ما ضوابط تحدُّث البنت مع زوج أختِها، سواء أكانت مخطوبةً، أو غير مخطوبة، أو متزوجة؟
وكذلك أن يكون رَقْم هاتفها المحمول مع زوج الأخت؛ ليكلِّم والديها مِن خلاله لوجودها في بيت أهلها؟ وما العمل إذا أحضر والداها هاتفًا محمولًا خاصًّا بهما؟
الجواب
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبِه ومَن والاه، أما بعد:
فأحبُّ - أولًا - أن أنبِّه أخي الكريم على مسألةٍ قد تخفى على بعض الناس؛ وهي أن زوجَ الأختِ رجلٌ أجنبيٌّ عن أختِ زوجته، شأنُه في ذلك شأن بقيَّة الرجال الأجانب، فإن قيل: فإن الله قد قال في آية المحرَّمات من النساء: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 23].
فالجواب: أن الآية الكريمة ذكرتِ المحرَّمات من النساء، ومنه ما يحرم الجمع بين الأختين بالمصاهرة، فكلُّ واحدةٍ منهن وحدَها مباحةٌ، واجتماعُهما ليس مباحًا، ولا يدل هذا على أن زوج الأخت مَحْرَم لها، فإذا كان كذلك، فالواجبُ على أختِ الزوجة أن تتعامل مع زوج أختها كما تتعاملُ مع غيرِه من الرجال الأجانب؛ فلا يحلُّ لها أن يخلوَ بها؛ ففي الصحيحين، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي قال: ((لا يخلونَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا ومعها ذو مَحْرَم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي مَحْرَم))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلونَّ بامرأة ليس معها ذو مَحْرَم منها، فإن ثالثَهما الشيطان))؛ رواه أحمد.
ثانيًا: يجبُ عليها غضُّ البصر عنه؛ قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [النور: 30].
ثالثًا: أن تحرصَ على عدم الانبساط في الكلام معه، لما يجرُّ إليه مِن رفع الكلفة بينهما، وما يترتَّب على ذلك من أمورٍ محرَّمة، بل لا يتحادثانِ إلا لحاجةٍ تستوجب ذلك، وتكون المرأة جادَّةً في كلامها، ولتبتعد عن الكلام اللين الرقيق، وقد أمر الله بذلك أمهاتِ المؤمنين اللواتي لا يطمعُ فيهن طامعٌ، ولا يرف عليهن خاطر، وفي عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والصفوة المختارة من البشرية قال تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [الأحزاب: 32]؛ فاللهُ تعالى الذي خلَق الخلْقَ يعلمُ أن في صوتِ المرأة حين تتكسَّر وتترقق في اللفظ ما يُثِير الطمع، ويهيج الفتنةَ، ويعلم - سبحانه - أن القلوبَ المريضة التي تُثَار وتَطمَع موجودةٌ في كلِّ عهد وكل بيئة، وتجاه كل امرأة، ولو كانتْ زوج النبيِّ الكريم، وأمَّ المؤمنين.
رابعًا: عدم مُصافحته باليدِ؛ قالتْ عائشة - رضي الله عنها -: ((والله ما مسَّتْ يدُه يدَ امرأةٍ قط))؛ رواه البخاري.
وروى الطبراني في المعجم الكبير، عن مَعْقِل بن يَسَار، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لأنْ يُطعَن في رأسِ أحدكم بمِخْيَط من حديدٍ، خيرٌ له من أن يمسَّ امرأةً لا تحلُّ له))؛ صححه الألباني.
ويتبيَّن مما ذكرنا أنه لا بأسَ من وجود رقم الهاتف المحمول لأختِ الزوجة مع زوج أختها؛ ليكلِّم والديها على هاتفها؛ لوجودها في بيتِ أهلها، فإذا أحضر والداها محمولًا خاصًّا بهما، كلَّمَهما عليه، ولا يكلِّم أخت زوجته، إلا إذا دَعَتْ حاجة - كما ذكرنا - ووَفْقَ الضوابط المشار إليها.
وَفَّق الله الجميع لاتباع الكتاب والسنة