كيف نجمع بين من مات دون ماله فهو شهيد وأن حفظ النفس يقدم على حفظ المال؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجواب هذا الاشكال يندفع بأن مصلحة حفظ المال المتيقنة مقدمة على مصلحة حفظ النفس المظنونة، فمن جاءك يريد مالك فهذا يقين وذهاب نفسك إذا دافعته مظنون لأنك قد تسلم .
جاء في شرح منظومة القواعد الفقهية للشيخ سعد الشثري وقد سئل عن هذا السؤال فأجاب بما نصه :
نعم ورد في عدد من الأحاديث أن من قتل دون ماله فهو شهيد بل ورد في الحديث الآخر, أن النبي صلى الله عليه وسلم : سئل الرجل يأتي ليأخذ مالي ؟ قال : لا تعطه. قال : أريت إن قاتلني ؟ قال : قاتله . قال : أريت إن قتلته ؟ قال : هو في النار . قال : أريت إن قتلني ؟ قال : أنت شهيد .
فهنا لم يتعارض أصل مصلحة النفس بأصل مصلحة المال, وإنما تعارض ظن مصلحة النفس مع فوات مصلحة المال المتيقنة, فقدمت ؛ لوجود اليقين ؛ ولوجود الظن . فالتفاوت هنا من أجل اليقين والظن , هذا من جهة . الجهة الثانية : من دافع دون ماله , هو لا يعلم هل ستفوت نفسه ؟ أو لا تفوت ؟ لكن قرر العلماء بالإجماع : أن من دفع ماله جاز له ذلك , إذا كان فيه افتداء لنفسه , وأن حديث لا تعطه . وإن كان نهيا حملوه على غير محمل التحريم , واستدلوا على ذلك بالنصوص الواردة بحفظ النفوس . قالوا : والنهي هنا جاء بعد أمر , والنهي بعد الأمر لا يستفاد منه التحريم , عند كثير من أهل العلم . انتهى .
والله أعلم .