسلة شاهدة ومقوية له ويؤيده الأمر الآتي وهو :
الثاني : وهوأن الحافظ لما رد على القاضي عياض تضعيفه للحديث من طريق إسناد البزار الموصول بسبب الشك قال الحافظ :
أما ضعفه فلا ضعف فيه أصلا ( قلت : يعني في رواته ) فإن الجميع ثقات وأما الشك فيه فقد يجيء تأثيره ولوفردا غريبا كذا لكن غايته أن يصير مرسلا وهوحجة عند عياض وغيره ممن يقبل مرسل الثقة وهوحجة إذا اعتضد عند من يرد المرسل وهوإنما يعتضد بكثرة المتابعات
فقد سلم الحافظ بأن الحديث مرسل ولكن ذهب إلى تقويته بكثرة الطرق وسيأتي بيان ما فيه في ردنا عليه قريبا إن شاء الله تعالى
فلوكان إسناد ابن مردويه الموصول صحيحا عند الحافظ لرد به على القاضي عياض ولما جعل عمدته في الرد عليه هوكثرة الطرق وهذا بين لا يخفى
الثالث : أن الحافظ في كتابه " فتح الباري " لم يشر أدنى إشارة
إلى هذه الطريق فلوكان هوأصح طرق الحديث لذكره بصريح العبارة ولجعله عمدته في هذا الباب كما سبق
الرابع : أن من جاء بعده كالسيوطي وغيره لم يذكروا هذه الرواية
فكل هذه الأمور تمنعنا من حمل اسم الإشارة ( هذا ) على أقرب مذكور وتضطرنا إلى حمله على البعيد وهوالطريق الذي قبل هذا وهوطريق سعيد بن جبير المرسل . وهوالذي اعتمده الحافظ في " الفتح " وجعله أصلا وجعل الروايات الأخرى شاهدة له وقد اقتدينا نحن به فبدأنا أولا بذكر رواية ابن جبير هذه وإن كنا خالفناه في كون هذه الطرق يقوي بعضها بعضا
قلت : هذا مع العلم أن القدر المذكور من إسناد ابن مردويه الموصول رجاله ثقات رجال الشيخين لكن لا بد أن تكون العلة فيمن دون أبي عاصم النبيل ويقوي ذلك أعني كون إسناده معلا أنني رأيت هذه الرواية أخرجها الواحدي في " أسباب النزول " ( ص 233 ) من طريق سهل العسكري قال : أخبرني يحيى ( قلت : هوالقطان ) عن عثمان بن الأسود عن سعيد بن جبير قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أفرءيتم اللات والعزى ( 19 ) ومناة الثالثة الأخرى ( 20 ) ( النجم ) فألقى الشيطان على لسانه : " تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجى " ففرح بذلك المشركون وقالوا : قد ذكر آلهتنا فجاء جبريل عليه السلام إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : اعرض علي كلام الله فلما عرض عليه قال : أما هذا فلم آتك به هذا من الشيطان فأنزل الله تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) الآية ( الحج : 52 )
فرجع الحديث إلى أنه عن عثمان بن الأسود عن سعيد مرسل وهوالصحيح لموافقته رواية عثمان هذه رواية أبي بشر عن سعيد
ثم وقفت على إسناد ابن مردويه ومتنه بواسطة الضياء المقدسي في " المختارة " ( 60 / 235 / 1 ) بسنده عنه قال : حدثني إبراهيم بن محمد : حدثني أبوبكر محمد بن علي المقري البغدادي ثنا جعفر بن محمد الطيالسي ثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة ثنا أبوعاصم النبيل ثنا عثمان بن الأسود عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ( أفرءيتم اللات والعزى ( 19 ) ومناة الثالثة الأخرى ( 20 ) ( النجم ) تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجى " ففرح المشركون بذلك وقالوا : قد ذكر آلهتنا فجاءه جبريل فقال : اقرأ علي ما جئتك به قال : فقرأ ( أفرءيتم اللات والعزى ( 19 ) ومناة الثالثة الأخرى ( 20 ) ( النجم ) تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتجى فقال : ما أتيتك بهذا هذا عن الشيطان أوقال : هذا من الشيطان لم آتك بها فأنزل الله
( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلآ إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) إلى آخر الآية "
قلت : وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات وكلهم من رجال " التهذيب " إلا من دون ابن عرعرة ليس فيهم من ينبغي النظر فيه غير أبي بكر محمد بن علي المقري البغدادي وقد أورده الخطيب في " تاريخ بغداد " فقال ( 3 / 68 69 ) :
محمد بن علي بن الحسن أبوبكر المقرىء حدث عن محمود ابن خداش ومحمد بن عمرو وابن أبي مذعور . روى عنه أحمد بن كامل القاضي ومحمد بن أحمد بن يحي العطشي
ثم ساق له حديثا واحدا وقع فيه مكنيا ب ( أبي حرب ) فلا أدري أهي كنية أخرى له أم تحرفت على الناسخ أوالطابع ثم حكى الخطيب عن العطشي أنه قال : " توفي سنة ثلاثمائة " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهومجهول الحال وهوعلة هذا الإسناد الموصول وهوغير أبي بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم الأصبهاني المشهور بابن المقرىء الحافظ الثقة فإنه متأخر عن هذا نحوقرن من الزمان وهومن شيوخ ابن مردويه مات سنة ( 381 ) إحدى وثمانين وثلاثمائة ووقع في " التذكرة " ( 3 / 172 ) " ومائتين " وهوخطأ
وازددنا تأكدا من أن الصواب عن عثمان بن الأسود إنما هوعن سعيد بن جبير مرسلا كما رواه الواحدي خلافا لرواية ابن مردويه عنه
وبالجملة فالحديث مرسل ولا يصح عن سعيد بن جبير موصولا بوجه من الوجوه " إنتهى كلام الشيخ الألباني برواية سعيد بن جبير لحديث الغرانيق . وهو بالجملة لا يصح , وللحديث طرق أخرى قد فندها الشيخ المحدث الألباني في نصب المنجنيق على قصة الغرانيق , وقد تطرق رحمه الله تعالى إليها كاملة وطرقها وبين عللها . والله أعلم .
