القنوات الفضائية
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونثني عليه الخير كله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, البشير النذير والسراج المنير -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه ذوي القدر العليِّ والشرف الكبير, والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين, أما بعـد:
اتقوا الله عباد الله, وعظموا أمره واشكروا نعمه، واعلموا أن أعظم هذه النعم وأجلها الهداية لهذا الديـن: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (17) سورة الحجرات.
عباد الله:
إننا نعيش زمناً تكاثرت فيه الشرور, وعظمت فيه الفتن، وصارت بسبب كثرتها يرقق بعضها بعضاً، ولعل في هذا مصداقاً لقول النبي -صلى الله عليه و سلم-: (إِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ هَذِهِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)1.
لقد تزايد في هذا الزمان كيد الكفار أعداء الله, وأعداء دينه, وأعداء عباده المؤمنين، مستهدفين ديار المسلمين، يبتغون خلخلة دينهم, وزعزعة إيمانهم, وتدمير أخلاقهم, وإفساد سلوكهم, ونشر الفاحشة والرذيلة بينهم, وإخراجهم من حظيرة الإسلام.
ولقد كانوا سابقاً يعجزون عن الوصول إلى أفكار الشباب, وعقول الناشئة لبَثِّ ما لديهم من سموم، وعرض ما عندهم من كفر وإلحاد ومجون، أما الآن فقد أصبحت تحمل أفكارهم الرياح، إنها رياح مهلكة، بل أعاصير مدمرة تقصف بالمبادئ والقيم، وتدمر الأديان والأخلاق، وتقتلع جذور الفضيلة والصلاح، وتجتث أصول الحق واليقين.
لقد تمكن أعداءُ دين الله من خلال القنوات الفضائية, والبث المباشر من الوصول إلى العقول والأفكار، ومن الدخول إلى المساكن والبيوت، يحملون نتنهم وسمومهم، ويبثون كفرهم وإلحادهم ومجونهم، وينشرون رذائلهم وحقاراتهم وفجورهم في مشاهد زور، ومدارس خنا وفجور، تطبع في نفوس النساء والشباب محبة العشق, والفساد والخمور، بل إنها بمثابة حبائل الصيد، تقتنص القلوب الضعيفة, وتصطاد النفوس الغافلة، فتفسد عقائدها، وتحرف أخلاقها, وتوقعها في الافتتان، ولا أشد من الفتنة التي تغزو الناس في عقر دورهم, ووسط بيوتهم محمومة مسمومة محملة بالشر والفساد.
إنهم خبثاء يريدون للمسلمين الكفر والضلال والفساد بشتى صوره؛ كل ذلك حقداً وحسداً من عند أنفسهم, كما بين ذلك سبحانه وتعالى إذ يقول عنهم –جل وعلا-: {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء} (89) سورة النساء. ويقول -جل شأنه-: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} (109) سورة البقرة. ويقول تعالى: {وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ} (69) سورة آل عمران.
إن من يتأمل الأضرار والأخطار التي يجنيها من يشاهد ما يبثه هؤلاء يجدها كثيرة لا تحصى، وعديدة لا تستقصى، لقد حقق الأعداء الشيء الكثير مما كانوا يصْبون إليه, إنهم أضروا بالمسلمين أيما إضرار, أضراراً عقائدية، وأضراراً اجتماعية، وأضراراً أخلاقية, وأضراراً فكرية, ونفسية.
فمن الأضرار العقائدية التي سببته قنوات الإعلام المعادية للدين الحنيف خلخلة عقائد المسلمين, والتشكيك فيها؛ ليعيش المسلم في حيرة واضطراب، وشك وارتياب، وإضعاف عقيدة الولاء والبراء والحب والبغض فانصرف المسلم عن حب الله, وحب دينه, وحب المسلمين إلى حب زعماء الباطل, ورموز الفساد, ودعاة المجون، إضافة إلى ما فيها من دعوات صريحة إلى تقليد النصارى, وغيرهم من الكفار في عقائدهم, وعاداتهم وتقاليدهم وأعيادهم وغير ذلك.
