بسم الله الرحمن الرحيم
وافقتْ جهةٌ معينة على منحي قرضًا لتمويل مشروعٍ مُعَيَّنٍ، على أن أُسَدِّد المبلغ على أقساطٍ شهريةٍ لمدة عامين بفائدة 4%، مع العلم بأنَّ هذا المبلغ سوف يُرسَل على حسابي البنكي مباشرةً، وأنا مَن يقوم بشراء معينات العمل.
أفيدوني أعانكم الله؛ هل هذا يعدُّ مِن الربا؟
الجواب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فالذي يظهر مِن كلامك – أيها الأخ الكريم - أنَّ الجهة المذكورة تقوم بتمويل المشاريع عن طريق الإقراض بالربا؛ لأنها تقرض المبلغ، ثم تحصله منك بزيادةٍ على أصل المال بفائدة 4%، وهو ربا الديون المجْمَع على حُرْمَتِه، والمحرماتُ لا تُباح إلا عند الضرورةِ.
وحاجتك لإقامة مشروعٍ أو شراء آلاتٍ ليس مَوْضِع ضرورةٍ؛ فحدُّ الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقةٌ لا تحتمل، أو لا يتمكن المرءُ معها من تحقيق الحدِّ الأدنى مِن حياة الفقراء، وحيثُ زالت الضرورةُ فلا يجوز التعاملُ بالربا، ويرجع الأمر إلى أصله وهو: التحريمُ القاطع؛ لعموم الآيات والأحاديث الثابتة الدالة على تحريمه؛ قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [البقرة: 275، 276].
ولتعلمْ - أيها الأخ الكريم - أنَّ مَن ترَك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه، فاتقِ الله تعالى في نفسك وأهلك، وإياك أن تفتحَ عليهم باب الربا؛ فتقعوا - لا قدَّر الله - تحت عقاب الجبَّار؛
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة: 278، 279]
وفَّق الله الجميع