موقع الفرقان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دعاء من أصابته مصيبة ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2) دعاء الهم والحزن ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء دعاء الغضب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4 دعاء الكرب لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3 دعاء الفزع لا إله إلا الله متفق عليه ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5 من استصعب عليه أمر اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106 ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1) مايقول عند التعجب والأمر السار سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8 في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3 دعاء صلاة الاستخارة قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8 كفارة المجلس من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3 دعاء القنوت اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428 مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1 الدعاء قبل الجماع لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه الدعاء للمولود عند تحنيكه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي) ما يعوذ به الأولاد أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6 من أحس وجعاً في جسده ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4 مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10 تذكرة في فضل عيادة المريض قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1 مايقول من يئس من حياته اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4 كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه من رأى مببتلى من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3 تلقين المحتضر قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2 الدعاء عند إغماض الميت اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2 مايقول من مات له ميت مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2 الدعاء للميت في الصلاة عليه اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159 وإن كان الميت صبياً اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً عند ادخال الميت القبر بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1 مايقال بعد الدفن كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل دعاء زيارة القبور السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2 دعاء التعزية .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

شاطر
 

 تجليات روحانية في الحج

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

تجليات روحانية في الحج Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

تجليات روحانية في الحج Empty
مُساهمةموضوع: تجليات روحانية في الحج   تجليات روحانية في الحج Emptyالأحد 1 يونيو 2014 - 9:20

تجليات روحانية في الحج

الحمد لله الذي لهيبة عظمته تحرك الساكن وارتج، ولعظيم قدرته التطمت أمواج البحر وثج، ومن يسير بلائه استغاث الشديد الصبر وضج، وإلى كثير عطائه قطع قاصدوه العميق الفج، الذي أظهر في شهركم هذا من دماء القرابين السفح والشج، وأحب من أكثر الدعاء فيه وألح ولج، وسماه ذا الحجة وشرع فيه إلى بيته الحج، الذي استدعى من شاء إلى زيارة بيته العتيق، وحرك عزم القاصد وأعانه بالتوفيق، وسهل للسالكين إلى حرمه مستوعر الطريق، ووعد الطائعين القبول وهو بإنجاز الوعد خليق، وأزعج قاصديه عن مساكنهم وأخرجهم من أماكنهم بالتشويق، فرضوا من أهلهم وفريقهم بالبعاد والتفريق، وجدت بهم النجائب من كل بلد سحيق، فأقبلوا بين ماش على قدميه استسعاه يقين الصديق، {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}1، أحمده حمد موقن آمن به وعرفه، وأشكره على إدراك ذي الحجة ويوم عرفة.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله ربه بالرحمة والرأفة، فحل من القلوب محل الشرفة

كل القلوب إلى الحبيب تميل **** ومعي بذلك شـاهد ودلـيل
أما الدليل إذا ذكرت محمداً **** صارت دموع العارفين تسيل
هذا رسول الله نبراس الهدى **** هـذا لـكل العالمين رسول

صلى الله، وسلم عليه-، ورضي عن صاحبه أبي بكر الصديق الذي حالفه وما خالفه، وعلى عمر الذي رفض الدنيا أنفة، وعلى عثمان الذي جهز جيش العسرة وأسعفه، وعلى علي الذي ما أشكل علم إلا وكشفه، وعلى عمه العباس الذي عظم الله بيته وشرفه.2

أما بعد:

فمن أين أبدؤوها وكيف أصوغها وبأي شعر يستفيض لساني

هاجت من الأعماق فيض مشاعر خفاقة ترتاع في وجداني

تهفو إلى البيت العتيق قلوبنا منا السلام أهيل ذاك الوادي

طوف وسعي والمبيت ومشعر وتضرعات القلب في عرفات

ما أروع اللحظات بل وأجلها في نفس مشتاق إليه وشاكي

عباد الله:

إن في نفوس المحبين شوق عارم، وصبابة جارفة، يعجز اللسان إن أراد وصفها، ويحتار البيان إذا تقحم دربها، حين يحدو قاصدي البيت الحرام حادي الركب ويصرخ في أذانهم أن هلموا، وإلى حرم الله أقبلوا، ونحو بيت الله شدو، فما أن يبلغ صداها أسماعهم، حتى تسابق عباراتهم عبراتهم، وتغلب عيونهم دمعاتهم.

