موقع الفرقان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دعاء من أصابته مصيبة ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2) دعاء الهم والحزن ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء دعاء الغضب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4 دعاء الكرب لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3 دعاء الفزع لا إله إلا الله متفق عليه ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5 من استصعب عليه أمر اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106 ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1) مايقول عند التعجب والأمر السار سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8 في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3 دعاء صلاة الاستخارة قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8 كفارة المجلس من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3 دعاء القنوت اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428 مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1 الدعاء قبل الجماع لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه الدعاء للمولود عند تحنيكه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي) ما يعوذ به الأولاد أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6 من أحس وجعاً في جسده ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4 مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10 تذكرة في فضل عيادة المريض قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1 مايقول من يئس من حياته اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4 كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه من رأى مببتلى من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3 تلقين المحتضر قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2 الدعاء عند إغماض الميت اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2 مايقول من مات له ميت مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2 الدعاء للميت في الصلاة عليه اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159 وإن كان الميت صبياً اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً عند ادخال الميت القبر بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1 مايقال بعد الدفن كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل دعاء زيارة القبور السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2 دعاء التعزية .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

شاطر
 

 مواساة المحزون

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

مواساة المحزون Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

مواساة المحزون Empty
مُساهمةموضوع: مواساة المحزون   مواساة المحزون Emptyالأحد 1 يونيو 2014 - 11:13

مواساة المحزون

الشيخ/ محمد صالح المنجد

عناصر الخطبة:

1. الدنيا دار بلاء ولأواء وشدة ومحنة.
2. الصبر: الترياق المجرب لهموم القلب وأحزانه.
3. التعامل مع المصائب وفق هدي القرآن مخرج.
4. المعاصي من أسباب الهموم والغموم.
5. لا تجزع فرزقك مقسوم ومكتوب.
6. حلاوة الحياة في اللجوء إلى الله وعمل الصالحات.
7. عش مع القرآن وسلم للمقادير تطب حياتك.
8. عالج همومك وأحزانك بها.

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

الدنيا دار بلاء ولأواء وشدة ومحنة

أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى خلق الدنيا دار اللأواء والشدة والضنك، فيها الكدر وعدم الصفو، والتعب والكدح والنصب، فهذا من طبيعتها، قال سبحانه مخبراً عن حقيقة خلقة الإنسان: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} (البلد:4) يكابد ما في هذه الدنيا من النصب والشدة، تعتريه الهموم والأحزان والغموم، وبخلاف ذلك تميزت الجنة عن الدنيا فليس فيها هم ولا غم، فعلى الرغم مما ذكر الله للجنة من الصفات العظيمة الشريفة قال عن أهلها: {لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} (الحجر:48)، وقال عنهم: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} (فاطر:34)، وهذا من حكمة الله البالغة أن جعل في الدنيا هذا الكدح والتعب والنصب، وفيها زينة ومتاع، لكن متعتها مخلوطة بهذه الغموم والهموم والأحزان، فتأمل يا عبد الله لو لم يكن في الدنيا هذا الهم والغم، وهذا النصب والمرض والتعب، كيف سيكون التعلق بها؟.

ولذلك فإن من رحمة الله أن جعل فيها هذه الشدائد، حتى يذكر العباد أن هنالك داراً أخرى ليس فيها هذه الشدائد، ليس فيها هموم ولا غموم.

والقلوب تتفاوت في الهم والغم كثرة واستمراراً، بحسب ما فيها من الإيمان والفسوق والعصيان، فقلب هو عرش الرحمن تسكنه الحياة والنور والفرح والسرور والبهجة وذخائر الخير، وقلب هو عرش الشيطان يعتري صاحبه الضيق والظلمة والحزن والغم والهم.

ولذلك فإن أصحاب القلوب المؤمنة إذا ابتلاهم الله في حظوظهم الدنيوية، فلأنهم يعرفون حقيقة الموضوع أصلاً، فتجدهم لا يكترثون لما يصيبهم من متاعب الدنيا ولأوائها، ويدفعهم هذا الأمر ليزدادوا من الله قرباً.

إن لله عباداً فطنا
طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا


نظروا فيها فلما علموا
أنها ليست لحي سكنا


جعلوها لجة واتخذوا
صالح الأعمال فيها سفنا


قيل للإمام أحمد: متى الراحة؟ قال: عند أول قدم نضعها في الجنة.

ولقد بين الرب سبحانه حقيقة الدنيا وأرشد إلى ما ينبغي للعباد أن يتطلعوا إليه فقال: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} (غافر:39)، لا سيما وأن الإنسان صنع ربه وهو أعلم بما ينفعه: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} (الإنسان:2).

فهذه الدنيا بطبيعتها، وبما يحصل فيها من ألم نفسي إن كان على شيء مضى فهو حزن، أو على شيء حاضر فهو غم، وإذا كان على شيء يخشى في المستقبل فهو هم.

ولذلك أهل الإيمان لما عرفوا طبيعة الدنيا لم ينشغلوا بتحصيلها كثيراً يقول أحدهم: "إذا دخلت بيتي فأكلت رغيفي، وشربت عليه الماء، فعلى الدنيا العفاء"؛ يقول هذا؛ لأن نبيه صلى الله عليه وسلم علمه: ((من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا))1.

وهذا التعب للأجساد، والهم والغم والحزن للنفوس؛ يقاوم بذكر الله تعالى: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: من الآية28).

عباد الله

هذه الدنيا لا يكاد يوجد أحد مستريح فيها، وكثيرون لا يكاد يعجبهم شيء منها، يقول أحدهم واصفاً هذا الحال:

صغير يشتهي الكبر



وشيخ ود لو صغر


ورب المال في تعب



وفي تعب من افتقر


وخال يبتغي عملاً



وذو عمل به ضجرا


ويشقى المرء منهزماً



ولا يرتاح منتصرا


ولذلك دار الفناء هذه ودار الغرور لا يصلح أبداً أن تغرنا، وإن كانت فيها فتن كثيرة: فتن شبهات.. فتن شهوات.. فتن أموال.. فتن حب الرئاسة، فتن تعلقات قلبية متعبة ومنهكة للإنسان؛ فتن اللهث والجري وراء الحطام.

خفض همومك فالحياة غرور



ورحى المنون على الأنام تدور


والمرء في دار الفناء مكلف



لا قادر فيها ولا معذور


والناس في الدنيا كظل زائل



كل إلى حكم الفناء يصير


عجباً لمن ترك التذكر وانثنى



في الأمن وهو بعينه مغرور


الصبر الترياق المجرب لهموم القلب وأحزانه

هناك هموم طيبة إذا ارتبطت بأسبابها كالهم لما يصيب المسلمين، أو الغم لما يحصل لإخوانك في الأرض من الظلم، وهذا الهم يؤجر عليه الإنسان، نعم.. يؤجر على ما يصيبه من هذه الهموم والغموم والأحزان؛ لأن الذي أشغل قلبه حال الإسلام والمسلمين، وهذا كله لا بد أن يكون دون يأس؛ لأن ديننا لا يأس فيه ولا قنوط قال سبحانه: {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} (الحديد: من الآية23)، هذا السبب العظيم من وراء كتب المقادير وتقدير الأحداث: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} (الحديد:22) مكتوبة من قبل أن نخلقها في الواقع ونوجدها، {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (الحديد:22)، وأما لماذا كتبت المقادير؟ فالجواب من رب الأرباب {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} (الحديد: من الآية23).

ذهبت أموال في صفقات في أسهم، أو جاءت أرباح ومكاسب في صفقات كل ذلك {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} (الحديد: من الآية23)، والصبر الذي أرشد الله العباد إليه هو الترياق المجرب لغموم القلوب وأحزانها وهمومها قال صلى الله عليه وسلم: ((ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر))2، وقال: ((عجباً لأمر المؤمن.. إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له))3 وجزاء الصبر ما أخبر الله: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: من الآية10).

وهذا الهم قد ركب النبي صلى الله عليه وسلم لما أعرضوا عنه، قالت عائشة لزوجها صلى الله عليه وسلم: "هل أتاك عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟"، قال: ((لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت -ذهب إلى أهل الطائف فرجع، مات أبو طالب وماتت زوجته خديجة- فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب))4، ما فطن لنفسه إلا في هذا الموضع -خارج البلد- من الرد الذي ردوا عليه، لم يوافقوه فيما كان يريد، فقد كان يريد من يعينه على نشر الدين، وهذا هو الهم السامي.

ويصيب الداعية بسبب إعراض بعض المدعوين هم وحزن كما أصاب صاحب الرسالة من قبل فخاطبه الله بقوله: {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} (فاطر: من الآية8) فإنما عليك البلاغ، والله بصير بالعباد، لم يكلف الداعية بالنتيجة، ولكن كلف بالعمل.

وأيضاً قد يقع على الإنسان اتهامات باطلة.. خسائر مالية.. عقوق أبناء.. تمرد زوجة.. أو يقع على المرأة أشياء من ظلم الزوج، أو بطش الزوج، أو تعدي الزوج، فيصيب الإنسان بعض الأحزان، وربما بسبب كيد بعض من في العمل له من أقرانه، ومكر الأعداء، وأحياناً كيد الأقرباء:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة



على النفس من وقع الحسام المهند


وترى هذا تخرج فلم يجد وظيفة، وهذا لم يجد جامعة، وهذا لم يجد زوجة، وهذا لم يجد قضاء دين.. ونحو ذلك.

فإحسان الظن بالله في مثل هذه الظروف مطلوب ومن وراءه بإذن الله الفرج والمخرج:

إذا تضايق أمر فانتظر فرجاً



فأقرب الأمر أدناه إلى الفرج


التعامل مع المصائب وفق هدي القرآن مخرج

والإنسان لا بد أن يتعامل مع هذه الهموم بهدي القرآن والسنة، ويرضى بما قسم الله له وهو يقول: اللهم عرفنا نعمك بدوامها لا بزوالها؛ فبعض الناس لا يعرف قيمة النعمة إلا إذا زالت، وعندها يصيبه القلق والأرق...، ولذلك هذا الصنف بحاجة إلى يقين بالله أكثر وتسليم للقضاء أكبر فالعبد لا يأتيه من الدنيا إلا ما كتب له منها، وحتى الواحد لو ملك الدنيا هل ينام على سرير واحد، أو تراه ينام على عدة أسرة في وقت واحد؟ وهل يأكل أكثر من ثلاث وجبات؟.

إن الملاحظ اليوم أن الكثير من الناس يعاني من الهموم والغموم، حتى بسببها انتشرت العيادات النفسية، وصار الملجأ للكثير الطبيب النفسي، ويقولون: مزاج حزين، فقد الرغبة في الطعام، الإحساس بعدم القيمة، صعوبة التركيز والتفكير، انخفاض الطاقة، النوم الكثير، أو الأرق وعدم النوم، التفكير في الانتحار، أشياء تعرض للكثيرين، وقصص صرنا نسمعها مع الأسف في أناس أذهبوا هذه النعمة بأيديهم -نعمة الحياة-، وبالتالي حرموا الجنان جاء في الحديث القدسي: ((عبدي بادرني بنفسه حرمت عليه الجنة))5.

إن أمراض الاكتئاب تنتشر في العالم بأرقام مخيفة، والملايين تنفق على العلاج ولا فائدة، ولذلك يلجؤون في نهاية المطاف إلى الانتحار، ويقولون: العلاج بأدوية، وبعضهم يقول بموجات كهربائية، وآخرون يقولون: الموسيقى، وبعضهم يقول: السحر، وآخرون على البرمجة اللغوية العصبية، والأدوية، والمهدئات.

ولكن يا أيها الإخوة والأخوات: أليس عندنا من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما يغنينا عن كل هذا؟ ألم يقل عليه الصلاة والسلام: ((من جعل الهموم هماً واحداً هم المعاد كفاه الله هم دنياه))6، الذي يهتم لأمور الآخرة، ويجعل همه الأساسي الآخرة، تشغله النار وعذاب الآخرة، شدة الموقف، هول الحساب، طول المقام بين يدي العزيز العلام، يفكر في نشر الصحف، يفكر في الصراط، يفكر في الميزان، يفكر في القيام من القبر والبعث والنشور، يفكر في هذه الشمس التي ستدنو من رؤوس الخلائق، فالنتيجة ما قاله عليه الصلاة والسلام: ((من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له))7. ولذلك فإن المسلم يستعين على هموم الدنيا بتذكر الآخرة، فينسى ما في الدنيا من هموم إذا ما قارنها بهموم الآخرة.