إن كان لهم أن يناظرونا فيها .
فلهم ذلك إلا أن يتركوا التعليقات " القذرة " والسباب . وننتظر .
أهلُ الحديث .
وقال البيهقي: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل. وقال القاضي عياض في الشفاء: يكفيك في توهين هذا الحديث أنه لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند صحيح سليم متصل، وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلفقون من الصحف كل صحيح وسليم.
وقال الإمام الزيلعي: الحديث الحادي عشر: حديث (تلك الغرانيق العلى)
قلت: رواه البزار في مسنده: حدثنا يوسف بن حماد حدثنا أمية بن خالد حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أحسب أشك في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمكة فقرأ سورة النجم حتى انتهى إلى قوله تعالى (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) فجرى على لسانه تلك الغرانيق العلى الشفاعة منها ترتجى، قال: فسمع ذلك مشركوا مكة فسروا بذلك فاشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته) انتهى
ثم قال: هذا حديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد متصل يجوز ذكره إلا بهذا الإسناد ولا نعلم أحدا أسند هذا الحديث عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس إلا أمية ولم نسمعه نحن إلا من يوسف بن حماد وكان ثقة وغير أمية يحدث به عن أبي بشر عن سعيد ابن جبير مرسلا وإنما يعرف هذا الحديث عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وأمية ثقة مشهور. انتهى
ورواه الطبراني في معجمه ولفظه عن سعيد بن جبير لا أعلمه إلا عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره.ورواه الطبري في تفسيره عن سعيد بن جبير مرسلا لم يذكر فيه ابن عباس، وكذلك الواحدي في أسباب النزول.
وأخرجه الطبري عن محمد بن كعب القرظي وعن قتادة وعن أبي العالية، وأخرجه أيضا عن ابن عباس ولكن فيه عدة مجاهيل عينا وحالا .
وقد أطال الناس الكلام على هذا الحديث وفي الطعن فيه وممن أجاد في ذلك القاضي عياض في كتاب الشفاء وملخص كلامه قال: وقد توجه لبعض الملحدين سؤالات وذكر منها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ سورة النجم قال: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) قال: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتها لترتجى، ويروى: ترتضي، فلما ختم السورة سجد وسجد معه المسلمون والكفار لما سمعوه أثنى على آلهتهم، وفي رواية: إن الشيطان ألقاها على لسانه وأنه عليه السلام كان تمنى ألو نزل عليه شيء يقارب بينه وبين قومه، وفي رواية: ألا ينزل عليه شيء ينفرهم عنه. وذكر هذه القصة وأن جبريل عليه السلام جاءه فعرض عليه السورة فلما بلغ الكلمتين فقال: ما جئتك بهاتين الكلمتين فحزن لذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تسلية له (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي...) الآية وقوله: (وإن كادوا ليفتنونك...) الآية.
ثم قال: ويكفيك في توهين هذا الحديث أنه حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم، وصدق القاضي بكر بن العلاء المالكي حيث قال: لقد بلي الناس ببعض أهل الأهواء والتفسير وتعلق بذلك الملحدون مع ضعف نقلته واضطراب رواياته وانقطاع إسناده واختلاف كلماته فقائل يقول إنه في الصلاة، وآخر يقول قالها في نادي قومه حين أنزلت عليه السورة، وأخر يقول قالها وقد أصابته سنة، وآخر يقول بل حدث نفسه فسها، وآخر يقول إن الشيطان قالها على لسانه وأنه عليه السلام لما عرضها على جبريل قال ما هكذا أقرأتك، وأخر يقول بل علمهم الشيطان أنه صلى الله عليه وسلم قرأها فلما بلغ النبي ذلك قال والله ما هكذا أنزلت، إلى غير ذلك من اختلاف الرواة.
ومن حكيت عنه هذه الحكاية من المفسرين وغيرهم لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم ضعيفة والمرفوع فيها حديث البزار، وقد بين البزار أنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره سوى ما ذكر، وفيه من الضعف ما فيه عليه مع وقوع الشك، وحديث الكلبي الذي أشار إليه لا تجوز روايته لكذبه وقوة ضعفه، والذي منه في الصحيح أنه عليه السلام قرأ والنجم وهو بمكة فسجد وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. انتهى وكان كلامهُ من النقل والمعنى تكلم فيهِ بوجوهٍ كثيرة , وكفانا عناء البحث والتنقيب شيخنا المحدث الإمام الألباني رحمه الله تعالى . والله أعلى وأعلم .
إن أصبتُ فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان .
أهلُ الحديث