ومن الأضرار الاجتماعية ما تبثه تلك القنوات الآثمة من الدعوة إلى الجريمة بعرض مشاهد العنف, والقتل والخطف والاغتصاب، والدعوة إلى تكوين العصابات للاعتداء والإجرام، وتعليم السرقة, والاحتيال, والاختلاس, والتزوير، والدعوة إلى الاختلاط, والسفور, والتعري, وتشبه الرجال بالنساء, والنساء بالرجال، والدعوة إلى إقامة العلاقات الجنسية الفاسدة؛ لتشيع الفاحشة وتنشر الرذيلة، إضافة إلى ما فيها من إكساب النفوس طابع العنف, والعدوان بمشاهدة أفلام العنف, والدماء, والرصاص, والأسلحة والجريمة، ناهيك عما تسببه تلك المشاهدات من إضاعة للفرائض والواجبات, وإهمال للطاعات والعبادات, ولاسيما الصلوات الخمس التي هي ركن من أركان الإسلام, إلى غير ذلك من الأضرار والأخطار التي يصعب حصرها, ويطول عدُّها, {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا* وَأَكِيدُ كَيْدًا* فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} (15-17) سورة الطارق.
ولقد تسبب انتشار هذه القنوات في ظهور صور مؤلمة على المستوى الفردي والجماعي وعلى مستوى الذكور والإناث, فلقد تم رصد بعض المظاهر لتغريب القنوات الفضائية، واستلابها لعقول كثير من النساء سواءً عن طريق برامج متخصصة موجهة أو عن طريق الأفلام والمسلسلات، ومن ذلك انتشار الجريمة بين النساء حيث تجد –على سبيل المثال- بين صفوف المسلمات المرأة التي قلدت المرأة الغربية المسترجلة من خلال مشاهداتها للفضائيات حيث تجدها قد مُسخت وصارت مسترجلة تفعل ما يفعله الرجل تماماً، ومن ذلك: ارتكاب الجرائم -عياذاً بالله- وهذا لا يعني أن المرأة كانت لا ترتكب الجرائم قبل وجود القنوات الفضائية، ولكن هذه القنوات زادت من نسبة ارتكابها للجريمة، إذ يقول أحد دكاترة علم الاجتماع بإحدى الجامعات العربية: "إن جرائم النساء في بلادنا –وسمى بلده الإسلامي- في تزايد، وقد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال الخمس سنوات الماضية؛ وذلك نتيجة التطورات الاجتماعية، واختلاف أساليب التنشئة وانتشار الفضائيات".
نعم –يا عباد الله- لقد ساعدت الفضائيات على جرأة بعض النساء في ارتكاب الجريمة تقليداً للمرأة الغربية التي تشاهدها في فيلم أو مسلسل أو غيره، ومن أخطر تلك الجرائم التي تؤثر على المرأة وعائلتها ما يتعلق بشرفها وسمعتها, وقد لا يتصور البعض أن بعض النساء في البلاد الإسلامية وقعن في جرائم تعاطي المخدرات، وشرب المسكرات، بسبب ما يشاهدنه في القنوات الفضائية من أفلام تزين لهن ذلك, ومن تلك المظاهر: وجود صنف من النساء في عصرنا الحاضر خالفن فطرة الله التي فطر الناس عليها، وتخلقن بصفات لا تليق بالأنثى التي خلقها الله تعالى لتتميز بها عن طبيعة الرجال، يحسبن بزعمهن أنهن أصبحن كالرجال، فواجهن من العنت والضيق الشيء الكثير، وحصلت لهن المشكلات الجسدية والنفسية، ومضايقة الرجال، والتعدي عليهن، وأصبحن منبوذات حتى من بنات جنسهن.
وترجل المرأة ظاهرة غريبة على مجتمعنا المحافظ فما الذي غيَّر بعض النساء حتى أصبحت لا تكاد تفرق بينها وبين الرجل؟ إنها القنوات الفضائية التي تنقل لنا مظاهر حياة المرأة الكافرة المسترجلة المساوية للرجل في كل شيء، فتقوم بعض النساء بتقليدها ومحاكاتها، ولقد سُئلت مجموعة من الطالبات الجامعيات عن أسباب هذه الظاهرة فأجاب 24% منهن أن السبب يرجع إلى الفضائيات.
ومن مظاهر التشبه بالرجال التشبه في اللباس, فبعد وجود القنوات الفضائية لبست بعض النساء ملابس تشبه ملابس الرجال تماماً, وفي الحديث: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ)2.
ومن المظاهر الممقوتة التي تشبهت به بعض النساء بالكافرات رفع الصوت بالكلام، ومجادلة الرجال, وتقليد الرجال في المشية والحركات, والتشبه بالرجال في الهيئة والشكل كقص الشعر مثل شعر الرجل وغير ذلك.
ومما يدل على أن السبب في هذا كله هي القنوات الفضائية ما أجرته إحدى الصحف العربية مع عدد من النساء المسجونات من المدمنات على شرب الخمور وتعاطي المخدرات كان من إجاباتهن أن قالت إحداهن: "أعتقد أن الشرب شيء جميل والدليل أن كل الأفلام فيها شرب".
وأخرى تقول: "أشاهد الأفلام الأجنبية, وعندما أرى الأفلام وهم فيها يشربون أحس بأنهم الأشخاص الذين يعيشون حياة حقيقية", وغيرهما تقول: "رأيت فتيات كثيرات يشربن في الأفلام الأجنبية فحاولت أن أجربه".
ولا يعني الحديث عن تأثر النساء بالفضائيات أن الرجال في منأىً عن ذلك الشر, فالشر قد عمَّ الجميع, وكلٌّ يواجه من المسؤولية بقدْره, ولكن الخطر على المرأة مما نرى ونسمع أشد وأعظم, وفساد المرأة فساد للأمم, والأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق, فالمرأة الملتزمة بحقٍّ تؤثر على الرجال إيجاباً؛ لأنها هي التي تربي الأجيال فإن صلحت أصلحت, وإن فسدت أفسدت.
أيها المسلمون:
لقد حذر الله عباده من الركون إلى الكفار، وبيّن عِظمَ شرِّهم, وكبَر خطرهم, وفداحةَ كيدهم ومكرهم، وبين سبحانه لعباده السبيل السويَّ التي من سلكها نجا, ومن سار عليها هُدِي إلى صراط مستقيم، إنها العودة الصادقة لدين الله, والاعتصام الكامل بحبله, والسير الحثيث على نهج رسول الله –صلى الله عليه وسلم- والصبر على ذلك كله إلى حين لقاء الله, قال -جل وعلا-: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (120) سورة آل عمران. نسأل الله أن يصلح شباب وفتيات المسلمين, وأن يرزقهم الحشمة والعفاف والحياء وحسن التمسك بتعاليم الإسلام, ونسأله أن يرد كيد الأعداء في نحورهم وأن ينجينا من شرورهم, ونستغفر الله العظيم من كل ذنب إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله... أما بعد:
عباد الله:
لقد أصبحت جُلُّ القنوات الفضائية العربية من أشد الوسائل فتكاً وتدميراً لثوابت الأمة العقدية، والأخلاقية، والاجتماعية، والفكرية، والسلوكية، من خلال ما تعرضه من عقائد باطلة، وأخلاق سيئة، وأفكار هدامة، وسلوكيات مدمرة، وهذا التدمير المتعمد تقوم به القنوات الفضائية العربية؛ اعتماداً على مقولة زائفة بأن ما تقوم به هو: "انفتاح حضاري، وثقافي، وإعلامي، ومواكبة للتطورات العالمية في مجال البرامج الإعلامية الإخباري منها، والثقافي، والترفيهي، والاجتماعي... بينما الحقيقة هي أن ما تقدمه يُعد غزواً لا يقل عن الغزو الأجنبي خطورة؛ نظراً لإفساده للدين والفكر والأخلاق والسلوك؛ فالقنوات الفضائية العربية تسير في نفس الطريق الذي تسير فيه القنوات الفضائية الغربية الهابطة إن لم يكن بعضها أشد سوءاً، وأكثر انحطاطاً، فهي تبث أكثر من 200 ألف ساعة سنوياً أغلبها فن، ورياضة، وأفلام، وأغانٍ وأدى كلُّ هذا إلى الأثر المؤلم والخطير؛ ولقد غربت تلك القنوات كثيراً من نسائنا، فصار من المناظر المألوفة: مشاهدة الفتاة وقد أصبحت غربية من قمة رأسها إلى أخمص قدميها، والمنهج الغربي يطغى على جميع تصرفاتها، وأسلوب حياتها، وتعاملها مع الآخرين.
أيها الناس:
من قواعد الشرع المطهر أن الله إذا حرم شيئاً حرم الأسباب والطرق والوسائل المفضية إليه؛ تحقيقاً لتحريمه، ومنعاً من الوصول إليه، أو القرب من حماه، ولو حرم الله أمراً وأبيحت الوسائل الموصلة إليه، لكان ذلك نقضاً للتحريم وحاش شريعة رب العالمين من ذلك.
وفاحشة الزنى من أعظم الفواحش وأقبحها، وأشدها خطراً وضرراً على ضروريات الدين؛ ولهذا صار تحريم الزنى من الدين بالضرورة يقول الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} (32) سورة الإسراء. والنهي عن قربان الزنى أبلغ من النهي عن مجرد فعله؛ لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه فإن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
وإقامة العلاقات بين الجنسين من أهم الأسباب للوقوع في فاحشة الزنى؛ ولذا حرمها الشارع الحكيم، ولكن القنوات الفضائية زينت للفتاة ضرورة إقامة تلك العلاقات مع الشاب قبل الزواج بدعوى أنه لا حياة زوجية سعيدة إلا بحب قبلها، ولقد تبين أن الصداقة بين الشاب والفتاة قبل الزواج من ضمن الأفكار الفاسدة التي وردت إلى مجتمعنا بسبب الانفتاح اللا محدود على المجتمعات الغربية, ومن أعظم وسائل ذلك الانفتاح القنوات الفضائية.
إن نهاية مثل هذا الحب المشؤوم الذي بني على أساس فاسد له مضاره ومن ذلك:
وقوع الشباب من الجنسين فيما حرم الله وارتكابهم للفواحش لإشباع الغريزة الفطرية الموجودة لديهم؛ لأن خلوتهم مع بعض ستجعل الشيطان ثالثهما كما قال النبي –عليه الصلاة والسلام-: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ)3. ومن كان الشيطان معهما فسوف يزين لهما المعصية، ويهون عليهما ارتكاب الفاحشة, والعياذ بالله، فالحذر الحذر من الفضائيات, فلقد مارست هذه القنواتُ العربيةُ اللسانَ الغربية -ولا زالت تمارس- هوايتها في تمرير المشروع التغريبي على الأمة، فهي تزين للمرأة المسلمة النمط الغربي فكراً وسلوكاً؛ فالسفور حرية شخصية، والتبرج والعري جمال وأناقة، واللقاءات المحرمة علاقات شريفة، والخلوات الشيطانية حب بريء وطريق للزواج الناجح، ورفض قوامة الزوج، وولاية الولي مطالبة بالحقوق المسلوبة، والخلاعة تطور وتحضر، وقرار المرأة في البيت تخلف ورجعية.
إن المسئولية تجاه النشأ عظيمة، والواجب نحوهم كبير، فهم أمانة في الأعناق، وكلٌّ مسئول عمن يعول يوم القيامة, يقول –سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6) سورة التحريم.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه,ِ فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ, وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ, وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ, أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)4. وعن معقل بن يسار –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ)5.
نسأل الله أن يعين الجميع على ما تحملوه من مسؤولية، وأن يعيذ المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرد ضالهم إلى الحق رداً جميلاً، وأن يثبت صالحهم على الحق والهدى، إنه سميع مجيب, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين6.
1 رواه مسلم -3431- (9/380).
2 رواه أبو داود -3575- (11/137) وأحمد -7958- (16/500) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح برقم (4469).
3 رواه الترمذي -1091- (4/404) وأحمد -172- (1/176), وصححه الألباني برقم (2546) في صحيح الجامع.
4 رواه البخاري -6605- (22/43) ومسلم -3408- (9/352).
5 رواه مسلم -203- (1/343).
6 استفيدت بتصرف من:موقع اسلام سيليكت