السؤال:
نسمع كثيراً من بعض الكتاب أو المفكرين استخدام الفعل "خلق" مثل عبارة "خلق فرص استثمارية..." أو "أن هذه الاسباب خلقت هذه الظاهرة ..."، فهل يجوز استخدام كلمة "خلق" في مثل هذه العبارات؟وهل هي مختصة بالله سبحانه وتعالى؟
الإجابة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الخلق يستعمل في اللغة على وجهين أو بمعنيين: الخلق بمعنى الإيجاد وبمعنى التقدير، وكلا المعنيين ثابت في حق الله تعالى على وجه الكمال، فهو الخالق لكل شيء، وهو الذي جعل لكل شيء قدراً، ومن أسمائه (الخالق) و(الخلاّق).
قال تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} [الفرقان: 2].
وقال عزوجل: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 24].
وقال سبحانه وتعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14]، قال المفسرون: أي المقدرين، فإن المخلوق يوصف بالخلق بمعنى التقدير، ولكن قد يُقَدّر الإنسان ثم لا يَقْدِرُ على إيجاده كما قَدَّرَه، ولهذا يقول الشاعر في ممدوحه: ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري والله تعالى على كل شيء قدير، فما قَدَّرَه أَوْجَدَه على وفق تَقْديره، وذلك لكمال علمه وقدرته، بخلاف المخلوق فإنه ناقص العلم وناقص القدرة، ولهذا صار لفظ (الخلق) في عرف المسلمين مختصاً بالله، فهو الخالق والخلاّق، وهو خالق كل شيء، فلا تكاد تجد في كلام العلماء أو كلام عوام المسلمين استعمال هذا اللفظ إلا مضافاً إلى الله تعالى، وإضافة الخلق إلى بعض الأسباب هو مما فشا في هذا العصر على ألسنة بعض الكتّاب والصحفيين ومقليدهم.
وعلى هذا فاستعمال لفظ (الخلق) في حق غير الله أقل أحواله أن يكون مكروهاً، فينبغي اجتنابه واستبداله بألفاظ لا توهم تشبيه المخلوق بالخالق كالسبب والتسبب، كأن تقول: هذا سبب وجد به كذا وكذا، وفلان تسبب في وجود كذا، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن الأسباب مؤثرة في حصول مسبباتها بإذن الله تعالى، فإنه سبحانه خالق الأسباب والمسببات، والله أعلم.
تاريخ الفتوى: 2/1/1426 هـ.
التصنيف: العقيدة الإسلامية
المصدر: موقع الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك