كارثة علميّة في الكتاب المقدّس
علاء المجذوب الصباغ
– كليّة إدارة الأعمال- الجامعة اللبنانيّة الدوليّة
في زمن بلغ فيه العلم مبلغا من التقدّم و الرقيّ كان من الطبيعي إحداث نقلة نوعيّة في تصحيح العديد من المفاهيم الخاطئة التي كانت سائدة.
وقد بلغ العلم من القوة مبلغا جعله يقضي على كل ما يخالفه من المعتقدات و المفاهيم و النظريات التي سادت العقول لأزمنة عدّة. لذلك سخر الله عزّ و جل الإعجاز العلمي في القرأن الكريم كدليل واضح – يحاكي لغة العصر العلميّة- على أن القرأن الكريم هو كلام الله. ( و كل من يزعم أن هناك أخطاء في القرأن الكريم فليأتي بها) إذ أنّه لا تعارض بين الدّين الحق و العلم, فخالق هذه الحقائق العلميّة هو من أنزل هذا الدّين.
بداية يجب أن نعلم أن الكتب السماويّة تختلف في معاييرها و خصائصها عن الكتب الوضعيّة ( ما يكتبه البشر).
فمن أهم خصائص الكتب السماويّة انّه لا يمكن لكتاب سماوي ناتج عن الله أن يكون فيه أدنى مستويات الخطأ لأنّه كلام الله و الله كامل و الخطأ نقص و النقص محال على الله عزّ و جل. وبعد ذكر أهم خصائص الكتب السماوية لنقرأ هذا النص الوارد في الكتاب المقدّس: ( الكاثوليكة)(المكابيين الثاني)(Mac2-15-38)(فإن كنت قد أحسنت التأليف ووفقت منه، فذلك ما كنت أتمنى. وإن كان ضعيفا ودون الوسط، فإني قد بذلت وسعي).
(الكاثوليكة)(المكابيين الثاني+)(Mac2-15-39)(وكما أن شرب الخمر وحدها أو شرب الماء وحده مضر، وإنما تطيب الخمر ممزوجة بالماء وتعطي لذة وطربا، كذلك تنميق الكلام يطرب مسامع مطالعي السفر. إنتهى)
نحن لن نتناول في هذا المقال جزئية "أحسنت التأليف" و لن نخوض في معنى كلمة " التأليف" ومدلولاتها بل سنتكلّم عن جزئيّة " أو شرب الماء وحده مضر". يتضح لكل من يقرأ هذا النص أن الكتاب المقدّس يقر بوضوح أن شرب الماء وحده مضر, و لكن لنرى ما يقوله العلم – الذي لا وجهة نظر فيه بل حقائق- حول هذا الموضوع:
أثبتت الدراسات العلميّة أن الماء هو المادة الأوّليّة والأساسيّة المؤثّرة في الوظائف الحيويّة التي تحدث في الجسم و أن نقص الماء فزيولوجيا سيؤدّي إلى حالات مرضيّة.
كما أثبت العلم ان الجفاف (dehydration) الناتج عن نقص الماء في الجسم يسبب أمراض كثيرة مثل الرّبو (asthma), ضغط الدّم المفرط (hypertension)، التقرّحات (ulcers ) وإلتهاب المفاصل ( arthritis) لذلك الحل الوحيد لتجنّب هذه الأمراض هو شرب كميّات كافية من الماء يوميّاً.
يشكل الماء بمعدّل 60% من وزن جسم الإنسان وتعتمد عليه كل الأنظمة الحيويّة داخل الجسم من طرد السّموم إلى خارج الجسم ونقل المواد الغذائيّة لخلايا الجسم بالإضافة إلى توفير بيئة رطبة للأنف و الأذن وأنسجة الحنجرة.
و لكثرة ما لشرب الماء من فوائد – أثبتها العلم الحديث- يمكن ذكر بعضها و بإيجاز على الشكل التالي: • يفيد شرب الماء في منع الإصابة بالسكتة الدماغيّة: شرب الماء ضروري لمنع إنسداد شرايين القلب و الدماغ.
• يفيد شرب الماء في منع تلف الدماغ: تشكل المياه 85% من مكونات الدماغ و هو شديد التأثّر بنقص المياه و لو بنسبة 1% ، لذلك إن تدنّى مستوى المياه في الدماغ إلى 84% و لفترة طويلة فإن الدماغ لن يقوم بوظائفه بشكل طبيعي. هذا بالإضافة إلى أن الخلايا العصبيّة في الدماغ هي خلايا تعيش لمرّة واحدة و يمكن أن يؤدي نقص المياه في الدماغ إلى تلف الخلايا العصبيّة ممّا يؤدّي إلى نزيف و plaques التي هي أساس معظم الإضطرابات العصبيّة مثل تصلب الأنسجة المتعددة (Multiple sclerosis) و مرض الباركنسن(Parkinson's disease) و مرض النسيان (Alzheimer) . • يفيد شرب الماء في منع و علاج الإكتئاب(Depression) : يساعد الماء الجسم على إعادة إنتاج الناقل العصبي ""Serotonin . • يفيد شرب الماء في منع و علاج إضطرابات النوم (Sleep disorders) : الماء مادّة ضروريّة لإنتاج منظم النوم Melatonin"".
• يفيد شرب الماء في المحافظة على توازن الجسم الكيميائي ( Ph balance) . • يفيد شرب الماء في الحماية من مرض سرطان الدم Leukemia و سرطان الغدد الليمفاويّة Lymphoma .
هذا بالإضافة إلى الكثير من الفوائد التي لا مجال لحصرها و التي يمكن قراءتها على الروابط المذكورة في المراجع.
أخيراً و من بعد الإطلاع على ما جاء في الكتاب المقدّس و على ما أثبته العلم من حقائق علميّة متعلّقة بفوائد شرب الماء – و التي لا مجال لوجهات النظر حولها- يمكن تفسير ورود مثل هذا النص "(الكاثوليكة)(المكابيين الثاني+)(Mac2-15-39)(وكما أن شرب الخمر وحدها أو شرب الماء وحده مضر...)" في الكتاب المقدّس على النحو التالي: أولا : إمّا أن يكون الله مخطأ و لا يعلم حقيقة ما خلق –إن كان الكتاب المقدّس هو حقا كلام الله_ و تعالى الله عن هذا. ثانيا: إمّا أن يكون هذا الكتاب الذي يحمل في طيّاته على مثل هذه الإخطاء العلميّة الكارثيّة و بكل بساطة لاعلاقة له بالله (لأن الله كامل ولا يعتريه نقص).
و بعد كل ما تقدّم أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يفقهنا في ديننا فإن أصبت فبتوفيق من الله وإن أخطأت فمن نفسي
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.