الآثار الواردة في عقيدة اليهود في الإيمان باليوم الآخر
الآثار:
المبحث الأول : وروده في شريعتهم:
قولـه تعالى: {إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنْ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى = 73 } [سورة طـه 20/73]
18269 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق {وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} خير منك ثواباً، وأبقى عذاباً. ([1])
18270 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب، ومحمد بن قيس في قول الله: {وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} قالا: خيراً منك إن أطيع، وأبقى منك عذاباً إن عصي. ([2])
18271 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، في قوله: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى} [سورة طـه 20/75] قال: عدن. ([3])
المبحث الثاني:زعمهم أن ذنوبهم مغفورة في الآخرة
قولـه تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ = 169 } [سورة الأعراف 7/169]
11902 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قوله: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ}.. إلى قوله: {وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} قال: كانت بنو إسرائيل لا يستقضون قاضيا إلا ارتشى في الحكم. وإن خيارهم اجتمعوا فأخذ بعضهم على بعض العهود أن لا يفعلوا ولا يرتشوا، فجعل الرجل منهم إذا استقضي ارتشى، فيقال له: ما شأنك ترتشي في الحكم؟ فيقول: سيغفر لي! فيطعن عليه البقية الآخرون من بني إسرائيل فيما صنع. فإذا مات أو نزع، وجعل مكانه رجل ممن كان يطعن عليه فيرتشي، يقول: وإن يأت الآخرين عرض الدنيا يأخذوه. وأما عرض الأدنى، فعرض الدنيا من المال. ([4])
11903 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قوله: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا} يقول: يأخذون ما أصابوا، ويتركون ما شاؤوا من حلال أو حرام، ويقولون: سيغفر لنا. ([5])
11904 - وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى} قال: الكتاب الذي كتبوه، ويقولون: {سَيُغْفَرُ لَنَا} لا نشرك بالله شيئا. {وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} يأتهم المحق برشوة، فيخرجوا له كتاب الله ثم يحكموا له بالرشوة. وكان الظالم إذا جاءهم برشوة أخرجوا له المثناة، وهو الكتاب الذي كتبوه، فحكموا له بما في المثناة بالرشوة، فهو فيها محق، وهو في التوراة ظالم، فقال الله: {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} ([6])
المبحث الثالث : إيمانهم بالموت والبعث
قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [سورة الأعراف 7/187]
11999 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، قال: ثني سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال: قال حمل بن أبي قشير وسمول بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا محمد أخبرنا متى الساعة إن كنت نبيا كما تقول، فإنا نعلم متى هي ! فأنزل الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي}.. إلى قوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} ([7])
قولـه تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنْ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ = 96 } [سورة البقرة 2/96]
1318 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد فيما يروي أبو جعفر، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما : {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا} وذلك أن المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت فهو يحب طول الحياة، وأن اليهودي قد عرف ما له في الآخرة من الخزي بما ضيع مما عنده من العلم. ([8])
1322 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} حتى بلغ: {لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} يهود أحرص من هؤلاء على الحياة، وقد ود هؤلاء لو يعمر أحدهم ألف سنة. ([9])
1328 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما : {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنْ الْعَذَابِ} فهم الذين عادوا جبريل عليه السلام . ([10])
قولـه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنْ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ = 13 }
26376- حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: {لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنْ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}... الآية، قال: قد يئس هؤلاء الكفار من أن تكون لهم آخرة، كما يئس الكفار الذين ماتوا الذين في القبور من أن تكون لهم آخرة، لما عاينوا من أمر الآخرة، فكما يئس أولئك الكفار، كذلك يئس هؤلاء الكفار؛ قال: والقوم الذين غضب الله عليهم، يهودهم الذين يئسوا من أن تكون لهم آخرة، كما يئس الكفار قبلهم من أصحاب القبور، لأنهم قد علموا كتاب الله وأقاموا على الكفر به، وما صنعوا وقد علموا. ([11])
قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ = 94 } [سورة البقرة 2/94]
1296-حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثام بن علي، عن الأعمش، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} قال: لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه. ([12])
1308 - حدثني القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: {فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} وكانت اليهود أشد فرارا من الموت، ولم يكونوا ليتمنوه أبداً. ([13])
المبحث الرابع : إيمانهم بالحساب
قولـه تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ = 75 } [سورة آل عمران 3/75]
5744 - حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} قال: يقال له: ما بالك لا تؤدي أمانتك؟ فيقول: ليس علينا حرج في أموال العرب، قد أحلها الله لنا. ([14])
5748 -حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن صعصعة، قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما : إنا نغزو أهل الكتاب، فنصيب من ثمارهم؟ قال: وتقولون كما قال أهل الكتاب: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} ([15])
5749 -حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق الهمداني، عن صعصعة: أن رجلاً سأل ابن عباس رضي الله عنهما فقال: إنا نصيب في الغزو - أو العذق، الشك من الحسن - من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة، فقال ابن عباس: فتقولون ماذا؟ قال نقول: ليس علينا بذلك بأس. قال: هذا كما قال أهل الكتاب: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم. ([16])
المبحث الخامس : إيمانهم بالجنة والنار
قوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموت والأرض} [سورة آل عمرن 3/133]
6213 -حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا جعفر بن عون، أخبرنا الأعمش، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال: جاء رجل من اليهود إلى عمر _، فقال: تقولون: جنة عرضها السموات والأرض أين تكون النار؟ فقال له عمر: أرأيت النهار إذا جاء، أين يكون الليل؟ أرأيت الليل إذا جاء، أين يكون النهار ؟ فقال: إنه لمثلها في التوراة، فقال له صاحبه: لم أخبرته؟ فقال له صاحبه: دعه إنه بكل موقن. ([17])
6214 -حدثني أحمد بن حازم، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: ثنا جعفر بن برقان، قال: ثنا يزيد بن الأصم أن رجلا من أهل الكتاب أتى ابن عباس رضي الله عنهما ، فقال: تقولون جنة عرضها السموات والأرض، فأين النار؟ فقال ابن عباس: أرأيت الليل إذا جاء، أين يكون النهار؟ وإذا جاء النهار، أين يكون الليل؟ ([18])
قولـه تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ = 111 } [سورة البقرة 2/111]
1493 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ} قال: أماني تمنوا على الله بغير الحق. ([19])
1157 حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: {وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً} [سورة البقرة 2/80] قال: قالت اليهود: إن الله يدخلنا النار فنمكث فيها أربعين ليلة، حتى إذا أكلت النار خطايانا واستنقتنا، نادى مناد: أخرجوا كل مختون من ولد بني إسرائيل، فلذلك أمرنا أن نختتن. قالوا: فلا يدعون منا في النار أحداً إلا أخرجوه. ([20])
1158-حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قال: قالت اليهود: أن ربنا عتب علينا في أمرنا، فأقسم ليعذبنا أربعين ليلة، ثم يخرجنا. فأكذبهم الله. ([21])
