| موضوع: الأحمد في الذب عن مسند أحمد رداً على [ الظافر ] في مناظرة الشيخ [سعد الحميد] .. الجمعة 12 سبتمبر 2014 - 9:57 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلي يوم الدين ولعن الله أعداءهم يوم الدين . بداية غير موفقة حين قلت " هذا الأثري " فهذا لا يقبل منك إن كنت تسمي نفسك محاوراً علمياً , فلله المشتكى وكنت أنا وافقت على طلبك في الحوار في مسند الإمام أحمد بن حنبل , وكان شرطي أن تتحلى بالأخلاق والعلمية في الحوار وهذا ما يدفعنا لأكمال الحوار أما إن خالفت الشرط الذي كنت قد طرحته عليك فإن النقاش معك لا قيمة لهُ وهذا تنبيهي . أما سند المسند قال السيوطي في تدريب الراوي : " أما الكتاب المشهور الغني بشهرته عن اعتبار الإسناد منا إلى مصنفه كالمسانيد والسنن ، مما لا يحتاج في صحة نسبتها إلى مؤلفها إلى اعتبار إسناد معين ، فإن المصنف منهم إذا روى حديثا ، ووجدت الشرائط فيه مجموعة ، ولم يطلع المحدث المتقن المطلع فيه على علة لم يمتنع الحكم بصحته ، ولو لم ينص عليها أحد من المتقدمين . قال : ثم ما اقتضاه كلامه من قبول التصحيح من المتقدمين ورده من المتأخرين ، قد يسلتزم رد ما هو صحيح ، وقبول ما ليس بصحيح ، فكم من حديث حكم بصحته إمام متقدم اطلع المتأخر فيه على علة قادحة تمنع من الحكم بصحته ، ولا سيما إن كان ذلك المتقدم ممن لا يرى التفرقة بين الصحيح والحسن ، كابن خزيمة وابن حبان . قال : والعجب منه كيف يدعي تعميم الخلل في جميع الأسانيد المتأخرة ، ثم يقبل تصحيح المتقدم ، وذلك التصحيح إنما يتصل للمتأخر بالإسناد الذي يدعي فيه [ ص: 161 ] الخلل ، فإن كان ذلك الخلل مانعا من الحكم بصحة الإسناد ، فهو مانع من الحكم بقبول ذلك التصحيح ، وإن كان لا يؤثر في الإسناد في مثل ذلك لشهرة الكتاب ، كما يرشد إليه كلامه ، فكذلك لا يؤثر في الإسناد المعين الذي يتصل به رواية ذلك الكتاب إلى مؤلفه ، وينحصر النظر في مثل أسانيد ذلك المصنف منه فصاعدا ، لكن قد يقوي ما ذهب إليه ابن الصلاح بوجه آخر ، وهو ضعف نظر المتأخرين بالنسبة إلى المتقدمين " والغاية من الحديث أن الكتب المشهورة لا ينظر في إسنادها , أما أبي بكر القطيعي فروايتهُ عن إبن المذهب وروايته عن عبد الله بن أحمد بن حنبل فروايته مقبولة ما لم يجرحه أحد من اهل العلم , فإن كان للثقات رواية عنهم , ولم يجرحهم أحد فهو مقبول ما لم يجرحه أحد من أهل العلم والحديث . فإن الأسانيد في الروايات يتكلم فيها ولكن إسناد رواية المحدثين الكتاب عن مؤلفهِ فهذا واضح جلي في ان قبولهم للخبر منهم , وهم على ذلك في أن روايته مقبولة لروايته عن الثقات وقبول أهل العلم لخبرهِ وتلقي الناس روايته بالقبول وهي التوثيق إلا قبول الناس لرواية الراوي , فإن كان قبلت روايته ولم يجرحه أحد فإن الخبر منه مقبول في رواية المسند عن مؤلفهِ , اما إن جرحه أحد فإن هذا فيه كلام , وكلاً من إبن المذهب والقطيعي ثقات , وروا الكتاب عن عبد الله بن أحمد بن حنبل وروى عنهما أكثر من ثقة , وبذلك ترتفع الجهالة عن الراوي برواية ثقة عنه قأكثر , وهنا روى عن أبي بكر القطيعي وإبن المذهب أكثر من راوٍ ثقات فهذا يرفع الإشكال عن سند المسند للإمام أحمد بن حنبل . ولنا في هذا الباب ما ذكره ابن أبي حاتم: سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقه مما يقويه قال إذا كان معروفا بالضعف لم تقوه روايته عنه وإذا كان مجهولا نفعه رواية الثقة عنه. وقال أيضا: سألت أبا زرعة عن رواية الثقات عن رجل مما يقوى حديثه