تجري بهم قلوبهم قبل أن تسير بهم أقدامهم يأتون {مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}3، لا يألون على شيء سواء أن يشرفهم الله برؤية بيته، وينعمون بزيارة كعبته، ويبلغهم مقاصدهم {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ}4

لا إله إلا الله ما أعظمها من رحلة في حياتهم.

رحلة الإيمان وإن تحركت الأبدان.

رحلة القلوب وإن سارت الأجساد، تفيض مشاعرهم فلا يجدون إلا الدموع تؤنس لوعة حنينهم فلا تروي ظمأ شوقهم ولهفهم، يترقبون في كل سهل ووادي، وبين وجوه الرائح الغادي.

متى اللقيا تلوح على محـب *** أذاب فـؤاده بعد الـتلاقي

لأبيت الله قد سابقت شوقي *** وطارت في الربي روح العناقي

أيها الكرام:

إن في الحج الذي يصفه الفقهاء بعبادة العمر، وختام الإسلام، وكمال الدين، روحانية عجيبة، ونسمات إيمانية رهيبة، تحلق بالقلب لتحوم به حول العرش، وتسمو بالنفس في مقامات العبودية بعيداً عن حثالة الحش، تلتف يمنة ويسرة وأنت بين المناسك والمشاعر في الحج، فتكاد تصدع فؤادك مناظر البكاء والخشية، وهتافات الدعاء والضراعة، وتأسرك موقف الانكسار والافتقار بين يدي الملك الجبار، كل يسأل ربه النجا النجا الوحا الوحا.

أيها الحاج:

إن هذه الروحانية، والمواقف الإيمانية تتجلى في مواقف عديدة، ومواطن فريدة تسير مع القاصد لبيت الله من أول وهلة يطير فؤاده معانقاً {أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ}5حينها يكون قد رد المظالم، وقضاء المغارم، واستسمح وزار الأرحام، وأعلن بين يدي ربه ندمه من كل ما يزري المكارم.

وهو في طريقه يقتله الحنين إلى ربى مكة كلما صعد تل أو جبل، وهبط وأدي أو سهل، يرقب الأفق وإن طال امتداده لعله تلوح له تلك الرحاب الطاهرة، والديار العامرة.

يقول صاحب المدهش: حج قوم من العباد فيهم عابدة، فجعلت تقول: أين بيت ربي، أين بيت ربي؟ فيقولون: ألا ترينه؟

إذا دنت المنازل زاد شوقي ولا سيما إذا دنت الخيام

فلما لاح البيت، قالوا: هذا بيت ربك، فخرجت تشتد وتقول: بيت ربي، بيت ربي، حتى وضعت جبهتها على البيت فما رفعت إلا ميتة.6

قَالَ الربيع بن سليمان: حججنا مع الشافعي، فما ارتقى شرفاً ولا هبط وادياً إلا وهو يبكي وينشد:

يا راكباً قف بالمحصب من منى *** واهتف بقاعد خيفنا والناهضِ

سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى *** فيضاً كملتطم الفرات الفائضِ

إن كان رفضاً حب آل محمدِ *** فليشهد الثقلان أني رافضي7

عباد الله:

ثم لما تلامس أقدامهم موضع ميقاتهم، عندها يتخلى الحجاج عن كل ما له بالدنيا من صلة، من لبس أبهى ثيابهم، وجميل لباسهم، متجردين من كل مظاهر المادية، سامين بأرواحهم لينالوا شرف الضيافة على مائدة الرب سبحانه، تاركين كل أهواء الدنيا من رياء وشهرة وسمعة؛ ليتعلقون بنور السماء، يسعهم في ذلك ما وسع قدوتهم وأسوتهم يوم توجه بالدعاء إلى ربه فقال: "اللهم اجعلها حجة لا رياء فيها ولا سمعة "، ويقول: " لبيك حقاً حقاً، تعبداً ورقاً"، ينتقل بنفسه من ماديات الأرض بكل ما فيها إلى أول مظاهر الروحانية

فتذكره ملابس الإحرام بفنائه الذي يلقى به ذي الطول والإنعام.

تذكره بالرحلة إلى الدار الآخرة، عندما يطوي في ذلك الكفن ويسكن بيت العفن.

تذكره تجرده من المخيط، يوم تنزع منه ثياب المخيط، لا حول له ولا قوة.

تذكره بأنه بقدر ما سعى سوف يلقى؛ ليجد بعد ذلك نفسه في عالم تجرد من كل مظاهر الترف، أقبل على ربه ولرجاء النجاة زحف الكل فيه يردد: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك))، والكل ينتقل بتلبيته من عالم الماديات إلى عالم آخر من الرهبانية وتجريد المقاصد لله {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا}8.