المعاصي من أسباب الهموم والغموم

وأما عن أسباب الهموم والأحزان فلا شك أن الذنوب والمعاصي من أعظم أسباب الهموم والغموم والأحزان، وبعض المعاصي فيها فضيحة، ولها نتائج وعواقب سيئة بسبب ذلك الخبيث؛ لأن الذي خبث لا يخرج إلا نكداً، وهكذا الخبث يولد النكد. ومن شؤم المعصية أنها تعكر حياة صاحبها كما قال ابن عباس: "إن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القبر، ووهن في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق"8؛ ولذلك لا بد من التوبة من الذنوب والمعاصي.

ولا شك أن الإغراق في الماديات والترف والكماليات، والانشغال الدائم بمتابعة المستجدات في عالم الأطعمة والألبسة والأثاث والجوالات والأجهزة والقنوات؛ أشغلت الناس، وأشياء كثيرة جداً ذهبت بألبابهم، لكن الذي يعرف الهدف، ويسعى للحياة الطيبة فليتمعن ملياً في هذه الآية وهي قوله سبحانه: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} (الأنعام: من الآية125).

لا تجزع فرزقك مقسوم ومكتوب

بعض الناس إذا رأى هذه الغموم الكثيرة نتيجة ما يسمونه بقلة فرص المعيشة والرزق ونحو ذلك أصابه ما أصابه، فليطمئن فإن {مَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (هود: من الآية6)

وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك، ويؤمر بأربع كلمات: فيكتب عمله، وأجله، ورزقه، وشقي أو سعيد))9 فهو سيدركه ما كتب الله له، وهذا يعني عند المؤمنين بذل الأسباب مع التوكل على الله، والمراد بالأسباب –الأسباب الشرعية- التي تعين على تحصيل ما كتب الله لك من الرزق المقدر في اللوح المحفوظ، واليقين بأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها يعالج الأمر، والعمل بمقتضى قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (الملك:15) يعالج الأمر أيضاً.

حلاوة الحياة في اللجوء إلى الله وعمل الصالحات

ومن العلاج اللجوء إلى الله، والإكثار من الدعاء، وصلة الرحم فقد ثبت عن المصطفى عليه الصلاة والسلام قوله: ((من سره أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه))10، ولا يقنط من روح الله ورحمة الله إلا أهل الفسق والكفر، أما المؤمن فهو لا يزال يرجو رحمة ربه.

ولا بد للناس من تنفيس، ولذلك فإن المحنة إذا اشتدت في وقت فإنها تفرج في وقت آخر: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (آل عمران: من الآية140)، والله عز وجل يقلب الأمور، ويدبر الليل والنهار.

ومن العباد من لا يصلح له إلا الغنى ولو أفقره الله لكفر، ومنهم من لا يصلح له إلا الفقر ولو أغناه لطغى، ومن الناس من يصلحه الله بمرض، ومن الناس من يصلحه الله بابتلاء، وبعض الناس لا يتغيرون إلا في شدة، وبعضهم إذا جاءته النعمة عرف أنها من الله فأقبل على الشكر -شكر النعمة ببذلها في طاعة المنعم، والاعتراف بها للمنعم- {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (الضحى:11).

وحلاوة الحياة، وبهجت الحياة هذا الإيمان، فهو أكبر نعمة، ومن المؤسف أن بعض الناس لا يعرف الحلاوة –حلاوة الحياة-إلا في الترفيه والسياحة والأفلام المضحكة والمشاهد الفكاهية وحفلات السمر والغناء ونحو ذلك، والواقع أن الحلاوة الحقيقة تكمن في قوله عليه الصلاة والسلام: ((ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار))11، فهلا وعينا هذه الحلاوة، وهذه الطلاوة؟ وأن هذه الحلاوة لا تفوقها حلاوة –أي حلاوة الإيمان في كنف الرحمن، ورضا الرب عز وجل-، وهذه هي لذة العبادة.

وهناك أناس آتاهم الله إقبالاً على العبادة، فإذا جلست في صحن الحرم ترقب الطائفين سبعاً، وركعتين سبعاً، وركعتين سبعاً، وركعتين لا يكاد يفتر، وأناس يأتون قبل الفجر يصلون، وبعضهم يختم القرآن في المدة الوجيزة، وعنده الذكر هذا مثل الماء للسمك، إذا ما قام به ما استطاع العيش.

