حديث: استعينو على قضاء حوائكم بالكتمان وبشيء من الدلجة, فإن الأرض تطوى ليلا, هل هذا الكلام حديث واحد أم اثنان وما درجته, والأهم هل المقصود بطوي طيا أن الأرض تطوى فتصير مسيرة 100 ك 90 ك مثلا أم إن القصد هو الراحة في السفر ليلا لعدم وجود حر الشمس, وشاهدت فيلما وثائقيا عن البريد قديما فقيل إن الخيالة كانوا يقطعون ليلا ضعف المسافة التي يقطعونها نهارا. فهل هذا مقصد الحديث؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حديث: استعينوا على قضاء حوائجكم.. حديث مستقل رواه الطبراني في معاجمه الثلاثة وغيره بلفظ: استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود. وفي لفظ: على إنجاح الحوائج.." وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وأما عبارة "وشيء من الدلجة" فهي جملة من حديث رواه البخاري وغيره، ولفظه: إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة. وفي رواية " أنه-صلى الله عليه وسلم- قال: لن ينجي أحدا منكم عمله، قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة، سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا. وفي مستدرك الحاكم وغيره: عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل. صححه الألباني.
وروى مالك في الموطأ وغيره: إن الله تبارك وتعالى رفيق يحب الرفق ويرضى به ويعين عليه ما لا يعين على العنف، فإذا ركبتم هذه الدواب العجم فأنزلوها منازلها، فإن كانت الأرض جدبة فانجوا عليها بنقيها، وعليكم بسير الليل؛ فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار، وإياكم والتعريس على الطريق؛ فإنها طرق الدواب ومأوى الحيات.
فهذه كلها أحاديث مستقلة صحيحة.
وأما طي الأرض بالليل فقال عنه ابن عبد البر: معناه -والله أعلم- أن الدابة بالليل أقوى على المشي إذا كانت قد نالت قوتها واستراحت نهارها تضاعف مشيها، ولهذا ندب إلى سير الليل. والله أعلم.
وقال عنه ابن الأثير: تطوى.. " تُقْطَع مسافَتُها لأنَّ الإنسان فيه أنشطُ منه في النَّهار وأقدرُ على المَشْي والسَّير لعدَمِ الحرِّ وغيره.
وهذا المعنى هو ما أشرت إليه.
والله أعلم.