أيها الأخ المسلم الكريم:

وما إن يتأهب الحاج لدخوله البلد الحرام "مكة"، حتى يجد قوافل الإيمان التي جاءت طالبة المغفرة والعفو من خالقها -عز وجل-، أقبلت من كل صوب، وجاءت من كل حدب، هتافهم تسبيح، ونداؤهم تلبية، ودعاؤهم تهليل، مشيهم عبادة، وزحفهم صلاة، وسفرهم هجرة إلى ربهم، وغايتهم مغفرة من الله ورضوان، مجتمعين على كلمته، متأملين لبيته، مظهرهم كأنهم بنيان مرصوص، شطت بهم الديار، ونأت برحيلهم الأقطار، تركوا البلاد والأهل والأولاد، وساوموا بتجارتهم رب العباد {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ}9، آمين بيته، عاشقين رحابه، ينعمون بقدسيته، ومتشرفين بضيافته، متلمسين لرحماته، متعرضين لنفحاته، مستمطرينه رضوانه وسائلينه فسيح جناته، كل ذلك: {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}10.

بـلدة عظـمى وفي آثـارها *** أنفع الذكرى لقوم يعقلون

شب في بطحائها خـير الورى *** وشبا في أفـقها أسمح دين

وهاهم أمام بيته -بيت الله- وبين أركانه الجود الأجر مضاعف، والجزاء موفور، والذنب مغفور، والسعي مشكور. عند رب لا تُغلق رحابه، ولا تُسد أبوابه، لا يخيب سائلاً، ولا يرد طالبًا، فهو الحليم الذي لا يعجل، والكريم الذي لا يبخل.

وفي ميدان هذا البيت يتجلى الدين في أروع صورة وأبدع مظهر، جموع تطوف وتطوف، وأناس تنادي الرؤوف، يتعلم العبد أثناء طوافه مبدأ التعاون على البر والتقوى، وإنكار الذات مراعاة لإخوانه في الدم والعقيدة، يرى الحجيج – على كثرتهم، واختلاف أجناسهم، وتباين لغاتهم - يسيرون في اتجاه واحد، وارتباط وتآزر، ووحدة وتكاتف، فيتسأل أي شيء جمع هذه القلوب، وأي عرى رابطت بين تياك النفوس.

ففي ربعهم لله بيتٌ مباركٌ***إليه قلوبُ الخَلْقِ تهوى وتهواهُ

يطوفُ بِهِ الجاني فَيُغْفَرُ ذَنبُه***ويسقُطُ عنه جرمُه وخطاياهُ

فكم لذةٍ كم فرحةٍ لطوافهِ***فللهِ ما أحلى الطوافَ وأهناهُ

نطوف كأنَّا في الجنانِ نطوفُها***ولا همَّ لا غمٌّ فذاك نفيناهُ

فيا شوقنا نحو الطواف وطيبه***فذلك شوقٌ لا يحاط بمعناهُ

فمن لم يذقْه لم يذقْ قطُّ لذةً***فَذُقْهُ تَذُقْ يا صاحِ ما قد أُذِقنَاهُ

أيها الكرام:

وروحانية أخرى نتعلم منها التضحية والجهد، فأثناء السعي بين الصفا والمروة، يري هذا الجهد الذي قاسته السيدة هاجر من أجل شربة ماء تروي غلة طفل رضيع أنهكه الجوع وأرهقه الظمأ، امرأة وحيدة وسط الجبال الشاهقة، وبطون الوديان السحيقة تهرول هنا وهناك، في صعود وانحدار، وحيرة واضطراب، يمزق أحشاءها أنين ولد عليل، جف ريقه، وجمد لسانه، يلهث من شدة العطش، فإذا ما اشتد الخطب، وادلهمّ الأمر، تجلت رحمة الله كالنور في الظلمة، كالأمل الباسم وسط اليأس الحالك، فتفجر الماء سلساً، وانساب عذباً دافقاً، إنه بئر زمزم الميمون المبارك، النبع الطاهر، الرحيق الحلو، الدواء الشافي؛ ليعرف الناس أن الله تعالى لا ينسى أولياءه، وأن الفرج بعد الضيق، وأن مع العسر يسراً {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}11

ويستحضر المرء وهو يسعى بين الصفا والمروة فقره وذله وحاجته إلى الله في هداية قلبه، وصلاح حاله، وغفران ذنبه، وإن يلتجيء إلى الله -عز وجل- لتفريج ما هو به من النقائص والعيوب، وأن يهديه إلى الصراط المستقيم، وأن يثبته عليه إلى مماته، وأن يحوله من حاله الذي هو عليه من الذنوب والمعاصي، إلى حال الكمال والغفران والسداد والاستقامة، كما فعل بهاجر -عليها السلام- عندما قاست من الشدائد ما قاست، ولاقت من المشاق ما بسببه عانت؛ ليعيش بلقبه حدثا مهيباً مسترجعاً في ذلك عجلة الزمن، مع موقف خلده الله -عز وجل- وجعله آية تتلى ومنسكاً يؤتى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها يقول سبحانه: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ}12؛ وكلكم يرى أفواج الحجاج والمعتمرين عاماً بعد عام، ومع هذا لم يزل ذلك المعلم مكانه لم يتغير أكراماً من الله لها، جزاء صبرها وجلدها.

أيها الكرام:

إنها مواقف تفيض بالمشاعر الجياشة، والأحاسيس الصادقة المرهفة.

مواقف تهيج الذكرى، وتزرع الأمل في نفوس البائسين اليائسين.

مواقف تجعل الإنسان ينطلق بين رحاب المشاعر، وكأنه أمام مشاهد مصورة، تحوطه من كل جانب.

سبحان الله ما أروعها من لحظات، وما أجلها من تجليات، تنطلق بالعبد بعيداً عن فجاج الأرض، ذات الطول والعرض.

فيا عبد الله ويا أمة الله: بالله أي حج نتقلب في مشاعره وقد غابت عنا معالم الروحانية، وأي مناسك نؤديها ونرجو نتاجها ونحن نسير إليها بأبداننا، ولم تتحرك لها قلوبنا أو تصنع فيها أثراً.

والله ما المحروم حقاً إلا من لم يذق روحانية الحج، ولذة العج والثج، وسار يتقلب بين تلك المناسك بجسده، وقلبه يهيم في وأدي الغرام والعشق.

نسأل الله لا يحرمنا خير ما عنده بسوء ما عندنا، وأن يرحمنا ضعفنا، وأن يتولى أمرنا.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، مدبر الخلائق أجمعين، باعث الرسل صلواته وسلامه عليهم لهداية الثقلين، وبيان الهدى وشرائع الدين، والصلاة والسلام على من جمع الله به شعث البشرية، ووحد به كيان الإنسانية، وحمل مشعل الوحدانية ولم به فرقة العربية، وعلى آله وصحبه الكرام البررة، وسلم تسليماً كثيراً..وبعد:

فيا رب: إليك وإلا لا تشد الركائب.

ومنك وإلا فالمؤمل خائب.

وفيك وإلا فالغرام مضيع.

وعنك وإلا فالمحدث كاذب.

عباد الله:

وإلى عرفات وما أدراك ما عرفات، هل سمع الكون بمشهد يأسر القلب، ويسبل الدمع مثل عرفات.

هل عرفت الدنيا مكاناً تتصدع له الأفئدة، وتنكسر عند عتباته النفوس، وتخضع وتذل ببابه الرقاب كيوم عرفة.

وأروني بالله موقفاً تذوب فيه الطبقية، ويصير الناس سواسية، وإن كانوا من أصقاع شتى، وبطون متفرقة، لباسهم واحد، ونداءهم واحد، وصعيدهم واحد، وهمهم واحد أن يرضي الله عنهم أِشبه بعرفات.

في عرفات لا يقع بصرك في مكان، إلا وترى فيه عابدًا يتبتل، ومذنبًا يتوجع، ومؤمنًا يخشع، ومصليًا يركع، وعاصيًا ذا عين تدمع، فكأنه بحيرة قدسية تغسل الآثام، وتمسح الخطايا، وتمحو السيئات.

الناس حولك حاسرين رؤوسهم، منكسين وجوههم، الكل في ضراعة وابتهال، ذاك يترنم بآيات ربه، وذاك يسكب عبرات خوفه وشفقته، وثالث جالس يناجي خالقه ويشكوى إليه ضره، وآخر قد ألهب الشوق قلبه، يتطلعون لمغفرة ربهم ورضوانه، ورحمته وسلوانه، فيوم عرفة يوم العتق من النار، يوم المباهاة بأهل الموقف، يباهي الله -عز وجل- بهم ملائكته ففي صحيح مسلم من حديث عَائِشَةُ -رضي الله عنه- أنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ((مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاءِ))( ) . وفي رواية للإمام أحمد : ((انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا)).

فيدن به الجبار جل جلاله ** يباهي بهم أملاكه فهو أكرم

يقول عبادي قد أتوني محبة ** وإني بهم بر أجود وأرحم

وأشهدكم أني غفرت ذنوبهم ** وأعطيتهم ما أملوه وأُنعم

فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي ** به يغفر الله الذنوب ويرحم

لقد كان للرعيل الأول مع يوم عرفة مواقف ذات عبر، فمشهد عرفات المهيب يبعث في نفوسهم كوامن الشجن، وزفير الدمعات، ونشيج الخوف فهذا مطرف بن عبد الله، وبكر المزني لما وقفا بعرفة، قال أحدهما: اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي، وقال الآخر: ما أشرفه من موقف وأرجاه لولا أنّي فيهم!13

وروي عن الفضيل بن عياض أنه وقف بعرفة والناس يدعون، وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة، فلما كادت الشمس أن تسقط قبض على لحيته ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: "واسوأتاه منك وإن عفوت".

قال ابن محبوب: ما رأيت خائفاً إلا رجلاً واحداً، كنت بالموقف فرأيت شاباً مطرقاً منذ وقف الناس إلى أن سقط القرص، فقلت له: يا هذا ابسط يدك للدعاء، فقال لي: ثَمَّ وحشة، فقلت له: فهذا يوم العفو عن الذنوب قال: فبسط يده ووقع ميتاً.14

وكان أبو عبيدة الخواص يقول في الموقف: واشوقاه إلى من يراني ولا أراه، وكان بعد ما كبر يأخذ بلحيته ويقول: يا رب، قد كَبرتُ فأعتقني، وكان ينشد وهو واقف بعرفة:

سبحان من لو سجدنا بالعيون له *** على شبا الشوك والمحمى من الإبر

لم نبلغ العشر من معشار نعمته *** ولا العشير ولا عشراً من العشر

هو الرفيع فلا الأبصار تدركه *** سبحانه من مليك نافذ القدر15

عباد الله:

في عرفات ينسى المؤمن الدنيا وما فيها من متاع، ويهجر الحياة بما تحويه من ترف وملذات، لا يهمه لفح الهجير، أو وهج الشمس، ولا يمنعه شدة برد، أو هطول مطر؛ لأنه خرج من نطاق البشرية إلى رحاب الروحانية؛ لأنه انسلخ من هزال المادية إلى عالم الرهبانية؛ لأنه تجرد من متع الدنيا وحضيضها؛ ليصعد بروحه إلى الملأ الأعلى من الملائكة، وينتظم في صفوف الأبرار.

عرفات يذكرك بوقوفك على العرصات، عند القيام لرب الأرض والسموات، فيستشعر العبد المشهد العظيم، والحشر العظيم، والهول العظيم في يوم القيامة :{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}،16

إنه يومٌ من أيام الله العظيمة.

إنه مشهدُ من المشاهد التي تحيي القلوب الميتة، وتوقظ العقول الغافلة، وتحيي الأنفس التي كثر عليها الران فانشغلت بالدنيا وضربت عليها الغفلة.

اعلم أخي المسلم أن يوم عرفات هو يوم التعرض لنفحات الله، وموسم التوبة، والإنابة والأوبة لله -عز وجل– تذكر يا عبد الله كم أسرفت على نفسك في المعاصي؟ وكم قصرت في حق الله - عز وجل - من الواجبات؟ وكم تركت من المندوبات والمستحبات؟ وكم غرقت في الشهوات؟ .. تذكر؛ فإن هذا الموقف موقف تذكّرٍ واتعاظٍ واعتبار، وتوبة واستغفار.

فلله ذاك الموقف الأعظم الذي *** كموقف يوم العرض بل ذاك أعظم

عباد الله

إن الاجتماع في هذا الصعيد عظيم ، ودلالاته عديدة، إنه أمرُ تحتاج الأمة أن تتنبه إليه، وقد كثرت بينها الشقاقات، وتعاظمت الخلافات، وكثرت النِّزاعات، ذلك أن القلوب لم تكن مخلصةَ لله- عز وجل-، وأن الغايات لم ترتبط برضوان الله -عز وجل-، وهنا يكثر البلاء، ويعظم العناء، ولا حل ولا نجاة إلا بالعودة لله -عز وجل-.