وأناس يعيشون ولا يحسون بشيء، قلوبهم مظلمة، ظلمات بعضها فوق بعض، ذكر الله أو ما ذكر، صلى أو لم يصل، كأن النتيجة عنده واحدة، فلذلك ليس للحياة عند هؤلاء طعم، ولو جرب هؤلاء الحياة في كنف الرحمن وفي ظل هذه العبادة -الكتاب والسنة-، ولذة العلم كما ذكر الشافعي: "للعلم لذة، وود لو أن لأعضائه آذاناً تتلذذ بسماع العلم كما تلذذت أذناه"، والمراد بالعلم –العلم الشرعي: علم الكتاب والسنة، لعرفوا قيمة الحياة.

اللهم إنا نسألك أن توسع علينا في دنيانا يا رب العالمين، وأن ترزقنا فيها السعادة والعافية يا أرحم الراحمين، وأن تجعل همنا في الآخرة وسعينا الأكبر لها إنك على كل شيء قدير.

اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً، وتب علينا، اللهم ارزقنا شكر نعمتك، ونعوذ بك من تحول عافيتك، ونعوذ بك من نقمتك وسخطك، إنك أنت الغفور الرحيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.



الخطبة الثانية:

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأشهد أن محمداً رسول الله؛ الرحمة المهداة، البشير والنذير، والسراج المنير.

اللهم صل وسلم على عبدك ونبيك محمد، حبيبنا وإمامنا وقدوتنا، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وذريته الطيبين، وأزواجه وخلفائه الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

عش مع القرآن وسلم للمقادير تطب حياتك

عباد الله

القرآن، وما أدراك ما القرآن؟ فيه الفرج والتنفيس من الرحمن، القرآن نزل من عند الديان: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (الإسراء: من الآية82)، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} (يونس: من الآية57).

ونقول للذي ضاقت به نفسه وعاش الضنك في حياته، عليك بالقرآن يزول ما في صدرك. إن من العجب أن ترى البعض يبحث حال الأزمة النفسية عن وسائل ترفيه، أو أشياء مضحكة، وهذه إذا سلّته وقتاً يسيراً فسيرجع إليه الغم مرة أخرى؛ لأن هذه الأشياء مثل المخدر ينفع إذا خدره ثم يزول المخدر، ويرجع إلى ما كان فيه، فهذا ليس علاجاً حقيقياً. لكن إذا رجع إلى القرآن وعبادة الرحمن -ذهب عمرة، بكّر للمسجد...-، هنا الفرج. وربما يأتيك الفرج أيضاً عن طريق أخ في الله مسلم صادق.

ولا تغفل عبد الله أن الإيمان بالقضاء والقدر أمر محتم لا يستقيم إيمانك إلا به، الإيمان بما كتب الله عليك لا مهرب منه ولا محيص، ولا يمكن أن يجتنب، والمصائب لها أسباب تخففها، نعم.. هناك أسباب تخفف المصائب إذا وقعت، قضى الله فينا بالذي هو كائن فتم، وما من شدة إلا سيأتي من بعدها رخاء.

كن عن همومك معرضاً



وكل الأمور إلى القضا


أبشر بخير عاجل



تنسى به ما قد مضى


فلرب أمر مسخط



لك في عواقبه رضى


ولربما اتسع المضيق



وربما ضاق الفضا


الله يفعل ما يشاء



فلا تكن معترضا


الله عودك الجميل



فقس على ما قد مضى


إن أحزنك زمن فقد سرتك أزمان، وإذا قلقت وأرقت فعليك بمن لا ينام، يا من لا ينام في الليل من الأرق عليك بمن لا ينام، فعد إليه، الجأ إليه، تذلل، والتزم الضراعة له، فإن التضرع: دعاء، ولكن مع ذل وخضوع وخشوع، فيه مسكنة، فيه إظهار الذل لله تعالى: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} (الأنعام: من الآية43).

