السؤال
1- إذا أَذِنَ شريكٌ لشريكه في بيعِ بيتٍ لهما، فهل يصح أن يبيع لنفسه دون موافقة الشريك الآخر؟
2- وإذا رمَّم أحدُ الشريكَينِ بيتًا، وبعد نهاية الترميم طلَب المرمم ثلث الفرق بين قيمة البيت قبل الترميم وبعده؛ مثلًا: تثمين البيت قبل الترميم = 600.000، وبعد الترميم = 690.000، فهل يصح للذي رمم البيت أن يأخذ 30.000؛ بحجة فكرة التطوير العقاري التي أسهمت في رفع قيمة المنزل، بناءً على كلامه، دون اتفاق مسبَق على ذلك؛ علمًا بأنه قد استوفى نصف قيمة تكلفة الترميم؟
وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فالذي يظهر أنَّ الشريك إنْ أذن لشريكه في البيع، فيصير الشريكُ وكيلًا عن شريكه، وقد اختلف العلماءُ في جواز بيع الوكيل لنفسه مِن نفسه، والظاهر أنه لا يجوز؛ لتضاد غرَض الوكيل مع غرضِ البائعِ الذي وَكَّلَهُ في البيعِ، فمعلومٌ - بَدَاهَةً - أنَّ وكيل البيع يستقصي في زيادة الثمن، وكونُه يريد الشراء يجعلُه يستقصي في نقصان الثمن، وهو خلافُ الغرض الذي وُكِّلَ مِنْ أجْلِه.
قال في "دقائق أولي النهى لشرح المنتهى" (2/ 194): "(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ وَكِيلٍ لِنَفْسِهِ) بِأَنْ يَشْتَرِيَ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، (وَلَا) يَصِحُّ (شِرَاؤُهُ مِنْهَا)؛ أَيْ: نَفْسِهِ (لِمُوَكِّلِهِ)؛ بِأَنْ وُكِّلَ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ، فَاشْتَرَاهُ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ; لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعُرْفِ فِي ذَلِكَ، وَكَمَا لَوْ صَرَّحَ فَقَالَ لَهُ: بِعْهُ أَوْ اشْتَرِهِ مِنْ غَيْرِكَ، وَلِلُحُوقِ التُّهْمَةُ لَهُ فِي ذَلِكَ، (إلَّا إنْ أَذِنَ) مُوَكِّلٌ لِوَكِيلِهِ فِي بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ، أَوْ شِرَائِهِ مِنْهَا، (فَيَصِحُّ) لِلْوَكِيلِ إذَا (تَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِيهِمَا كَأَبِ الصَّغِيرِ)، وَنَحْوِهِ". اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (5/ 84): "مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَشِرَاءُ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ)؛ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ وُكِّلَ فِي بَيْعِ شَيْءٍ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ نَفْسِهِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ نَقَلَهَا مُهَنَّا؛ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ جَوَازُ ذَلِكَ فِيهِمَا.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ: يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَا بِشَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَزِيدَا عَلَى مَبْلَغِ ثَمَنِهِ فِي النِّدَاءِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَتَوَلَّى النِّدَاءَ غَيْرُهُ.
وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى: أَنَّ الْعُرْفَ فِي الْبَيْعِ بَيْعُ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِهِ، فَحُمِلَتِ الْوَكَالَةُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ، فَقَالَ: بِعْهُ غَيْرَك، وَلِأَنَّهُ تَلْحَقُهُ التُّهمَةُ، وَيَتَنَافَى الْغَرَضَانِ فِي بَيْعِهِ نَفْسَهُ، فَلَمْ يَجُزْ...". اهـ.
أَمَّا ترميمُ أحدِ الشريكين للمنزل المشترَكِ بينهُما، فإنَّه يجب له أجرُ المثل فقط، وأجرُ المثل هو أن يعطَى العامِلُ أُجرةَ مثلِ ما قام به من العمل؛ أي: بأن يطلب من أهل الخبرة في مثل العمل الذي قام به العامل أن يُقَدِّروا المجهود الذي بذله، وما يُستَحَقُّ عادةً في مثل ذلك العمل.