فهنيئاً لك أخي الحاج:

يا من رزقك الله الوقوف بعرفة بجوار قوم يجأرون إلى الله بقلوب محترقة ودموع مستبقة، فكم فيهم من خائف أزعجه الخوف وأقلقه، ومحب ألهبه الشوق وأحرقه، وراج أحسن الظن بوعد الله وصدقه، وهارب لجأ إلى باب الله وطرقه، فكم هنالك من مستوجب للنار أنقذه الله وأعتقه، ومن أعسر الأوزار فكه وأطلقه، وحينئذ يطلع عليهم أرحم الرحماء، ويباهي بجمعهم أهل السماء، ويدنو ثم يقول: ما أراد هؤلاء؟ لقد قطعنا عند وصولهم الحرمان، وأعطاهم نهاية سؤلهم الرحمن.

أيها المسلمون:

وأما يوم رمي الجمرات فتتجلى فيه آيات الانقياد والرق والعبودية لله الواحد القهار، حينما يتشبه الحجاج بأبي الأنبياء إبراهيم -عليه السلام- في رمي الجمرات، يوم عرض له إبليس لعنه الله؛ ليصده عن ذبح ابنه في ذلك الموضع، فأمره الله -عز وجل- أن يرميه بالحجارة طرداً له وقطعاً لأمله، فرجع خائب الرجاء خسئاً، وأنت وإن كنت ترمي في الظاهر الحصى إلى العقبة، لكنك في حقيقتك ترمي به وجه الشيطان، وتقصم به ظهره؛ إذ لا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك أمر الله سبحانه وتعالى؛ تعظيمًا له بمجرد الأمر من غير حظ للنفس والعقل فيه.

وها هو الحاج في أخر نسك يتقرب به إلى الله وهو ذبح الهدي الذي يعد من أعظم القربات التي يتقرب بها الحاج إلى الله تعالى، فإنه سبحانه يعتق بكل جزء منه جزءاً منك من النار، لسان حاله {إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}17

عباد الله:

لعل من علامات قبول الحج أن يعود الحاج وقد ازداد زهدًا في الدنيا، وإقبالاً على الآخرة، ويعود أرقّ فؤادًا، وأزكى نفسًا، وأخشى قلبًا، يعود وقد أدرك أنه هاجر بحجة إلى الله تبارك يقول الحسن: الحج المبرور، أن ترجع وأنت زاهداً في الدنيا، طامعاً في الآخرة.

فيا أيها الحجاج: فرغوا قلوبكم من الدنيا ولبوا قولوا: ((لبيك))، تلبي معكم بطاح عرفات وجبال مكة، وتلبي معكم أرواح المسلمين الذين ذهبوا للقاء ربهم، وتلبي معكم ذراريكم وهي في عالم الغيب، فيأتي منها إن شاء الله جيل يمحو عنا أوضار الهزيمة، يمحو عنا آثار الانقسام، يأتي جيل من أصلابنا يكون خيراً منا، يسترد من أرضنا ما أضعنا، ويكمل من بنائنا ما هدمنا أو نقصنا.

هذي ضيوفـك يـا إلهي تبتغـي *** عفوا وترجو ســابغ البركات

غصـت بهم في حلـهم ورحيلهم *** رحب الوهـاد وواسع الفلوات

تركوا وراء ظهورهم دنيا الورى *** وأتوك في شوق وفي إخبـات

وفدوا إلى أبواب جودك خشعـا *** وتزاحموا في مهبط الرحمـات

فاقبل إله العرش كل ضراعــة *** وامــح الذنوب وكفر الزلات

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

1 (27) سورة الحـج

2 التبصرة لابن الجوزي (2/140).

3 سورة الحـج (27).

4 سورة الحـج (27).

5 سورة آل عمران(96).

6 المدهش (1/148).

7 سير أعلام النبلاء، (10/58).

8 سورة السجدة (16)

9 سورة فاطر (29).

10 سورة فاطر (30).

11 سورة الطلاق (2-3).

12 (158) سورة البقرة

13 صفوة الصفة (3/248).

14 المدهش (1/147)

15 المدهش (1/147)

16 (6) سورة المطففين

17 (162) سورة الأنعام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تجليات روحانية في الحج
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1



صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع الفرقان :: المقالات والشخصيات والقصص :: الخطب والمحاضرات :: الخطب-
انتقل الى: