سمعت حديثا نبويا أخبرني به أحد الأشخاص, وأريد معرفة صحته من عدمها, وفي معناه أن الحاكم لو أخذ مالك وجلد ظهرك, لا يجوز الخروج عليه، وسمعت حديثا مفاده, أن اليهود ينقسمون إلى 73 شعبة كلها في النار, وكذلك النصارى, وتنقسم أمة محمد إلى 73 شعبة, 72 شعبة في النار, وواحدة في الجنة ـ أسأل الله العلي العظيم أن نكون وإياكم منهم ـ ونعرف الآن أنه يوجد سنة وشيعة, والشيعة ينقسمون إلى فرق كثيرة, والسنة إلى حنابلة ومالكية وشافعية وحنفية, ثم نجد أنه يوجد أيضاً سلفيون وإخوان ووهابية وتبليغ وجامية، وسؤالي: هل هذه هي الشعب التي أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عنها؟ أرجو التفصيل مأجورين ومشكورين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وقد قال ابن حجر في الفتح: الزم جماعة المسلمين وإمامهم ـ يعني ولو جار ويوضح ذلك رواية أبي الأسود ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك، وكان مثل ذلك كثيرا في إمارة الحجاج ونحوه قوله: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ـ بكسر الهمزة أي أميرهم، زاد في رواية أبي الأسود تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، وكذا في رواية خالد بن سبيع عند الطبراني: فإن رأيت خليفة فالزمه وإن ضرب ظهرك..اهـ.
وأما عن السؤال الثاني: فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي.
وفي بعض الروايات: هي الجماعة. رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم ـ وقال عنه ابن تيمية: هو حديث صحيح مشهور ـ وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وأما عن المراد بالفرق: فإن أتباع المذاهب الأربعة وجماعات أهل السنة التي ذكرت في السؤال ليست هي المرادة بها، وقد قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قال العلقمي: قال: شيخنا: ألف الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي، في شرح هذا الحديث كتاباً قال فيه: قد علم أصحاب المقالات أنه صلى الله عليه وسلم لم يُرد بالفرق المذمومة المختلفين في فروع الفقه، من أبواب الحلال والحرام، وإنما قصد بالذم من خالف أهل الحق في أصول التوحيد، وفي تقدير الخير والشر، وفي شروط النبوة والرسالة، وفي موالاة الصحابة، وما جرى مجرى هذه الأبواب، لأن المختلفين فيها قد كفر بعضهم بعضاً، بخلاف النوع الأول، فإنهم اختلفوا فيه من غير تكفير ولا تقسيم للمخالف فيه، فيرجع تأويل الحديث في افتراق الأمة إلى هذا النوع من الخلاف. اهـ.
والله أعلم.