عنوان الفتوى : طلق زوجته ثلاثا ثم أرجعها قبل أن تتزوج غيره
رقـم الفتوى : 167335
تاريخ الفتوى : الأربعاء 19 ذو الحجة 1432 16-11-2011
السؤال: شيخي الكريم سؤالي حول الطلاق والمشكلة كالتالي: والدي كبير في السن بلغ 83 عاما يعاني من عدة أمراض منها ضعف في عضلة القلب والضغط وماء في الرئة وما يسمى بالفتاق كذلك وعرضناه على أطباء كثر بغية علاجه وعمل عملية جراحية لكن الجميع لم يشجع عليها فنسبة النجاح 35 % أسأل الله أن يطيل في عمره على طاعته لدى والدي طفلان صغيران ـ إخوتي الصغار ـ من زوجة أخرى تصغره بـ 55 عاما
وهذه مشكلة أخرى تشكل هماً كبيراً، إذ إنها صغيرة في السن ومن حقها أن تعيش وتتمتع ككل النساء وأنا أشعر بالهم لهذا الأمر لأنني أخشى على إخوتي الصغار من طرق الابتزاز التي تلجأ لها من خلالهما وتغذية نفسيهما بما يخرجهما من براءة الطفولة لكن ما عسانا نعمل فهي كذلك مؤكد أن وضعها النفسي سيء لأن والدي يمنيها بالأماني والواقع مختلف تماماً من كل النواحي توجد في علاقته إشكالية وهذا سؤالي: طلقها في المرة الأولى لما حاولت سرقة صك بيته وإخفائه وأقسم عليها إن لم تعده فسيطلقها فأبت أن ترده فقال لها إذاً أنتِ طالق ثم قام بإرجاعها لكن لما سافرا لأهلها حدثت مشاكل كثيرة وطلبت هي الطلاق واجتمع أخوالها وإخوتها وطلبوا من والدي تطليقها بناءً على طلبها ودفع مبلغ مالي مقابل سني زواجها به فرفض والدي ولما باع بيته الذي كانت ترغب فيه لنفسها خططت وإخوتها لخطف أخي وقتله وضرب والدي وتم ذلك فعلاً ولكن نجى الله أخي ووالدي الذي لا يزال يعاني من هذه الحادثة في صحته حتى الآن
المهم أنه تركها عند أهلها وقد رمى عليها يمين الطلاق وعاد عندنا وكان يطلقها ليل نهار ويقول هي طالق طالق طالق طلاق لا رجعة فيه وكان يومياً يردد ذلك ثم بعد شهرين علم أن إخوتي الصغار امتنعوا عن تناول الطعام وقد مرضوا لأنهم متعلقون بوالدي فزوجته أبداً لا تقوم برعايتهم وكما ذكرت هي سلبتهم بعد أن خطفوا أخي وضربوا والدي وسافرا في نفس اليوم لأن أخي خاف على والدي من البقاء بعد كل ما حدث وقد سلمهما الله والحمدلله ذهب والدي لهم مجدداً وأحضر إخوتي وظلوا في كنفي أنا ووالدتي طيلة سنة والحمدلله تحسنت كل أمورهم النفسية والصحية فما واجهوه كان فوق طاقة الكبار فكيف بالصغار، والآن المصيبة أنه أرجعها دون أن يستفتي أحداً وقد نصحناه وذكرناه بالله وأن يذهب لطلب الفتوى لكنه أبى ورفض وهي بلغناها في حينها أنه طلقها وهي عند أهلها لكنها لم تترك وسيلة لتعود لأنها ترغب بالمال وكنا والله طيلة سنة نرسله لها لعل نفسها تطيب وحاولنا مع والدي أن يبحث عن فتوى طالما عزم على إرجاعها لكنه رفض رفضاً تاماً فما العمل يا شيخي؟ وما الحكم في هذه المسألة؟ أفتونا في الأمر فنحن نشعر بريبة وخوف لا ينقطع، وما حكمنا نحن يا شيخي هل نأثم إن سكتنا؟ وهل نحن نعقه إن كلمناه؟ أفتونا بارك الله فيكم.
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أبوك قد طلق زوجته ثلاثا ثم أرجعها قبل أن تتزوج غيره ـ زواج رغبة ـ ثم بعد الدخول يطلقها الزوج أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه، أو طلقها دون الثلاث ولم يراجعها حتى انقضت عدتها ثم راجعها من غير عقد جديد فمعاشرته لها حرام، وعلى الزوجة ألا تمكنه من نفسها إن علمت ذلك، ففي مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية صالح: وسألته عن امرأة ادعت أن زوجها طلقها وليس لها بينة وزوجها ينكر ذلك، قال أبي: القول قول الزوج إلا أن تكون لا تشك في طلاقه قد سمعته طلقها ثلاثا فإنه لا يسعها المقام معه وتهرب منه وتفتدي بمالها.
والواجب عليكم نصح والدكم وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وليس ذلك من العقوق، بل هو من البر به والإحسان إليه لكن لا بد أن يكون ذلك برفق وأدب، فإن الإنكار على الوالد يختلف عن الإنكار على غيره، وحق الوالد عظيم وبره ومصاحبته بالمعروف واجبة مهما كان حاله، وانظري الفتوى رقم: 134356.
فإن أصر الوالد على معاشرة هذه المرأة في الحرام، فلا يجوز لكم السكوت على ذلك وعليكم أن ترفعوا الأمر للقاضي الشرعي ليفرق بينهما إن ثبت عنده عدم حلها له، ففي شرح الخرشي عند قول خليل: وفي محض حق الله تجب المبادرة بالإمكان إن استديم تحريمه كعتق وطلاق ووقف ورضاع ـ قال: يعني أن الحق إذا تمحض لله تعالى, وكان مما يستدام تحريمه فإنه يجب على الشاهد المبادرة بالشهادة إلى الحاكم بحسب الإمكان كمن علم بعتق عبد, وسيده يستخدمه ويدعي الملكية فيه, وكذلك الأمة أو علم بطلاق امرأة ومطلقها يعاشرها في الحرام.
وهذا إنما هو إذا كانت معاشرته لها غير مستندة إلى شيء، وأما لو كان مستندا في ذلك إلى فتوى ممن يوثق بعلمه وورعه وقد أفتاه بانتفاء بعض تلك الطلقات لدليل يراه فإنه لا ينكر عليه حينئذ.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى