توفي جدي حديثًا, وكان يعاني لأكثر من سنة من داء في بطنه - وهو السكر: أحد أمراض البنكرياس, وهو جزء من البطن - وقد أثَّر ذلك على أكثر من عضو من أعضائه - الكبد, والكلى - حتى أنه بترت أصابع رجله, وكانت ستبتر قدمه لولا أنه توفي - رحمة الله عليه - وقد أثَّر كل ذلك على قلبه؛ وقد توقف أكثر من مرة؛ إلى أن توفي - رحمه الله- فهل يعد جدي بذلك شهيدًا؟ مع العلم أنه توفي مبتسمًا رافعًا سبابته للتشهد، تفوح منه رائحة جميلة, ولكننا وصلنا للمستشفى متأخرين فلم نستطع إغلاق عينيه, وكان يبدو كأنه على قيد الحياة, وليس ميتًا أبدًا, فهل في ذلك شيء عليه؟ وما معنى تبعه البصر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الرحمة لجدكم, وأن يحسن عزاءكم فيه.
وأما هل يعد الميت بمثل هذا الداء شهيدًا .
أما إغماض عيني الميت فهو مستحب, ولا شيء على من عجز عنه.
وأما معنى: تبعه البصر فقد قال السيوطي في الديباج: إن الروح إذا قبض تبعه البصر, قال النووي: معناه إذا خرج الروح من الجسد تبعه البصر ناظرًا أين يذهب, قلت: وفي فهم هذا دقة, فإنه قد يقال: إن البصر يبصر ما دامت الروح في البدن, فإذا فارقه تعطل الإبصار كما يتعطل الإحساس, والذي ظهر لي بعد النظر ثلاثين سنة أن يجاب بأحد أمرين: أحدهما: أن ذلك بعد خروج الروح من أكثر البدن, وهي بعد باقية في الرأس والعينين, فإذا خرج من الفم أكثرها ولم ينته كلها نظر البصر إلى القدر الذي خرج, وقد ورد أن الروح على مثال البدن وقدر أعضائه, فإذا خرج بقيتها من الرأس والعين سكن النظر, فيكون قوله: إذا قبض معناه: إذا شرع في قبضه ولم ينته قبضه.
الثاني: أن يحمل على ما ذكره كثير من أن الروح لها اتصال بالبدن, وإن كانت خارجة, فيرى ويسمع ويعلم ويرد السلام, ويكون هذا الحديث من أقوى الأدلة على ذلك, والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم. اهـ
والله أعلم.