ثم من الفروق بيننا وبين الكفار: أن الكافر إذا مرض ثم شفي فهو كالبعير قيده أهله ثم أطلقوه، فهو لا يدري لماذا قيدوه، ولماذا أطلقوه، لكن المسلم إذا أصابته شدة مرض أو غير المرض فهو يستفيد، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم -ماذا بقي من أنواع الإصابات الجسدية والنفسية؟- حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه))12، النصب: التعب، والوصب: المرض، والهم والحزن وأشياء على ما مضت، وأشياء الآن، وأشياء يخشى في المستقبل منها، والأذى والشوكة، فهو ما ترك شيئاً إلا بينه: ((ولا هم ولا حزن ولا غم)) الغم على ما مضى، والهم مما يترقب، ويخشى في المستقبل، والحزن لما هو واقع الآن، ((إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا))13، حتى أن رجلاً في عهد النبي عليه الصلاة والسلام نظر إلى امرأة أجنبية نظرة لا تحل، ثم مشى وهو ينظر، فأصابه جدار فشج وجهه، فأخبره أن الله أراد به خيراً، فعجل له العقوبة في الدنيا، قال عليه الصلاة والسلام: ((وإذا أراد بعبد شراً أمسك عنه حتى يوافى يوم القيامة بذنبه))14.

عالج همومك وأحزانك بها

والاستغفار شأنه عظيم، ومكاسبه جليلة كما أخبر بذلك نوح قومه فيما حكاه عنه القرآن بقوله لهم: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً} (نوح:10- 11). فالاستغفار يعني يرفع العذاب، بما فيه العذاب النفسي {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الأنفال: من الآية33)، {لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (النمل: من الآية46)، فإذا ابتلينا صبرنا.

وهذه الدنيا إن أضحكت قليلاً أبكت طويلاً، وإن أعطت يسيراً منعت كثيراً، والمعطي والمانع هو الله سبحانه وتعالى، والمؤمن فيها محبوس، قال عليه الصلاة والسلام: ((الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر))15، وحتى لو المؤمن أصابه نعيم فيبقى كذلك.

ولهذا لما خرج الحافظ ابن حجر رحمه الله في هيئة جميلة، ومعه من معه، فمر بالسوق، فخرج له يهودي زيات فيه فقر، فقال اليهودي: أنت فيما أنت فيه، وأنا فيما أنا فيه، ونبيكم يقول: ((الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)). قال: نعم، أنا وإن كنت في نعمة بالنسبة للجنة أنا في سجن، وأنت في الفقر والشدة التي أنت فيها بالنسبة لجهنم -التي ستدخلها إذا أصررت على الكفر- أنت الآن في جنة16.

ثم لنا في الكرام أسوة؛ ولذلك من المهم أن نعرف سير السلف، سير العلماء، سير الأنبياء، رؤوس الناس الذين يبتلون قال عليه الصلاة والسلام: ((أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة))17.

وإذا تفكر الإنسان فيما أعطانا الله من نعم العبادات كالصلاة...؛ عرف في هذه الحالة معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((وجعلت قرة عيني بالصلاة))18، صل هذه السعادة والتنفيس، هذا هو العلاج والدواء، هذا الذي يزيل همك وغمك، هذا الذي يقيك الشرور.

والدعاء علاج وأي علاج، النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن))19، كان يستعيذ من هذا؛ لأن هذه الأشياء إذا ركبت الإنسان فعلاً تقض مضجعه، ولا يستريح، وقد لا يعرف يفكر أحياناً، ولا يهتدي لأمره؛ ولذلك كان المصطفى يستعيذ منها: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل))20 الكسِل يقدر، لكن لا توجد همة تبعثه للعمل، وأما العاجز فليس عنده قدرة أصلاً، فاستعاذ من الأمرين، والمتأمل في أسباب تخلف المسلمين يجد أن العجز والكسل هما من ركائز تخلفهم.

قال: ((والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال))21، ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال))22 فاستعاذ المصطفى عليه الصلاة والسلام من الأشياء السيئة في داخل النفس: الهم والحزن، وفي الجسد: العجز والكسل، واستعاذ من الأخلاق الرديئة: البخل والجبن، والأشياء الخارجية: ضلع الدين -شدة الدين-، وغلبة الرجال -تسلط مدير، قهر الرجال-، وهذا الحديث في صحيح الإمام البخاري من أنفع الأدعية للمسلم ليحفظها، ويحافظ عليها، والله لا يضيع من سأله.

قالوا: إن امرأة عادت من حفل زفاف متأخرة في الليل، فدخلت مصعد العمارة، فعلق المصعد بها بين طابقين لا يصعد ولا ينزل، فلما اشتد الأمر، وعظم الكرب، وضاق النفس، تذكرت قصة أصحاب الغار، وكيف أن كل واحد دعا بشيء عمله لوجه الله، فقالت: اللهم إن جارتي كانت تريد الحج فطلبت مني أن أحفظ أولادها لحين عودتها، فأعنتها على حجها، فحفظتهم لها حتى عادت، فأخذتهم أحسن ما يكون، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عني ما أنا فيه، فانطلق المصعد.

عباد الله

إن ربكم سميع الدعاء، ولما قال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (غافر: من الآية60) لا بد أن يستجيب؛ لأنه وعد بذلك، والله لا يخلف الميعاد، لكن كيف يستجيب؟ قد يستجيب لك فيما طلبت، أو في شيء آخر أعظم، وقد يقيك شراً أعظم، وقد يعطيك خيراً مما طلبت، فإذا أخر لا يؤخر إلا لحكمة، وقد يستجيب الآن فوراً، فالمهم أنه لا بد من استجابة وإن لم تشعر بها؛ لأنه قال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (غافر: من الآية60) فقد لا تحس أنت بما حصل من شر كان سينزل عليك، فرفعه الله بدعائك.

والتوبة التوبة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والإكثار منها أثره عظيم في هذا؛ لأن أبي بن كعب لما كان له ورد معين، وسأل النبي عليه الصلاة والسلام: "كم يجعل له من ورده صلاة عليه ربع، ثلث، نصف، كله؟ قال: ((إذاً تكفى همك، ويغفر لك ذنبك))23، فهذا من أثر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وما أعظمها في يوم الجمعة.

ولا ننسى البراءة من الحول والقوة إلا حول الله وقوته، فإن بعض الناس يعتمد على حوله وقوته، ويثق في حول فلان وقوته، والحقيقة أن كل هذا بدون حول الله وقوته، لا يفيد شيئاً.

وأيضاً التوكل الذي هو: التفويض التام، والاعتماد الكلي على الله، وأن يفرغ قلبك إلا من الثقة به، ثق به، توكل عليه، الجأ إليه، فإنه سيكفيك.

اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، اللهم تب علينا، اللهم آتنا سؤلنا، وقنا شر أنفسنا، أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، اللهم اجعلنا من المحسنين، واجعلنا من المؤمنين، اجعلنا لك تائبين، لك ذاكرين، لك شاكرين، عليك متوكلين، اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أسرفنا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا حزناً إلا أذهبته. اللهم أنزل علينا الإيمان واليقين، واجعلنا عليك متوكلين، واجعلنا في بلادنا آمنين، واجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً، سخاء رخاء. اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وانشر رحمتك علينا.

اللهم انصر إخواننا المستضعفين، اللهم ارفع عنهم الظلم والشدة يا رب العالمين، اللهم كن معهم ولا تكن عليهم، وانصرهم ولا تنصر عليهم، وأعنهم، ولا تعن عليهم. اللهم إنا نسألك الأمن في البلاد والنجاة يوم المعاد.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

1 رواه الترمذي برقم (2268)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (6024).

2 رواه البخاري برقم (1376).

3 رواه مسلم برقم (5318).

4 رواه البخاري برقم (2992)، ومسلم برقم (3352).

5 رواه البخاري برقم (3204).

6 رواه ابن ماجه برقم (4096)، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه برقم (3314).

7 رواه الترمذي برقم (2389)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (6510).

8 الجواب الكافي لابن القيم (35).

9 رواه البخاري برقم (2969)، ومسلم برقم (4781).

10 رواه البخاري برقم (1925)، ومسلم برقم (4638).

11 رواه البخاري برقم (15) ومسلم برقم (60).

12 رواه البخاري برقم (5210).

13 رواه الترمذي برقم (2319)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (308).

14 رواه الترمذي برقم (2319)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (308).

15 رواه مسلم برقم (5265).

16 ذكرها القزويني في آثار البلاد وأخبار العباد ونسبها للقاضي أبي يوسف.

17 رواه الترمذي برقم (2322)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (494).

18 رواه النسائي برقم (3878)، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح برقم (5261).

19 رواه البخاري برقم (2679).

20 رواه البخاري برقم (2679).

21 رواه البخاري برقم (2679).

22 رواه البخاري برقم (2679).

23 رواه الترمذي برقم (2381)، وقال: حديث حسن صحيح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مواساة المحزون
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1



صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع الفرقان :: المقالات والشخصيات والقصص :: الخطب والمحاضرات :: الخطب-
انتقل الى: