أقسام الطلاق
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، وأصلي وأسلم على أكرم رسله، وخير خلقه، أما بعد:
إن المتأمل في حال المجتمعات الإسلامية يلحظ تزايداً مطردا في نسب الطلاق، حتى وصلت النسب إلى مستوً لا يمكن تقبله في بعض البلدان الإسلامية، ولعل من جملة الأسباب التي أدت إلى ذلك جهل كثير من الناس بأحكام الطلاق، ومتى يقع الطلاق، ومتى لا يقع، وألفاظه إلى غير ذلك، وبناء عليه كان لا بد من إطلالة فقهية على بعض أحكام الطلاق، ومن تلك الأحكام معرفة أنواع الطلاق وأقسامه، ويمكن أن يقسم الطلاق إلى أقسام عدة باعتبارات عدة، فنقول:
أولا: أقسام الطلاق من حيث الصفة:
الطلاق السني: وهو أن يطلق الرجل المرأة فى طهر لم يجامعها فيه طلقة واحدة ويتركها حتى تنقضي عدتها فلا يطلقها طلقة أخرى وهي لا زالت في العدة، قال ابن قدامة: "ولا خلاف في أنه إذا طلقها في طهر لم يصبها فيه , ثم تركها حتى تنقضي عدتها , أنه مصيب للسنة , مطلق للعدة التي أمر الله بها . قاله ابن عبد البر , وابن المنذر"1.
الطلاق البدعي: وهو أن يطلق الرجل امرأته وهي حائض أو نفساء، أو فى طهر قد جامعها فيه, أو يطلقها ثلاثاً في كلمة واحدة فيقول: أنت طالق ثلاثاً، أو ثلاثاً في كلمات متفرقة فيقول: أنت طالق، طالق، طالق.
والطلاق البدعي كالسني عند عامة أهل العلم من حيث وقوعه، ومن أهل العلم من لا يوقعه، وليس المقام هنا مقام تفصيل لذلك، إذ المقصود بيان أقسام الطلاق كما تقدم.
ثانيا: أقسام الطلاق من حيث الرجعة وعدمها:
الطلاق الرجعى: وهو ما يملك معه الزوج حق مراجعة مطلقته في عدتها من غير استئناف عقد جديد، وهو ما كان دون الثلاث في المدخول بها، وبدون عوض، فيثبت له حق الرجعة ما دامت في عدتها، ويكفيه أن يقول لها: "لقد راجعتك".
الطلاق البائن: وهو الذى لا يملك المطلق معه حق الرجعة ، ويقع الطلاق بائناً في صور هي:
1- أن يطلقها طلاقاً رجعياً، فلا يراجعها حتى تنقضي عدتها.
2- أن يطلقها على مال تدفعه مخالعة.
3- أن يطلقها قبل الدخول بها.
4- أن يطلقها ثلاثاً في كلمة واحدة، أو متفرقات في المجلس، أو يطلقها ثالثة بعد اثنتين قبلها؛ فتبين منه بينونة كبرى، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
ثالثا: أقسام الطلاق من حيث الصيغة:
الطلاق الصريح: وهو ما لا يحتاج المطلق معه إلى نية الطلاق، بل يكفي فيه لفظ الطلاق الصريح كأن يقول: "أنت طالق"، أو"طلقتك" أو نحو ذلك، فمتى ما نطق باللفظ الصريح للطلاق وقع الطلاق ولو قال لم أنو به الطلاق.
الطلاق الكناية: وهو ما يحتاج فيه إلى نية الطلاق, إذ اللفظ غير صريح فى الدلالة عليه كأن يقول: "الحقي بأهلك"، أو غير ذلك، فهنا لا بد في وقوع الطلاق من نية الطلاق، فلو قال لم أنو بهذا اللفظ الطلاق قبل منه ولم يقع طلاقا.
رابعا: أقسام الطلاق من حيث التنجيز والتعليق:
الطلاق المنجز: هو ما تطلق به الزوجة فى الحال، كقوله: "أنت طالق"، فلا يعلق وقوع الطلاق على أمر ما .
الطلاق المعلق: هو ما رتب وقوع الطلاق فيه على حصول أمر في المستقبل، بأداة من أدوات الشرط مثل إن، وإذا ، ومتى، ولو ونحوها، كأن يقول الرجل لزوجته: إن دخلت دار فلان فأنت طالق، أو إذا سافرت إلى بلدك فأنت طالق، أو إن خرجت السوق فأنتي طالق، أو متى زرت فلانة فأنت طالق، فلا يقع الطلاق إلى عند حصول ذلك الأمر.
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
1 المغني (7/278).