قال اى لعمرى قلت الكلبي روى عنه الثوري قال إنما ذلك إذا لم يتكلم فيه العلماء وكان الكلبي يتكلم فيه. وهذان النصان نقلهما ابن رجب في شرح العلل، لكي لا نكون اعتمدنا على النسخة محل الخلاف، فهذا نقل يعتمد عليه ابن رجب الحنبلي وهو غاية في الحفظ والمعرفة , فهذا يدل على أن خبر الراوي مقبول ما لم يرد فيه جرح لرواية الثقات عنهُ , فإن قال القائل أن أبي بكر القطيعي وإبن المذهب لم يرد فيهم توثيق فهذا محل نظر من لطاعن بالمسند فنقول . وانظر لابن أبي مسرة، لو تأملت مروياته لعلمت أنه من كبار محدثي مكة، ولكن ترجمته عزيزة ولم يكد يوثقه أحد صراحة إلا ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وكانت عبارته فيه مقتضبة لا تدل على سعة رواية الرجل. ولكن تواريخ مكة ليست كثيرة كتواريخ العراقيين فقلة المصادر جعلت التعديل قليل، مع انعدام تصانيف الرجل وما وصلنا إنما رواياته عن مشايخه من المكيين كالحميدي مثلا. ويحضرني فيما أظن ابن لؤلؤ من الطبقة التي تليه فليس فيه كبير تعديل. ولكن لكي لا نحيل على المفقود، فدفعنا الحجة بشهرة عين الرجل وكثرة روايته عن ابن أبي حاتم وقبول الناس لروايته والاعتماد عليها، وهل التوثيق إلا قبول الرواية والاعتماد عليها . فعسى أن يتفقه أيوب في قراءة ما نكتب في الذب عن مسند أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه وألحقنا بهِ وبولده إلي جانب الصحابة والتابعين , فرضي الله تعالى عن صحابة خير المرسلين ورحم التابعين ورضي عنهم أجمعين . مثالٌ على العلو في إسناد إبن المذهب والقُطيعي وقد ثبت رواية سند كتاب المسند للإمام أحمد بن حنبل عن خلقٍ كثير : " أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه ، والمسلم بن محمد الكاتب كتابة ، قالا : أخبرنا حنبل بن عبد الله ، أخبرنا هبة الله بن الحصين ، أخبرنا أبو علي بن المذهب ، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا ابن نمير ، حدثنا سفيان ، عن سمي ، عن النعمان بن أبي عياش ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لا يَصُومُ عَبْدٌ يَوْمًا في سَبِيلِ اللهِ ، إلاَّ بَاعَدَ اللهُ بذلكَ اليومِ النَّارَ عن وَجْهِهِ سَبْعِينَ خَرِيفًا وبه : حدثني أبي ، أخبرنا محمد بن جعفر ، عن ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن طارق بن مرقع ، عن صفوان بن أمية : أنَّ رَجُلاً سرَقَ بُرْدَةً له، فَرَفَعَهُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأَمَرَ بِقَطْعِهِ ، فقال : يا رسول الله ! قد تَجَاوَزْتُ عنه. قال : فلولا كانَ هذا قبْلَ أن تَأْتِيَنِي به يا أبا وَهْبِ . فَقَطَعَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم . أخرجهما النسائي في "سننه" عن عبد الله بن أحمد ، فوقعا عاليين " فلا يمكن أن يقع الإشكال في رواية المسند . ثم أشكل حول " ضعف " إبن المذهب والقطيعي والإجابة عند إبن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى قال الحافظ في اللسان (1/145) : " أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك أبو بكر القطيعي صدوق في نفسه مقبول تغير قليلا قال الخطيب لا أعلم أحدا ترك الاحتجاج به وقال الحاكم ثقة مأمون وقال أبو عمرو بن الصلاح خرف في آخر عمره متى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه ذكر هذا أبو الحسن بن الفرات قلت فهذا القول غلو وإسراف وقد كان أبو بكر أسند أهل زمانه مات في آخر سنة ثمان وستين وثلاث مائة وله خمس وتسعون سنة قال بن أبي الفوارس لم يكن في الحديث بذاك له في بعض مسند أحمد أصول فيها نظر وقال البرقاني غرقت قطعة من كتبه فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه فغمزوه لأجل ذلك وإلا فهو ثقة وكنت شديد التنقير والتنفير عنه حتى تبين عندي أنه صدوق لا يشك في سماعه قال وسمعت أنه مجاب الدعوة قلت سمع الكديمي وبشر بن موسى انتهى وإنكار الذهبي على بن الفرات عجيب فإنه لم ينفرد بذلك فقد حكى الخطيب في ترجمة أحمد بن أحمد المسيبي يقول قدمت بغداد وأبو بكر بن مالك حي وكان مقصودنا درس الفقه والفرائض فقال لنا بن اللبان الفرضي لا تذهبوا إلى بن مالك فإنه قد ضعف واختل ومنعت ابني السماع منه قال فلم يذهب إليه قلت كان سماع أبي علي بن المذهب منه لمسند الإمام أحمد قبل اختلاطه أفاده شيخنا أبو الفضل بن الحسن والحكاية التي حكاها بن الصلاح عن بن الفرات قد ذكرها الخطيب في تاريخه عنه والعجب من الذهبي يرد قول بن الفرات ثم يقول في آخر ترجمة الحسن بن علي التميمي الراوي عن القطيعي ما سيأتي فليتأمل وقد سمع القطيعي من أبي مسلم الكجي وغيره ومن عبد الله بن أحمد مع المسند الزهد الكبير وتفرد بهما والآخر القطيعات الخمسة في نهاية العلو لأصحاب الفخر بن النجار بينهم وبينه في مدة أربع مائة سنة ونيف أربعة أنفس لا غير " . وفي فتح المغيث (3/385) : " وبالجملة فسماع أبي علي للمسند منه قبل اختلاطه كما نقله شيخنا عن شيخه المصنف " , وللشيخ الألباني رحمه الله تعالى رسالة كاملة في الذب عن مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى وهي كاملة وطيبة في بيان حقيقة رواية القُطيعي لمسند الإمام أحمد بن حنبل وقد تقدم فالقطيعي وثقهُ غير واحد من أهل العلم , وأما إبن المذهب : " وكان صاحبَ حديث وطلب ، وغيره أقوى منه ، وأمثل منه " ثم تكلم الرافضة في ما نقلهُ الحافظ إبن حجر في لسان الميزان والغريب أنهم تكلموا فيهِ بجهلٍ لم أعهد لهُ مثيلاً من قبل فلله العجب ما أكثر تراهات الرافضة . قول حول قول الذهبي " ليس بالمتقن " فيه مغالطة وهذا جهلٌ عظيم وسخافةُ عقل فقول الحافظ الذهبي ليس بالمغالطة بل المغالطة في عقل الرافضي إذ تكلم في كلام أهل الحديث بلا علم ولا دراية , ثم قال أن رواية الحراني ليست بشيء فيبقى الإشكال هذا ما لم يكن بالحسبان فقد أباد الرافضي بجهله كل من حولهُ , لا إله إلا الله ما هذا بعلمٍ والله إنما هذا جهل وطعن في مسند الإمام أحمد بن حنبل بلا دراية وإنما نقل عن من رد عليه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى وهذا من جهل أهل الضلال , فرواية المسند للإمام أحمد بن حنبل لا يكون إلا عن الثقات , فلله العجب ... ولنعرف أن الرجل ثقة برواية الثقات عنهُ فقد روى عنهُ : " قال الخطيب كتبت عنه ، وكان يروي عن القطيعي "مسند" أحمد بأسره ، وكان سماعه صحيحا إلا في أجزاء منه ، فإنه ألحق اسمه وكان يروي "الزهد" لأحمد ، ولم يكن له به أصل ، إنما كانت النسخة بخطه ، وليس هو محل الحجة . وقد مرّ في ترجمة ابن غيلان أن الرشيدي استجاز أبا علي "مسند" الإمام أحمد ، فأبى أن يكتب له الإجازة إلا بعشرين دينارا -سامحه الله- وأما قول ابن نقطة : ولو كان ممن يلحق اسمه: لا شيء ، فإن إلحاق اسمه من باب نقل ما في بيته إلى النسخة ، لا من قبيل الكذب في ادعاء السَّماع ، وفي ذلك نزاع ، وما الرجل بمتَّهم " إنتهى كلام الحافظ الذهبي في ترجمة إبن المذهب في سير أعلام النبلاء , فلا يخفى على المطلع أن أحمد بن حنبل وعبد الله أحمد بن حنبل " ثقتان ثقتان " . أما أبي بكر القطيعي : " قال ابن نقطة : هو شيخ صالح السماع ، صنف لبغداد " تاريخا " إلا أنه ما أظهره . قلت : وكان له أصول يروي منها ، وكان يتعاسر في الرواية . حدث عنه ابن الدبيثي ، وابن النجار ، والسيف بن المجد ، والجمال الشريشي ، والعز الفاروثي ، والعلاء بن بلبان ، وأحمد بن محمد بن الكسار ، والفقيه سعيد بن أحمد الطيبي ، والمجد عبد العزيز بن الخليلي ، والشهاب الأبرقوهي ، والتاج الغرافي ، وآخرون . وبالإجازة القاضيان الخويي والحنبلي ، والفخر بن عساكر وابن عمه البهاء ، وسعد الدين بن سعد ، وعيسى المطعم ، وأحمد بن أبي طالب ، وأبو نصر بن الشيرازي . قلتُ : وهؤلاء جمعُ من الثقات المقبولين بل المعتبرين بالرواية والحديث . " فهذا في أبي بكر القطيعي , وإبن المذهب فكلاهما ثقات مالم يرد فيهم جرح مفسر وقلنا أنه تكلم في إبن المذهب ليس مقبولاً , أما ما رمي فيه أبي بكر القطيعي فهذا محل نظر لأن سماع القطيعي للمسند قبل الإختلاط , بل صنف الإمام العلامة الألباني رسالة كاملة في الذب عن مسند أحمد بن حنبل ورواية أبي بكر القطيعي , للمسند وأوضح فيها ما كان خفيفاً ولعلك تطلع عليها . أما منهج الإمام أحمد بن حنبل . أستغرب منك فهمك للنصوص العلمية بهذه الطريقة , فهل إشترط الإمام أحمد بن حنبل الصحة المطلقة في مسندهِ .. ؟ أم لم يشترطها .. ؟ هنا يقع الإشكال في رواية الإمام أحمد بن حنبل في المسند , هل كان له شرط في أن يخرج في المسند كل ما هو صحيح تعال لنعرف هذه المسألة وما الرد عليها سائل المولى عز وجل أن ييسر الكلام وان يجعله خفيفاً على عقولكم اللهم آمين . يقول إبن حجر العسقلاني في لقول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد (4) : " أما بعد فقد رأيت أن أذكر في هذه الأوراق ما حضرني من الكلام على الأحاديث التي زعم بعض أهل الحديث أنها موضوعة وهي في المسند الشهير للإمام الكبير أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل إمام أهل الحديث في القديم والحديث والمطلع على خفاياه المثير لخباياه عصبية مني لا تخل بدين ولا مروءة وحمية للسنة لا تعد بحمد الله من حمية الجاهلية بل هي ذب عن هذا المصنف العظيم الذي تلقته الأمة بالقبول والتكريم وجعله إمامهم حجة يرجع إليه ويعول عند الاختلاف عليه وقد قرأت في ذلك جزءا جمعه شيخنا الإمام العلامة حافظ عصره زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي تغمده الله بالرحمة والرضوان كتبته عنه. فهذا من كلام الإمام إبن حجر في القول المسدد ولنتابع كلامه حول القضية . قد سألني بعض أصحابنا من مقلدي مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضى الله عنه في سنة خمسين وسبعمائة أو بعدها بيسير له أن أفرد ما وقع في مسند الإمام أحمد بن حنبل من الأحاديث التي قيل فيها إنها موضوعة فذكرت له أن الذي في المسند من هذا النوع أحاديث ذوات عدد ليست بالكثيرة ولم يتفق لي جمعها فلما قرأت المسند في سنة ستين وسبعمائة على الشيخ المسند علاء الدين أبي الحسن علي بن محمد بن صالح العرضي الأصل الدمشقي قدم علينا من الإسكندرية لسماع المسند عليه وقع في أثناء السماع كلام هل في المسند أحاديث ضعيفة أو كله صحيح فقلت إن فيه أحاديث ضعيفة كثيرة وإن فيه أحاديث يسيرة موضوعة فبلغني بعد ذلك أن بعض من ينتمي إلى مذهب الإمام أحمد أنكر هذا إنكارا شديدا من أن فيه شيئا موضوعا وعاب قائل هذا ونقل عن الشيخ تقي الدين ابن تيمية أن الذي وقع فيه من هذا هو من زيادات القطيعي لا من رواية الإمام أحمد ولا من رواية ابنه عبد الله عنه فحرضني قول هذا القائل على أن جمعت في هذه الأوراق ما وقع في المسند من رواية الإمام أحمد ومن رواية ابنه عبد الله مما قال فيه بعض أئمة هذا الشأن إنه موضوع وبعض هذه الأحاديث مما لم يوافق من ادعى وضعها على ذلك فأبينه مع سلوك الإنصاف فليس لنا بحمد الله غرض إلا في إظهار الحق وقد أوجب الله تعالى على من علم علما وإن قل أن يبينه ولا يكتمه . قال ابن الجوزي فى صيد الخاطر 245-246 : في مسند الإمام احمد كان قد سألني بعض أصحاب الحديث: هل في مسند احمد ما ليس بصحيح فقلت: نعم. فعظم ذلك على جماعة ينسبون إلى المذهب فحملت أمرهم على انهم عوام وأهملت فكر ذلك. وإذا بهم قد كتبوا فتاوي فكتب فيها جماعة من أهل خراسان منهم أبو العلاء الهمداني يعظمون هذا القول ويردونه ويقبحون قول من قاله. فبقيت دهشاً متعجباً وقلت في نفسي: واعجبا صار المنتسبون إلى العلم عامة أيضا. وما ذاك إلا انهم سمعوا الحديث ولم يبحثوا عن صحيحة وسقيمه وظنوا أن من قال ما قلته قد تعرض للطعن فيما أخرجه احمد. وليس كذلك فان الإمام احمد روى المشهور والجيد والرديء. أليس هو القائل في حديث الوضوء بالنبيذ مجهول!. ومن نظر في كتاب العلل الذي صنفه أبو بكر الخلال رأى أحاديث كثيرة كلها في المسند وقد طعن فيها احمد. ونقلت من خط القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء في مسالة النبيذ قال: إنما روى احمد في مسنده ما اشتهر ولم يقصد الصحيح ولا السقيم. ويدل على ذلك أن عبد الله قال قلت لأبى: ما تقول في حديث ربعي بن حراس عن حذيفة قال: الذي يرويه عبد العزيز بن أبي داود قلت: نعم. قال: الأحاديث بخلافه. قلت: فقد ذكرته في المسند. قال قصدت في المسند المشهور فلو أردت أن اقصد ما صح عندي لم أرد لهذا المسند إلا الشيء بعد الشيء اليسير. ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه. قال القاضي - وقد اخبر عن نفسه - كيف طريقه في المسند فمن جعله اصلاً للصحة فقد خالفه وترك مقصده. قلت: قد غمني في هذا الزمان أن العلماء لتقصيرهم في العلم صاروا كالعامة وإذا مر بهم والبكاء ينبغي أن يكون على خساسة الهمم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.أ.هـ . قلتُ : الخلاصة أن الإمام أحمد بن حنبل لم يشترط الصحة المطلقة في مسندهِ , بل لم يشترطها كما هو معروف عند أهل العلم والحديث , فمسألة الأحاديث الموضوع قد ناقشها اهل العلم كما تبين لنا من التنقيب ... قال ابن كثير فى اختصار علوم الحديث: " وَكَذَلِكَ يُوجَدُ فِي مُسْنَدِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنَ اَلْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِمَّا يُوَازِي كَثِيرًا مِنْ أَحَادِيثِ مُسْلِمٍ, بَلْ وَالْبُخَارِيِّ أَيْضًا, وَلَيْسَتْ عِنْدَهُمَا, وَلَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا, بَلْ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ اَلْكُتُبِ اَلْأَرْبَعَةِ, وَهُمْ أَبُو دَاوُدَ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ, وَالنَّسَائِيُّ, وَابْنُ مَاجَهْ . وَأَمَّا قَوْلُ اَلْحَافِظِ أَبِي مُوسَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ اَلْمَدِينِيِّ عَنْ مُسْنَدِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ إِنَّهُ صَحِيحٌ, فَقَوْلٌ ضَعِيفٌ, فَإِنَّ فِيهِ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةً, بَلْ وَمَوْضُوعَةً, كَأَحَادِيثِ فَضَائِلِ مَرْوٍ, وَعَسْقَلَانَ, وَالْبَرْثِ اَلْأَحْمَرِ عِنْدَ حِمْصٍ, وَغَيْرِ ذَلِكَ, كَمَا قَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنَ اَلْحُفَّاظِ . ثُمَّ إِنَّ اَلْإِمَامَ أَحْمَدَ قَدْ فَاتَهُ فِي كِتَابِهِ هَذَا -مَعَ أَنَّهُ لَا يُوَازِيهِ مُسْنَدٌ فِي كَثْرَتِهِ وَحُسْنِ سِيَاقَتِهِ- أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جِدًّا, بَلْ قَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ اَلصَّحَابَةِ اَلَّذِينَ فِي اَلصَّحِيحَيْنِ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْنِ " . لهذا طالب علم الحديث يعرف أن أهل الحديث قالوا بأن الإمام أحمد لم يشترط الصحة في مسنده فتأمل . ويقول ( 4/61 ) : " وكل من عرف العلم يعلم أنه ليس كل حديث رواه أحمد في الفضائل ونحوه يقول إنه صحيح ، بل ولا كل حديث رواه في مسنده يقول إنه صحيح ، بل أحاديث مسنده هي التي رواها الناس عمن هو معروف عند الناس بالنقل ولم يظهر كذبه ، وقد يكون في بعضها علة تدل على أنه ضعيف بل باطل ، ولكن غالبها وجمهورها أحاديث جيدة يحتج بها وهي أجود من أحاديث سنن أبي داود ". هذا عليك لا لك في الكلام حول مسند الإمام أحمد بن حنبل , بل إن الإمام أحمد بن حنبل لم يشترط الصحة في مسندهِ بل كما قال الحافظ الذهبي أن الإمام أحمد إنفرد بتخريج أحاديث لم يكن لغيره أن خرجها في كتابه , بل بلغت درجة عالية من الصحة , ولكن لم يشترط الإمام أحد بن حنبل الصحة المطلقة في مسنده , وهذا ما عليه أهل العلم والحديث والغريب من الظافر الإصرار على الباطل بعد رد الشيخ سعد الحميد عليه في أكثر من موطن حول مسند الإمام أحمد بن حنبل ولا زلت مصراً على نقل كلام الظافر في مناظرته مع الشيخ المحدث سعد الحميد والله المستعان . ويقول (4/27) : " وليس كل ما رواه أحمد في المسند وغيره يكون حجة عنده بل يروي ما رواه أهل العلم وشرطه في المسند أن لا يروي عن المعروفين بالكذب عنده وإن كان في ذلك ما هو ضعيف ، وشرطه في المسند مثل شرط أبي داود في سننه وأما كتب الفضائل فيروي ما سمعه من شيوخه سواء كان صحيحا أو ضعيفا فانه لم يقصد أن لا يروي في ذلك الا ما ثبت عنده ثم زاد ابن أحمد زيادات وزاد أبو بكر القطيعي زيادات وفي زيادات القطيعي أحاديث كثيرة موضوعة فظن ذلك الجاهل أن تلك من رواية أحمد وأنه رواها في المسند وهذا خطأ قبيح ". وقوله: " مثل شرط أبي داود " خطأ مطبعي ، صوابه " أمثل من شرط أبي داود " ، انظر " الأجوبة الفاضلة " للكنوي ص97 ، الطبعة الثالثة. وأما هذا الكلام فلا إشكال فيه بل الصواب هو أن الإمام أحمد أخرج احاديثاً لم يحكم بصحتها بل أن الإمام أحمد لم يشترط الصحة في مسنده مع العلم بأنه خرج ااحاديث غاية في الصحة ليست عند البخاري ومسلم رضي الله عنهم , بل إشتراط الصحة المطلقة من الشيخين معروف والصحيحن تلقيا بالقبول . أما إحتجاجك بالكوثري فمتروك لأن الكوثري ليس بالعمدة , بل كان صاحب لسان سليط على العلماء وأهل العلم , فقوله هنا محل نظر بل لا يعتبر بما نقل عن الكوثري , وعليك بكتاب ذهبي العصر المعلمي التنكيل لما في تاديب الكوثري من أباطيل , يرد فيه على ما كان من الكوثري والله المستعان , فلم يكن من الكوثري أدباً في تعليقه على العلماء ومن هم أعلم منه والله المستعان . فلا تستعجل الكلام حول كتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل , فلننتهي مما بين يدينا . كتبه / أهل الحديث |
|