الدراسة:
الإيمان باليوم الآخر وما فيه أمر بُعث به جميع الرسل قال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [سورة البقرة 2/177]
وقال عن السابقين لبعثة محمد {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ = 62 } [سورة البقرة 2/62]
ودعوة موسى إلى بني إسرائيل لا تخرج عن هذا فالآيات التي فيما يقوله موسى {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى = 55 } [سورة طـه 20/55]
وما ذكره الله عنهم يدل على إيمانهم بالبعث, والجنة والنار, وأنهم لن يدخلوها إلا أربعين يوماً, وأن الجنة مقصورة عليهم, وأن أولادهم سيشفعون لهم, إلى غير ذلك مما تناولناه مفصلاً في فصول سابقة، ولكن المؤلفين في اليهود واليهودية، ومعتقداتهم, يذكرون عدم إيمانهم باليوم الآخِر, وخلو كتبهم المعتمدة منه سواء, التوراة المحرفة أو ما دونها "فقد خلت الكتب الإسرائيلية من ذكر البعث واليوم الآخر، فالأرض السفلى هي الهاوية التي تهوي بالأجسام بعد الموت، ولا نجاة منها لميت، وأن الذي ينزل إلى الهاوية لا يصعد." ([22])
وهذا مستغرب على أهل ديانة حكى الله عنهم كلامهم في البعث والجنة والنار وخاصة المعاصرين لنبينا صلى الله عليه وسلم حين قال بعضهم: يا محمد أخبرنا متى الساعة إن كنت نبياً كما تقول، فإنا نعلم متى هي. وفي حديث ثوبان _ ، قال: سأل حبر من اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: أين الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض؟ قال: ((هم في الظلمة دون الجسر.)) ([23]) وفي رواية أبي أيوب _ قال: ((أتى النبي صلى الله عليه وسلم حبر من اليهود، وقال: أرأيت إذ يقول الله في كتابه: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ = 48 } فأين الخلق عند ذلك؟)) قال: ((أضياف الله فلن يعجزهم ما لديه.)) ([24]) وكما روي عن سلمة بن سلامة بن وقش _ قال: ((كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل قال فخرج علينا يوماً من بيته حتى وقف على بني عبد الأشهل قال سلمة:- وأنا يومئذ حدث علي بردة لي مضطجع فيها بفناء أهلي- فذكر القيامة والبعث والحساب والميزان والجنة والنار، قال فقال ذلك في أهل يثرب والقوم أصحاب أوثان لا يرون بعثاً كائناً عند الموت، فقالوا لـه ويحك أترى هذا كائناً يا فلان إن الناس يبعثون بعد موتهم إلى جنة ونار، ويجزون فيها بأعمالهم، قال: نعم والذي يحلف به، قالوا يا فلان ويحك وما آية ذلك، قال نبي مبعوث من نحو هذه البلاد وأشار بيده إلى مكة، قالوا ومتى نراه قال فنظر إلي وأنا أصغرهم سناً فقال إن يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه، قال سلمة: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله تبارك وتعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حي بين أظهرنا فآمنا به وكفر بغياً وحسداً فقلنا لـه :ويحك يا فلان ألست الذي قلت لنا فيه ما قلت، قال: بلى ولكنه ليس به.)) ([25])
و يقول العلامة صديق حسن خان رحمه الله في معرض الكلام عن الإيمان باليوم الآخر عند أهل الكتاب قال: "كما يحكى ذلك عن كتب الله المنزلة على رسله وتحكيه أيضاً كتبهم المؤلفة من أحبارهم ورهبانهم فإنه لا خلاف بينهم في المعاد وفي النعيم المعد لأهل الجنة كما حكاه الكتاب العزيز وقد أوردنا ...كثيراً من نصوص التوارة والإنجيل والزبور وسائر كتب نبوات بني إسرائيل ولم يشذ منهم إلا اليهودي الزنديق موسى بن ميمون الأندلسي وقد تبرأ منه قدماء اليهود وأخرجوه من دينهم." ([26])
و في القرآن الكريم لا تكاد تخلو سورة من ذكر متعلّقاته أو التذكير بها، من بعث وحساب وجزاء، وما يليه من عقاب وثواب. وانعدام إيمانهم باليوم الآخر، أوجد لديهم الصفات السلبية، التي اتصفوا بها على مرّ العصور، مثل الحرص على الحياة، والجبن، والبخل، والسعي وراء الكسب المادي، وانعدام المبادئ والقيم والصفات البشرية المحمودة.
والذي توضحه النصوص: أنهم يعرفونه و يجحدونه فعدم عملهم له وظهور ذلك في تصرفاتهم من معصية لله وكتابه ورسوله : هو عدم الإيمان به، ومهما بذلوا وحرصوا على هذه الدنيا فنهايتهم كما قال الله عز وجل : {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [سورة البقرة 2/96]
-------------------------------------------------------------
([1]) تفسير ابن كثير ( 3 / 160 ) إسناده ضعيف.
([2]) تفسير الدر المنثور ( 5 / 587 ) - تفسير ابن كثير ( 3 / 160 )
([3]) - تفسير الطبري ( 16 / 190 )
([4]) تفسير الدر المنثور ( 3 / 594 ) - تفسير ابن كثير ( 2 / 261 ) حسنه في التفسير الصحيح (2/281)
([5]) تفسير الطبري ( 9 / 107 ) - تفسير الدر المنثور ( 3 / 593 ) إسناده ضعيف
([6]) تفسير الطبري ( 9 / 107 ) - تفسير القرطبي ( 7 / 312 )
([7]) تفسير الطبري ( 9 / 137 ) - تفسير الدر المنثور ( 3 / 619 ) - تفسير ابن كثير ( 2 / 562 )
([8]) تفسير الطبري ( 9 / 108 ) تفسير ابن أبي حاتم ( 1 / 179 ) - تفسير الدر المنثور ( 1 / 221 ) - تفسير ابن كثير ( 1 / 130 ) إسناده ضعيف.
([9]) تفسير الطبري ( 9 / 108 ) تفسير ابن كثير ( 1 / 130 )
([10]) تفسير الطبري (1/431) إسناده ضعيف
([11]) - تفسير الطبري ( 28 / 82 ) مصنف ابن أبي شيبة عن عكرمة بمعناه ( 7 / 216 )
([12]) تفسير الطبري ( 1 / 424 ) - تفسير ابن أبي حاتم ( 1 / 177 ) - تفسير الدر المنثور ( 1 / 220 ) - تفسير ابن كثير ( 1 / 128 ) صححه في التفسير الصحيح (1/199)
([13]) - تفسير ابن كثير بمعناه عن الحسن ( 1 / 128 )
([14]) تفسير الطبري ( 3 / 318 ) - تفسير الدر المنثور ( 2 / 244 )
([15]) - تفسير الطبري ( 3 / 319 ) مصنف ابن أبي شيبة عن مجاهد نحوه ( 6 / 504 )
([16])تفسير الطبري ( 3 / 319 ) تفسير عبد الرزاق ( 1 / 124 ) - تفسير الدر المنثور ( 2 / 244 ) - تفسير ابن كثير ( 1 / 375 )
([17]) - تفسير الطبري ( 4 / 92 ) - تفسير الدر المنثور ( 2 / 315 )
([18]) - تفسير الطبري ( 4 / 92 ) تفسير الدر المنثور ( 2 / 315 )
([19]) تفسير الطبري ( 1 / 492 ) تفسير ابن أبي حاتم ( 1 / 207 ) الدر المنثور عن أبي العالية ( 1 / 263 )
([20]) تفسير الطبري (1/381)
([21]) تفسير الطبري ( 1 / 381 ) وحسن إسناده الحافظ في الفتح (6/366).
([22]) اليهود واليهودية -على عبد الواحدوافي1/46 واليهودية لأحمد شلبي 199
([23]) رواه مسلم ضمن حديث طويل ( 1 / 252 )
([24]) - تفسير الدر المنثور ( 5 / 58 ) وقال أخرجه أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل وقال ابن حجر (رجاله موثقون) فتح الباري ج11/ص375
([25]) رواه الإمام أحمد 3/467 رواه الحاكم في المستدرك (3/471)وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
([26]) موسى بن ميمون الرئيس أبو عمران القرطبي اليهودي الطبيب المفتن في العلوم كان رئيسا على اليهود بمصر وكان أوحد أهل زمانه في الطب وكان السلطان صلاح الدين يستطبه وكذلك ولده الأفضل (فوات الوفيات للكتبي ج:2 ص:537 ولكن الذي نقل عنه غير ذلك في ما سماه اصول الايمان قولهSadانا أؤمن ايمانا كاملا بأن الخالق تبارك اسمه ,يجزي الحافظين لوصاياه , ويعاقب المخالفين لها ..وأؤمن بقيامة الموتى,في الوقت الذي تنبعث فيه إرادة الخالق)الفكر الديني اليهودي د.حسن ظاظا ص134-135. ولعله من مخادعة اليهود وتبديلهم حسب الأهواء ولذلك قال صديق خان ’: (وقد وقع لهذا الملعون من تحريف كثير من التوراة ما يدل على إلحاده وزندقته وقد رددت ما حرفه وأوضحته بأتم إيضاح وأما يهودعصرنا فصاروا يعظمونه وذلك لجهلهم بحقيقة الحال وقد ذكرت لجماعة من أحبارهم بعض تحريفاته فلعنوه وتبرأوا منه) أبجد العلوم:1/ 19-20