السؤاللم
أكمل دراسة البكالوريوس في إحدى الكليات العلمية، وقد وصلتُ فيها حتى
السنة الثالثة، وبقيتُ فيها أكثر من 4 سنوات، وكان عندي إصرارٌ على إتمام
الدراسة.رأيتُ
بعضَ زملائي بعد التخرُّج لم يحصلوا على عملٍ في نفس التخصص، ولكني - خلال
دراستي - قمتُ بأخذِ دبلومٍ في مجال طبِّي، وتقدَّمتُ وعملتُ في مؤسسةٍ
خاصة راقية، ولكن الوظيفة التي قمتُ بها كانتْ في مجال الإدارة، فقمتُ
بتطويرها ودراسة الدورات المكثفة في مجالها، والآن أعمل في عملٍ خاصٍّ آخر
في مجال الإدارة.أنا
مُتحيِّر الآن؛ هل أكمل دراسة البكالوريوس، علمًا بأنَّ الوقت وظروف العمل
الخاص لا تسمح بذلك؟ أو أكمل البكالوريوس الآخر في المجال الطبي، وفي
دراسة مجال الإدارة؟ .الجواببسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.يُسعدنا انضمامُك إلى شبكة الألوكة، ونسأل الله تعالى أن يسدِّدنا في تقديم ما ينفعك وينفع جميع المستشِيرين.أستشفُّ مِن رسالتِك أنها
تتضمَّن شقَّين: يتمثَّل الأوَّل في وجود تعارضٍ لديك في الوقت بين إكمالك
لدراستك، والعمل الذي تقوم به الآن.
أما الثاني: فيتمثَّل في تحيُّرك في اختيار تخصُّصك الدراسي بين الطب والإدارة.
ففي موضوع اختيار التخصُّص يبقى
القرارُ رهينَ الإنسان نفسِه، دون أن يأخذَه عنه غيره؛ لأنه الأكثر درايةً
باهتماماته وقدراته وميوله، وكذلك بتفاصيل ظروفه الشخصية، ودورنا في هذا
يَكْمُن في المساعدة على تنوير السائل بالأساليب التي تُمَكِّنه من اختيار
القرار الصائب - بإذن الله تعالى - ولذلك فإني أتمنى منك أن تقومَ أولًا
بمراجعةٍ ناقدةٍ لأسباب تأخُّرك في المرحلة الثالثة في الكلية الطبيَّة،
والتبيُّن من إذا ما كانتْ تتعلَّق بعدم تناسب مناهجها مع قدراتِك، أو
ميولك الفكرية، أو غير ذلك.
ثم اعمدْ بعد ذلك إلى مُراجعةِ
العوامل التي دفعتْك إلى تطويرِ مهاراتِك في الوظيفة الإدارية التي عملتَ
بها سابقًا، وأسباب نجاحِك فيها وتمكُّنك منها؛ فإنَّ ذلك سيساعدُك في
التعرُّف على ما تمتلكه مِنْ قدرات ومهارات وميولٍ؛ لتُحَدِّد التخصص
الأكثر مناسبة لها.
فإذا ما تحدَّد اختيارُك بعد
تلك الخطوات نحو مجال الإدارة؛ فيمكنك أن تواصل دراستَك عبرَ التعليم
المفتوح، أو الإلكتروني، أو الدراسة المسائية، وبحسب ما يتوفَّر في محيطك،
وحينها لا يتطلَّب الأمر إلا إعادةً لتنظيمِ وقتك واستثمارِه بين دراستك
وبين عملك الحالي، لاسيما وأنه خاصٌّ بك.
أما إذا وجدتَ في نفسك ميلًا
واستعدادًا لمواصلة تعليمِك في المجال الطبيِّ، فعليك أن تقومَ بإجراء
مُوازناتٍ بين أهمية إكمال دراستك وأهمية استمرارك في عملك الحالي، وكذلك
بين المآلات والنتائج المتوقَّعة لكلٍّ منهما، ولكي تتوصَّل إلى نتائجَ
مُرْضِيةٍ لا بد أن تقومَ بتلك المُوازنات والمقارنات بشكلٍ حياديٍّ
وعقلاني؛ لتحدِّد بعد ذلك هدفًا مستقبليًّا يتَّسم بالموضوعية والواقعية
التي تجعله ممكنًا.
ولا يفوتني أن أذكِّرك بأهمية التوجُّه في هذا الأمر إلى الله تعالى بالدعاء وبصلاة الاستخارة؛ ففي ذلك مفاتيح الخير.
وأخيرًا، أختم بالدعاء إلى الله تعالى أن يفتحَ لك أبواب الخير، ويرشدك إلى ما فيه الصلاح، وينفع بك، وسنسعد بسماع طيب أخبارك.