ان الأديان جاءت لرحمة الإنسان عموما ولنصرته وما كانت ولن تكون منبعا ً للإيذاء والقهر والظلم .
فأنا أتكلم اليوم في قضية واحدة بعينها - رافضة حتى التلميح إلى أي من القضايا التي تدغدغ عقلي بين فينة وأخرى - قضية تشترك في شجونها أكثر من 800 ألف امرأة مسيحية ينتهك في كل لحظة وفي كل ثانية حقها في الميراث وكلنا يعلم أن الإرث الشرعي الإســلامي هو الذي يطبق على المسـيحيات ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) .
والحقيقة أن العيب ليس في هذا وإنما العيب وكل العيب أن تحرم المسيحية حتى من هذا الحق المسلم به جدلا .
و فكرة المشكلة ولبها :
في أن التزام أخوتنا المسلمين الذين نعز ونجل بهذا الإرث مرجعه الواعظ الديني والإيمان كل الإيمان بكتاب الله وسنة نبيه، و بالتالي ففي الامتناع - في الإيمان و الأخلاق- معصية و إثم وذنب .
أما بالنسبة للمسيحيين فالقضية لا تتعدى كونها مشكلة قانون لا عقاب جزائي رادع له، وبالتالي فإن الامتناع عن تطبيق نصوصه لا يعني للرجل المسيحي شيئا ً البتة فهذه ليست بمعصية وليست إثم .
فتجد مثلاً أن الريف المسيحي خلق لنفسه عرفا ً ، غالبا ً ما تحرم بموجبه الفتاة من إرث والدها أو شقيقها أو... وإن فكرت باللجوء إلى القانون فإن النبذ و القطيعة جزاؤها لخروجها عما اعتادت عليه الجماعة مما أخمد في صدور الكثيرات الشكوى وكبت حتى مجرد الفكرة في عقولهن .
وتاريخيا :
حاولت الكثير وصول إلى كيفية ووقت تم فيه التقسيم غير المبرر للقوانين التي تحكم شؤون المسيحيين ليصبح للرباط الزوجي للمرأة قانون خاص هو قانون الحق العائلي ولنفقتها قانون الحق العائلي و لـ... أما لإرثها قانون آخر لا علاقة له بمعتقدها الديني .
و لكني فشلت في هذا التنقيب ، إلا أن أحد المطلعين على الأمر أخبرني أن الدولة يوم سنت قانون الأحوال الشخصية . أرسلت إلى رجال الدين المسيحي مستطلعة رأيهم فيما يطلبونه من هذا القانون ، خاصة وأن لبنان أقرب بلد لنا عامل المسلم على أساس دينه والمسيحي على أساس دينه .
فكان الرد بما آل إليه الحال.
هذا الرد الذي خالف بكل بساطة تعاليم الإنجيل (( ليس عبد ولا حر ولا ذكر ولا أنثى , لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع ))( غل 3:28)
و(( فاثبتوا إذاً في الحرية التي حررنا المســـيح بها ولا ترتبكوا أيضاً بنير العبوديــة ))
فما السبب ؟ وأهواء من ، وافق هذا الوضع ؟.
أهي أهواء رجال الدين والمجلس الملي للكنائس ( وكلهم بلا صدفة ذكور ) أم هو انحياز إلى ذاك المبدأ الهزيل القائل أن توحيد التشريع في البلد الواحد يزيد اللحمة بين المواطنين من خلال خضوعهم لقانون واحد ومحكمة واحدة . والذي أؤمن كل الإيمان بعدم صحة هذا المبدأ الذي ينتج في النهاية ظلما لطائفة على حساب أخرى و يفرض عليها إيمانا ً بأشياء قد لا تؤمن بها ،و يخلق مجتمعاً ذو لون واحد تتطابق فيه الأديان والمعتقدات وهذا مخالف لطبيعة الخليقة .
كل الاحترام للقراء
وجل الاحترام للأديان التي أرادت الإنسان حرا
المحامية : زينة وليـــم ســـارة